في الأيام الماضية، عقد، بعيداً من الإعلام، أكثر من لقاء بين الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل مع مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، لبحث قانون الانتخاب. لقاء من هذه الثلاثة حصل في بيت الوسط مع الرئيس الحريري، حيث جرى استعراض الصيغ المقترحة، وإمكانية إيجاد قواسم مشتركة. لكن هذه اللقاءات لم تصل إلى نتيجة نهائية، إذ إن الحريري مازال يرفض النسبية الكاملة. وهناك خلافات كثيرة في شأن الصيغ المختلطة.
وفق ما ينقل زوار الرئيس نبيه بري عنه، فإن لا جديد على صعيد قانون الانتخابات. وكذلك النائب وليد جنبلاط يؤكد أن لا جديد لديه، لأن البلد غارق في السلسلة والموازنة، ولا يبدو أن هناك تقدّم انتخابيّاً. ويكتفي جنبلاط بأنه أودع الصيغ المقبولة بالنسبة إليه والمعقولة بالنسبة إلى الجميع لدى الرئيس بري. وهو ينتظر إجابات الجميع عليها.
رئيس الجمهورية ميشال عون، يبدو راضياً عن إقرار التعيينات، وعن اقتراب إقرار الموازنة، فيما يؤرّقه قانون الانتخابات. ويعتبر عدم إقراره سيكون أولى الضربات القاسية لعهده. لذلك، ينتظر أياماً للانتهاء من الموازنة، وتخصيص جلسات مجلس الوزراء لبحث الصيغ الانتخابية والوصول إلى تسوية ترضي الجميع. وفي هذا السياق، تكشف المصادر أن عون يحتفظ بمبادرة قد يطرحها خلال الجلسات، وهي اعتماد النسبية الكاملة، في كل لبنان، مع تقسيم كل محافظة إلى دائرتين انتخابيتين. وبذلك، يكون قد طمأن جنبلاط بالنسبة إلى الشوف وعاليه، وطمأن الحريري في بيروت. لكن، حتى الآن، ليس هناك مواقف واضحة ازاء هذا الطرح، خصوصاً أن الحريري مازال يرفض النسبية الكاملة. وكذلك رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
عملياً، أصبح التمديد واقعاً، سواء تم إقرار قانون جديد، أو جرت العودة إلى قانون الستين، إلا في حال واحدة هي عودة عون عن قراره الرافض الستين واجراء تعديل للمهل. لكن، وفق ما تؤكد مصادر متابعة، فإنه لم يعد هناك إمكانية للعودة إلى الستين في ظل السقوف المرتفعة والرافضة له. وتعتبر المصادر أنه سيكون هناك قانون جديد للانتخابات، إما على أساس النسبية الكاملة، أو على الأساس المختلط. إلا ان السؤال الأساسي يتمحور حول توقيت صدور هذا القانون، فيما السؤال الثاني سيتركز على مدة التمديد للمجلس، هل هي ثلاثة أشهر تقنية، أم ستة أشهر، أم أكثر، أيضاً الجواب غير واضح.
عليه فإن الأنظار تتجه دوماً نحو الحريري. فبالنسبة إلى بري لديه موقف واضح، إما النسبية الكاملة أو المختلط أو اجراء الانتخابات في موعدها وفق الستين أو أن الفراغ ممنوع. وهذا يعني التمديد حتماً. الأمر نفسه بالنسبة إلى حزب الله. النائب وليد جنبلاط قدّم أفكاره وحصل على ما يريد بضمانة الجميع، بأن تكون الشوف وعاليه دائرة واحدة سواء على المختلط أم النسبي أم الأكثري. عليه، فإن المبارزة الحالية تدور بين الحريري من جهة وعون وباسيل من جهة أخرى. يريد أركان العهد الجديد مع القوات اللبنانية قانوناً جديداً. وبالتالي فإن خيار التمديد والعودة إلى الستين مرفوض بالمطلق بالنسبة إليهم. في المقابل، فإن الحريري يرفض النسبية، وبعض صيغ المختلط. وهناك من يعتبر أنه طرح المقايضة بين النسبية ورئاسة الحكومة. وفي وقت نفى ذلك، هناك من يقول إن الحريري مستعد للقبول بالنسبية إنما بعد ضمان تمديد سنة للمجلس الحالي، بحيث يكون قد ثبّت ركائزه في الحكم ومع جمهوره. وهذا أيضاً ما تنفيه مصادر قريبة من الحريري قائلة: "لا موافقة على النسبية بشكل قاطع وأقصى ما يمكن أن يقدمه المستقبل هو المختلط".
لكن، هناك من يراهن على تنازل جديد سيقدم عليه الحريري. وأصحاب هذا الرأي يعتبرون أن رئيس تيار المستقبل، يعلم أن حصّته النيابية ستتقلّص سواء على الأكثري أم على النسبي أم على المختلط. ويعتبرون أنه حين يفكّر في موضوعية، سيجد أن من مصلحته حالياً ومستقبلاً عدم كسر الجرّة مع العهد، والتصلب في الموقف، لعلّ الليونة في قانون الإنتخاب قد تعطيه أموراً أخرى في المقابل من بينها رئاسة الحكومة، تماماً كما كانت الحال مع التسوية الرئاسية.