كشفت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى قطر الأربعاء عن عدم تمكن الرئيس الإيراني حسن روحاني من إحداث اختراق داخل دول مجلس التعاون الخليجي أثناء زيارته الأخيرة إلى كل من سلطنة عُمان والكويت في فبراير الماضي.
واكتفت وكالة الأنباء القطرية الرسمية بالقول إن الأمير تميم بن حمد آل ثاني استقبل ظريف في قصر البحر في العاصمة لبحث “العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول مستجدات الأوضاع في المنطقة”.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات بين إيران والدول المطلة على الخليج.
ورأت مصادر خليجية أن زيارة ظريف تأتي بعد أن اصطدم روحاني بموقف خليجي موحد ضد سياسات إيران في المنطقة، خصوصا وأن تصريحاته الإيجابية في مسقط والكويت حول رغبة بلاده في التعاون مع الجيران الخليجيين واعتبار أن الخلاف بين الطرفين لا يعدو كونه “سوء فهم” لم ينجح في تليين الموقف الخليجي الذي كان يسعى إليه.
واعتبرت مصادر دبلوماسية خليجية أن ظريف يسعى في الدوحة إلى استكشاف إمكانات تحرّك قطر داخل المجموعة الخليجية لمناقشة ملف العلاقة مع إيران.
وعبرت المصادر عن استغرابها من النهج الدبلوماسي المعتمد في مقاربة كل دولة خليجية على حدة للتداول في أمر أجمعت عليه القمم الخليجية في شأن العلاقة السليمة بين المجموعة وطهران.
وكشفت بعض المعلومات أن الزيارات الإيرانية إلى المنطقة الخليجية، بما فيها زيارة ظريف لقطر بالأمس، لا تتعلق فقط ببحث العلاقات الثنائية بين الطرفين، بل تسعى إلى إيجاد سبيل للتواصل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال سبيل خليجي يتوسط في إطار استراتيجية تشمل الدول المطلة على الخليج لإيجاد نقطة توازن جديدة بين طهران وواشنطن.
واعتبر الأكاديمي والخبير في الشأن الإيراني إبراهيم ملازاده أن طهران تحاول طرق باب قطر بعد المحاولة الفاشلة مع الكويت وسلطنة عمان.
وقال ملازاده في تصريح لـ”العرب”، “إن هدف إيران ليس التقارب الجاد مع الخليجيين، بل محاولة شق الصف الخليجي ضد إيران والتسويق لنفسها دوليا بأنها جادة في التقارب بينما الطرف الآخر هو المعارض لهذا التقارب”.
إبراهيم ملازاه: هدف إيران ليس التقارب الجاد مع الخليجيين، بل محاولة شق الصف الخليجي
ولفتت أوساط سياسية خليجية إلى أن طهران قلقة من مستوى التضامن الخليجي الذي أنهى عهدا من الخلافات الداخلية، وأنها لاحظت أن علاقاتها المتقدمة مع سلطنة عمان لم تمنع مسقط من التضامن مع أشقائها الخليجيين. كما أن العلاقات المتعلقة بحقل الغاز المشترك بين إيران وقطر لم تؤثر على موقف الدوحة الخليجي، خصوصا في مسألة الانخراط في الموقف الخليجي من المسألة اليمنية.
ويرى ملازاده أن إيران “تعمل على التسلل إلى الوسط الخليجي عبر الإعلام القطري كوسيلة للتواصل مع الخليج وتصوير إيران على أنها ليست عدوا وأنها مستعدة للانفتاح على الخليج”.
وتعمل إيران على الهروب إلى الأمام من خلال تحركها الخليجي لامتصاص أي ضغوط محتملة من الإدارة الأميركية الجديدة، ولا سيما أن ترامب توعد بالمزيد من العقوبات لأي انفتاح دولي على طهران والعمل على محاسبتها على دورها في رعاية الإرهاب.
ويضغط الوضع الداخلي المحتقن سياسيا وعدم وضوح مستقبل البلاد، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي السيء، على المسؤولين الإيرانيين للتحرك خارجيا لامتصاص هذا التوتر الداخلي بتقديم صورة متفائلة لمستقبل لم يتحقق بعد وربما لن يتحقق.
ورأت أوساط خليجية أن طهران تعرف الموقف الخليجي وتعرف مطالب الخليجيين وأنها لم تجر حتى الآن أي تعديل على سياستها لجهة التدخل في شؤون المنطقة من اليمن وصولا إلى لبنان.
وكان وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، قد قام بزيارة إلى طهران في يناير الماضي استغرقت يوما واحدا، حمل خلالها رسالة من أمير دولة الكويت وأعضاء مجلس التعاون إلى الرئيس الإيراني.
ولخص وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش الموقف الخليجي في الكلمة التي ألقاها في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة الثلاثاء، وكشف فيها أن دول مجلس التعاون الخليجي، ومن خلال دور كويتي، وضعت أسسا واقعية ومنهجية للتعامل مع إيران تقوم على ثلاث أرضيات.
ووصف قرقاش الأسس الثلاثة بأنها كلها واقعية تقبل بها جميع الدول في تعاملها مع الدول الأخرى، موضحا أن الأرضية الأولى هي “أن يكون هناك قبول بأن أساس العلاقات الإيجابية هو عدم التدخل في الشأن الداخلي”، والثانية، “قبول طهران بأن ثورتها شأن داخلي، وهي غير قابلة للتصدير إلى الدول العربية”، والثالثة، “القبول بمبدأ المواطنة على أساس الوطن، وليس المواطنة على أساس المذهب”.