لم تعد مكانة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط محور إهتمام حلفائه كما أن أخصامه أيضاً غير مهتمين كثيراً لرغبة خصمهم في إجتراح قانون إنتخابي يحافظ على حصة الحزب التقدمي كما هي عليه دون نقصان ويعمل عليه الجميع لإفقاد الحزب دور التوازن الذي لعبه في كثير من مراحل الاختلاف ومن موقع الابتزاز السياسي كما هو تقدير المختلفين والمتوافقين معه.
فجأة وجد وليد جنبلاط نفسه خارج القرار اللبناني بعد أن جرى تحالفاً قوياً مركباً من التيارين الوطني والمستقبل وحزب الله والقوّات اللبنانية ومتفاهماً على كثير من المسائل والملفات ومن بينها القانون الانتخابي الذي سيرعى مصالح المتحالفين دون غيرهم وبالتحديد دون وليد جنبلاط، لرغبة مجتمعة وقد تكون كيدية لضبط نفوذ الزعيم الجنبلاطي والذي يراه الكثيرون منهم نفوذ إزعاج وفي أغلب الظروف.
عُزل وليد جنبلاط من قبل الحلفاء الجُدد بعد أن عُزل دولياً من خلال خسارته لأصدقاء أمريكان وروس كما أن هناك فتوراً في علاقاته مع المملكة العربية بحيث لم يعد وليد بيك مفتاح المملكة في لبنان لكثير من القضايا ولم تعد حفاوة السعودية بجنبلاط كما كانت عليه سابقاً.
إقرأ أيضًا: من يقرع طناجر الحروب ؟
قد يكون زعيم المختارة في أسوأ الظروف داخلياً وخارجياً، ولهذا يتم إقلاقه في الموضوع الانتخابي ولا يؤخذ جدياً برأيه وثمّة من يرضيه في الكلام ويحاول التسكير عليه في اللجان، خاصة وأن هناك تفاهماً بين المتحالفين على أخذ الحصة الطائفية كاملة دون شراكة أحد من الطوائف بها، وهذا مطلب قديم جديد للمسيحيين عموماً وللموارنة خصوصاً بحيث لم يعد يسمح لجنبلاط بأخذ نواب من مسيحيين ومن الطائفة السنية لأن زعيم الطائفة يمتلك حصراً التمثيل الطائفي، ولم يعد بإمكان الأمر الواقع فرض تمثيل قهري مخالف لمفهوم الشراكة كما يفهمها التيار الوطني والتي تقوم على إختيار وإنتخاب كل طائفة لنوابها.
يحرص وليد جنبلاط على حصول قانون إنتخابي مختلط بمعنى أنه يتسع لمصالح جميع الأطراف الأساسية وبذلك يضمن حصته النيابية التي جعلته بيضة قبّان في الميزان السياسي وخاصة في الاستحقاقات الأساسية والتي يتوقف عليها مصير سياسي أو دستوري كما أكدت على ذلك التجارب التي مرّ بها اللبنانيون طيلة أزماتهم الأخيرة، ويبدو أن تيار المستقبل ما زال يُذكر جيداً أن الحزب التقدمي هو الذي باعه لصالح فريق 8 آذار وكانت الحكومة الميقاتية ضربة موجعة ومؤلمة للرئيس الحريري الذي شم رائحة خيانة وعن قرُب.
كما أن القوات تضررت من تقلبات جنبلاط السريعة بعد أن استخدم معها جنبلاط مصطلحاته القديمة من إنتاج الحركة الوطنية من قبيل الانعزال والفئوية وكذلك التيار العوني الذي لا ينسى سعي جنبلاط لابعاد شبح الجنرال عن الرئاسة من اللحظة التي وصف فيها جنبلاط الرئيس عون بالتسونامي اللبناني.
إقرأ أيضًا: ماذا فعل بري في طهران؟
طبعاً لا مجال للتذكير بمواقف حزب الله من الزعيم وليد جنبلاط والذي يدفع بكامل قواه لايجاد منافسين للبيك في الجبل ويعمل على القانون النسبي لكيّ جروحه وخرق جدار التقدمي وخاصة في سماكته الدرزية.
إن وليد جنبلاط أمام هجمة شرسة وهو يعرف تماماً حجم الحصار المفروض عليه فإذا ما تمكن من تجاوز العقبات تمكن من تجاوز أزمة ستعصف بالوضع الدرزي وستدفع بالمنافسيين لجنبلاط الى تحد أكبر مما شاهدته الجاهلية، خاصة وأن تقدم الزعيم في السن سيصحبه بحث جدي عن وريث معترف به غير مفروض الطاعة وقد تكون هذه الأزمة من أكبر الأزمات التي سيواجهها جنبلاط، فما حدث بالأمس من زيارة درزية للقصر الجمهوري ليست ببعيدة عن المشهد الذي بدأه الوزير وهاب في بلدة الجاهلية لهذا ثمّة دفع كبير باتجاه تقليص حجم نفوذ جنبلاط درزياً ولبنانياً فهل ينجح الموحدون المخالفون لجنبلاط في خططهم؟
وهل سيضع قانون الانتخاب بيضة جنبلاط في دائرة الخطر ؟ سؤالان كبيران ولكنهما صغيران بالنسبة لزعيم لطالما أكدّ ريادته في الإمتحانات الصعبة.