تبدو وزارة الصحة خليّة نحل. لا يجد نائب رئيس الوزراء غسان حاصباني وقتاً للراحة، وفق ما يقول فريق عمله. فهو ملمّ بملفات وزارته، وبالملفات الأخرى المطروحة على طاولة مجلس الوزراء. بهدوء ورصانة يتعاطى حاصباني مع الملفات. وهو يحرص في مقاربته كل مسألة يناقشها على الحفاظ على المعايير العلمية.
يفضل الوزير القواتي الحديث عن الإيجابيات لا عن السلبيات، والنقاش في ما يبنى عليه. لذلك، بعد سؤاله عن الإختلاف في وجهات النظر حول خطة الكهرباء، التي استدعت أخذاً ورداً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، يجيب سريعاً بأن لا خلاف ولا اختلاف. فـ"الطرح الذي تقدّمنا به، يصب في خانة الدعم وإتخاذ موقف تحفيزي للإسراع في وضع قرارات وخطط للكهرباء على طاولة مجلس الوزراء، خصوصاً أن ذلك يتزامن مع مناقشة الموازنة العامة. فالكهرباء تتسبب بعجز إضافي للخزينة، وهي ثالث أكبر جزء تراكمي تصرفه الخزينة، بعد خدمة الدين العام والرواتب".
ينفي الحاصباني أي توتر مع التيار، ويعتبر أن موقف القوات يدعم الخطة المقدّمة من وزير الطاقة المتحمس لتنفيذها، مشيراً إلى أن هناك تعاوناً بين الطرفين، و"حين نطرح هكذا خطة، بموازاة مناقشة الموازنة، فهذا يعني أننا ندعم موقف وزير الطاقة، وما نطرحه غير موجه ضده. عليه، فإن النقاش في هذا الملف يجري حول الجانب التقني، ولا علاقة له بالسياسة". وهذه الطروحات تنطلق من وجود قانون صدر، في العام 2014، وتم تجديده في العام 2016 يجيز لمجلس الوزراء إصدار أذونات وتراخيص لإنتاج الكهرباء، وهي تعطى للقطاع الخاص. وهذه الخطوة قد تؤدي إلى توفير الكهرباء تدريجاً بنسبة 24 على 24 مع تخفيف الكلفة على المواطن. و"هذا ما يجب أن يبدأ من خطوة معينة، ويمكن بعدها استدراج عروض لإيجاد شركات تبيع الكهرباء بأسعار أقل من تلك التي تتكبدها الدولة لإنتاجها".
ويؤكد حاصباني أن النقاش حول الموازنة يسير بشكل إيجابي، لافتاً إلى أن ما يجري الآن هو دراسة بعض التعديلات عليها. والدخول في تفاصيل أرقام كل وزارة يحتاج إلى وقت، مع التأكيد أن ليس هناك أي عرقلة. ويشير حاصباني إلى أن وزراء القوات يقترحون تعديلات كما يطرح كل الوزراء الآخرين. "هناك نص معين للموازنة، جرى النقاش حوله، وتمت الموافقة على بعض البنود، وهناك إقتراحات بتعديل بنود أخرى، وإدخال بنود جديدة يمكن إضافتها، تتعلق بالعائدات والإصلاحات". وعن ماهيّة هذه الإصلاحات يفضّل حاصباني عدم الدخول في تفاصيلها لتبقى داخل مجلس الوزراء، لكنها تتعلق بتحسين وضع العائدات وتخفيض أرقام الكلفة. و"نحن نطرح بعض الرسوم والضرائب والأمور الأخرى، التي ستحسن موقف الخزينة، والتي يجب أن لا تطال الطبقات الفقيرة وسيكون لها انعكاس إيجابي على المجتمع".
لكن، ماذا عن سلسلة الرتب والرواتب؟ يلفت حاصباني إلى أنها تسير بالتوازي مع الموازنة رغم أن النقاش حولها يجري في مجلس النواب، الذي يناقشها كقانون واحد للعائدات والنفقات. لكن هل هناك إمكانية لإقرار الموازنة من دون إقرار السلسلة؟ يشير حاصباني إلى أن "القانونين سيحالان إلى مجلس النواب، وسيتم التصويت على كل قانون وحده. وقد تقر الهيئة العامة الموازنة من دون السلسلة، أو تقر بنوداً منها"، معتبراً أن هذا الإجراء تم اتخاذه لتسهيل الأمور والإسراع في الإنجاز.
قانون الانتخاب
ينفي حاصباني أن يكون هناك أي مقايضة بين قانون الانتخاب والموازنة، معتبراً أن البحث في قانون الانتخاب لايزال حول المسائل التقنية. لكنه يلفت إلى أنه بعد الإنتهاء من الموازنة سيتم طرح مسألة قانون الانتخاب على مجلس الوزراء، لأنه هو المعني بمعالجة هذا الأمر. "أرى أن الجو إيجابي، وليس هناك أي طرف يريد التأجيل أو العرقلة، لا بل هناك إنفتاح لدى الجميع على مناقشة القانون، والوصول إلى قواسم مشتركة".
وفي خضّم تكاثر الحديث عن القانون المختلط، يقول حاصباني إن وزراء القوات متمسكون بالإقتراح الذي تقدموا به، لأنه "يحافظ على التمثيل الصحيح ويحرص على عدم تهميش أي مكون سياسي لبناني، ويعطي المجال للإنفتاح المتبادل بين كل الأطراف". أما عن طرح النسبية الكاملة أو الأكثرية الكاملة، فيعتبر حاصباني أن أي طرح من الإثنين لا يستوفي الشروط المأمول تحقيقها.
العلاقة مع الخليج
وفي ضوء ما يحكى عن تردي العلاقات بين لبنان ودول الخليج، يشير حاصباني إلى أن العلاقات المميزة تربط لبنان بهذه الدول منذ سنوات طويلة، و"هي تسير بشكلها الطبيعي نوعاً ما. لكن لا شك أن هناك حذراً لدى بعض الدول من الجو العام في لبنان، وهناك ترقّب لما سيستطيع العهد تحقيقه من الإنفتاح والإتزان، على أن يعامل بالطريقة التي تراها تلك الدول مناسبة بعد تثبيت ركائز العهد". ويعتبر أن على لبنان مسؤولية كبرى على المستوى الرسمي بتوجيه رسائل إيجابية نحو العالم العربي، والخليج تحديداً، من دون أن يكون هناك أي تحدّ أو عدوانية، بمعزل عن مواقف بعض الأفرقاء.
أما عن العلاقة بحزب الله، والكلام الذي أثير مؤخراً حول حوار يجري بين الطرفين، يلفت حاصباني إلى أن ليس هناك حتى الآن أي تقارب مع الحزب خارج أطر العمل المؤسساتي.