تميل شخصيّات سياسية هادئة ومتّزنة إلى الاعتقاد أن رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون سيربح حرب قانون الانتخاب في النهاية. وما يدفعها إليه اقتناعها بأنه ربح حتى الآن معركتين فيها. الأولى مع الزعيم الدرزي الأبرز وليد جنبلاط الذي أعلن أنه يفضّل انتخابات نيابية وفقاً لـ"قانون الستّين"، كما يفضّل الاستمرار في اعتماد النظام "الأكثري". لكنّه في المدّة الأخيرة أعلن قبوله شيئاً من النسبيّة، وأكّد إعطاء حليفه اللدود الرئيس نبيه برّي أفكاراً انتخابيّة كي يتداول في شأنها مع الجهات التي تطبخ مشروع قانون الانتخاب سواء كانت داخل "اللجنة الرباعيّة" أو خارجها. ويعني ذلك أن جنبلاط لم يعد رافضاً قانون الانتخاب المختلط أي الذي يعتمد النظام الأكثري في دوائر والنظام النسبي في أخرى، علماً أنه قبل جهره برفض النسبية أنجز مع حليفيه "تيّار المستقبل" و"القوات اللبنانية" مشروع قانون مختلطاً راعى هواجسه وطموحات شريكيه، ليس في المحافظة على تمثيلهما النيابي الحالي بل في الحصول على غالبيّة نيابيّة مسيحيّة وازنة وقادرة مع بعض الحظّ على التحوّل ثلثاً ضامناً أو مُعطِّلاً في مجلس النواب، وتالياً متحكّماً باستحقاقات قانونيّة ودستوريّة مهمّة لعل أبرزها انتخابات رئاسة الجمهوريّة وربما انتخابات رئاسة مجلس النواب. أما المعركة الثانية التي ربحها الرئيس ميشال عون في حرب قانون الانتخاب فكانت مع رئيس "تيار المستقبل" والحكومة سعد الحريري. والربح لم يكن مفاجئاً لصاحبه، إذ سبقته إشارات إيجابيّة ومطمئنة كان أهمّها تخلّي الحريري عن ترشيح نائب زغرتا سليمان فرنجية لرئاسة الجمهوريّة رغم تمسّك الأخير به، وانتقاله إلى ترشيح عون بعدما لمس أن انتخابه مضمون بعكس انتخاب فرنجية. إذ يؤيّده "حزب الله" الشريك البارز جدّاً في "الثنائيّة الشيعيّة" والأحزاب والحركات المُنتمية إلى "8 آذار"، والممثّلة في مجلس النواب. كما يؤيّده حزب "القوات اللبنانية". وكان أهم الإشارات الإيجابيّة ثانياً وفاء "مرشّحي" عون ومُوصليه إلى رئاسة الجمهوريّة بوعودهم وأبرزها إيصال الحريري إلى رئاسة حكومة الانتخابات المفترضة إجرائها قريباً، وهي قصيرة العمر، وتكليفه في ظل المجلس النيابي الجديد تأليف الحكومة الثانية في عهد عون الذي لا يعترف بأن الأولى تنتمي إلى عهده فعليّاً. علماً أنه دستوريّاً لا يستطيع التنصّل من كونها حكومته الأولى. أما الربح العوني في المعركة الانتخابيّة مع الحريري الدائرة منذ أشهر قليلة، فالإشارات إليه كانت التخلّي عن "قانون الستّين"، والتخلّي عن طلب التمديد سنة لمجلس النواب الذي كان الهدف منه تسوية أوضاعه المعقّدة وخصوصاً الشعبيّة منها. وتمديد كهذا لا يمكن اعتباره تمديداً تقنيّاً. وكانت أيضاً قبول "النسبيّة" في "قانون مختلط". ويأمل الساعون إلى نسبيّة شاملة أي بلا اختلاط في الحصول على موافقة الحريري على ذلك في مقابل وعود ببقائه في السرايا الحكوميّة طيلة ولاية عون الرئاسيّة. وقد عكست ذلك وسائل إعلام معروفة الانتماء. لكن سعيهم قد لا يلقى التوفيق لأن النسبيّة الشاملة تزيد ضعف شعبيّته، ولأن أحداً لا يستطيع ضمان ست سنوات في رئاسة الحكومة وإن كان "حزب الله"، الفريق اللبناني الأقوى الذي صار أيضاً قوة إقليمية مهمّة وشريكاً في قرارات تمس المنطقة، هو الضامن.
هل يعني ذلك أن الرئيس عون ربح حرب قانون الانتخاب؟
تجيب الشخصيّات السياسيّة الهادئة والمُتّزنة نفسها أن ربحه الحرب يحتاج إلى ربح معركته مع الرئيس نبيه برّي بل حربه معه الناشبة من زمان التي لم يُفلح "تفاهمه" مع "حزب الله" في الـ 2006 في إنهائها بصلح، وخصوصاً بعدما تكرّس حلف الاثنين بـ"ثنائيّة شيعيّة" استقطبت الشيعة بـ"الانتصار" على اسرائيل وبضرورة الوحدة بعد اندلاع الصراع العنفي المذهبي في سوريا والمنطقة. وقد تأكّد ذلك بعدم انتخاب بري عون رئيساً، وبالسجالات الإعلاميّة شبه المستمرّة بينهما مباشرة أو عبر ممثّليهما وأبرزهم الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل. فتفضيل عون الفراغ على انتخابات وفق "الستّين" ورفضه التمديد وتصرّفه على أنه رئيس ما قبل الطائف واجهه برّي بعناد وسيستمر في مواجهته. وعلى عون ومحيطه أن يعرفا أن بري و"أمل" عَيْن لـ"حزب الله"، وعون و"تيّاره" العَيْن الأخرى. لكن عليهما أن يحاذرا تخيير "الحزب" بين برّي وعون. ذلك أنه يعرف المثل الذي يقول: "ألف عدو خارج الدار ولا عدو داخلها". والمقصود بمحيطه الوزير باسيل لأن تقدير "الحزب" لعون كبير ولأنه يثق في قدرته على ضبط محيطه.
ربح عون معركتي الحريري وجنبلاط... ماذا عن معركة برّي؟
ربح عون معركتي الحريري وجنبلاط... ماذا عن معركة...سركيس نعوم
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
النهار
|
عدد القراء:
829
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro