لغة النقاش الانتخابي متوقفة عند نقطة الفشل في بلورة قانون جديد، والقوى السياسية على اختلافها موزّعة خلف المنابر الاعلامية ومنهمكة في بناء السقوف العالية لمواقفها المتباينة من الصيغة التي يفترض أن يرسو عليها القانون الانتخابي المجهول المصير حتى الآن. يأتي ذلك في وقت توشِك الحكومة على توليد الموازنة العامة للسنة الحالية، وبالتالي إحالتها الى المجلس النيابي خلال الايام المقبلة، فيما حَطّت سلسلة الرتب والرواتب عملياً على مائدة اللجان النيابية المشتركة، ونظراً للتباين السياسي والنيابي والاقتصادي ليس في الامكان تقدير الوجهة التي ستسلكها، أكان لناحية إقرارها او عدمه، او لناحية ما قد يترتّب على هذا الاقرار وعدمه.
اللافت للانتباه هو الحديث عن تطور نوعي في العلاقات اللبنانية ـ السعودية، قد يترجم بزيارة قريبة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الى لبنان، بحسب ما ذكرته قناة الـ«أو تي في»، التي قالت «انّ السلطات اللبنانية تلقّت في اليومين الماضيين كتاباً رسمياً من الرياض، يبلغها بأنّ الملك سلمان وافق على تلبية دعوة الرئيس ميشال عون لزيارة بيروت»، مشيرة الى «انّ المباحثات يفترض أن تبدأ بين الدوائر المعنية في البلدين تحضيراً للزيارة الهامّة على أكثر من مستوى».
القادة الأمنيون
حكومياً، ينتظر ان تطلق الحكومة غداً سلة تعيينات أمنية وغير أمنية، بحيث تضم نحو 20 تعييناً، من بينها تعيين القادة الأمنيين الجدد إضافة الى قبول استقالة اللواء عباس ابراهيم من السلك العسكري وإعادة تعيينه مديراً عاماً (مدنياً) للأمن العام، وكذلك تعيين رئيس التفتيش القضائي بركان سعد، ومفوض الحكومة في مجلس شورى الدولة فريال دلول، وبدر ضاهر مديراً عاماً للجمارك بالإضافة الى عضوي المجلس الأعلى للجمارك غراسيا قزي وهاني الحاج شحادة.
وبرز في هذا السياق استقبال رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي، أمس، لقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة.
وأثنى الحريري على الجهود الدؤوبة التي بذلها العماد قهوجي طوال فترة تولّيه المسؤولية في المرحلة الصعبة والدقيقة التي مرّت على لبنان وتجنيب الوطن نيران الحروب والازمات المشتعلة في المنطقة. كذلك أشاد بدور العماد قهوجي في تطوير المؤسسة العسكرية وتقويتها وتعزيز قدراتها في حفظ الامن والاستقرار على كافة الاراضي اللبنانية ومنع كل محاولات إثارة الفتنة ومحاربة ظاهرة الارهاب من دون هوادة.
ونَوّه الحريري ايضاً بالدور المهم والاستثنائي الذي قام به اللواء بصبوص في تحمّل المسؤولية في أدق المراحل واصعبها والحفاظ على امن المواطنين واستقرارهم وملاحقة الشبكات الإجرامية والمخلّين بالقانون في كل لبنان. كذلك أشاد بدور اللواء ابراهيم واللواء قرعة في المحافظة على الامن والاستقرار وتسهيل امور المواطنين.
مراوحة... مراوحة
أمّا إنتخابياً، فلا جديد سوى مراوحة متحكمة بهذا الملف، وليس في الأفق ما يؤشّر الى قرب تصاعد الدخان الابيض من مداخن القوى السياسية، بل على العكس من ذلك، فإنّ الصورة تَشي بمزيد من الانقسام والتباعد، وبأنّ القانون الانتخابي ما يزال بعيد المنال، ويبدو ذلك جلياً في الجمود الحاصل على خط النقاش، وإن كانت محاولة أخيرة لتعبيد الطريق نحو قانون توافقي، قد جرت قبل ايام في اللقاء الثلاثي بين رئيس الحكومة سعد الحريري والوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، وتمّ خلاله عرض مجموعة أفكار وطروحات جديدة، الّا انّ هذا الثلاثي لم يصل الى مكان، اي انّ كل هذه الطروحات قد فشلت، والايجابية التي خرج بها هذا اللقاء هو الاتفاق على استمرار التواصل والنقاش.
مرجع سياسي
وفيما نقل عن رئيس الجمهورية تأكيده انّ أوان القانون الانتخابي قد حان، وليس هناك ما يبرّر الاستمرار في تأخير بلوغه، خصوصاً انّ هذا القانون صار أمراً لا بد منه، ولم يعد هناك من إمكانية للعودة الى قانون الستين الذي لم يعد له مكان أصلاً في الحياة السياسية، قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: أنا أجزم انّ القانون الانتخابي سيبصر النور في نهاية المطاف ولو استلزم ذلك بعض الوقت.
واعتقد جازماً انّ محاولات الهروب من القانون الجديد التي يلجأ اليها البعض منذ بدء النقاش حول القانون، ستصل الى وقت تصطدم فيه بالحائط.
وأشار المرجع المذكور الى انّ عدم الوصول الى قانون انتخابي يضع القوى السياسية أمام ثلاثة خيارات او ثلاثة محظورات او ثلاثة شرور لأنّ كل واحد منها أسوأ من الآخر:
الأول، هو التسليم بقانون الستين وإجراء الانتخابات على أساسه، وهذا ينسجم مع ما تسعى اليه قوى سياسية ضمناً. لكنّ مشكلة هذا القانون أنه صار مرفوضاً من غالبية القوى السياسية، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية. وبالتالي لا عودة اليه، وبمعنى اكثر وضوحاً صارت العودة اليه مستحيلة.
والخيار الثاني، هو التسليم بالفشل في الوصول الى قانون، وبالتالي الذهاب الى التمديد للمجلس النيابي الحالي، الّا انّ المشكلة هنا هي انّ هناك استحالة في تمرير هكذا خيار، ذلك انه يوجد حالة نيابية شاذّة فاقدة لمعايير الديموقراطية والوكالة التي يمنحها الشعب لممثليه. فضلاً عن مجموعة لاءات من قبل رئيس الجمهورية وكذلك رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وامّا الخيار الثالث، فهو التسليم للفراغ المجلسي، لكنّ خطورة هذا الامر تكمن في انه قد يترتّب عليه وضع شاذ مفتوح على شتى الاحتمالات، ومنها احتمال انهيار الدولة بكل مؤسساتها.
وقال المرجع: هذه الشرور في رأيي ستشكّل حافزاً في لحظة ما يدفع القوى كلها نحو إعداد قانون انتخابي جديد. انا على يقين انّ هذه اللحظة ستكون لحظة التنازل وتخفيض السقوف العالية، التي سيصل اليها الفرقاء، ان هناك من سيتنازل في نهاية المطاف، والتنازل هنا ليس محصوراً في طرف بعينه بل انّ كل الاطراف تتنازل لكل الاطراف.
«السلسلة»
من جهة ثانية، انطلق قطار سلسلة الرتب والرواتب في مجلس النواب، في جلسة عقدتها اللجان المشتركة أمس برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري، على ان تستكمل في جلسة ثانية اليوم.
وليس معلوماً المدى الذي سيستغرقه وقوفه في محطة اللجان النيابية المشتركة التي بدأت بالأمس الحلقة الاولى من مسلسل درس السلسلة وما يمكن ان تساهم فيه في إحقاق الحقوق للموظفين وعدم إرهاق المواطنين بالضرائب والرسوم وفي الوقت نفسه الحفاظ على خزينة الدولة وحمايتها من السقوط في هاوية العجز والتضخم.
واللافت للانتباه في هذا السياق بروز توجّه سياسي شَمل كل القوى السياسية لإقرار سلسلة متوازنة. وعلمت «الجمهورية» في هذا الاطار انه بناء على هذا التوجه السياسي تمّ تشكيل لجنة قوامها الوزير علي حسن خليل، والوزير جمال الجرّاح، والنواب علي فياض، جورج عدوان، ابراهيم كنعان ياسين جابر وأكرم شهيّب لمتابعة ملف السلسلة والعمل على إزالة الالغام التي تعترض طريق إقرارها.
وفيما ترافق انعقاد جلسة اللجان بتظاهرة للأساتذة، علمت «الجمهورية» انّ الحريري أبدى امتعاضه من التظاهرات التي تحصل، «والتي تُصوّر أننا نناقش السلسلة تحت الضغط، في وقت انّ قرارنا حاسم بأن نقرّها بمعزل عن ايّ ضغوط او تظاهرات».
على أنّ ما خلصت إليه حلقة النقاش الاولى في اللجان، هو انّ الاجواء ضبابية، وليس في الامكان تحديد ما سيؤول اليه مصير السلسلة في ظل الصعوبات التي تعترض طريقها والتناقضات في مقاربة أرقامها، وانقسام نيابي واضح في النظرة اليها، وما قد يترتب على إقرارها او عدمه من تداعيات، سواء على مستوى الموظفين او على مستوى الهيئات الاقتصادية التي تدق ناقوس الخطر من السلسلة وتحذّر من الكلفة والأعباء والخطورة على الوضع الاقتصادي بشكل عام.
واذا كانت السلسلة حقاً للموظفين وطال انتظاره، الّا انّ الخشية منها، كما يقول أحد الخبراء الاقتصاديين لـ«الجمهورية»، أن تكون سبباً يذهب بكل هذا الحق إن جاءت بصورة متسرّعة وغير مدروسة وغير مبنية على أسس علمية واقتصادية. وبالتالي، تكون سبباً في إضافة عجز كبير على مالية الدولة.
وفي رأي الخبير المذكور أنه لدى مقاربة موضوع السلسلة، يتّضِح أنها عالقة في حقل ألغام مالي، اقتصادي، سياسي، نقابي وعلى مستوى الهيئات الاقتصادية. فالنظرة الاقتصادية إلى المفاعيل الجدية للسلسلة تختلف بين هذا وذاك نتيجة مقاربتها المتسرعة إن لم نقل السطحية، في بعض مفاصلها، ونتيجة غياب السياسة الرسمية للأجور والرواتب، وكذلك غياب الارقام الدقيقة حول الكلفة، بالاضافة إلى عدم وجود سياسة اقتصادية اجتماعية شاملة تعالج القضايا القديمة او المستجدة بالحد الأدنى من الانعكاسات الضريبية على الأفراد والمؤسسات.
وقال الخبير الاقتصادي المذكور: «انّ المشكلة تكمن في كلفة السلسلة والايرادات التي ستعوّضها، ومصادر هذه الايرادات، والأهمّ فيها الّا تطاول الفئات الشعبية، والأهم ايضاً هو صحة تقدير الإيرادات التي تموّل السلسلة، لأنه في حال عدم كفايتها ستترتب عليها مخاطر تضخمية، وانعكاسات سلبية على المالية العامة المتردية أصلاً، لا سيما على نمو عجز الموازنة العامة، وبالتالي نمو المديونية العامة التي بلغت رقماً قياسياً في الزيادة خلال السنوات الاخيرة نتيجة ارتفاع النفقات وتراجع إيرادات الدولة.
على انّ الحقيقة الثابتة في هذا السياق، هي أنّ الضغوط المالية التي تزداد على الدولة والخزينة، تأتي مُترافقة مع تفاقم الأزمة المعيشية والتحرك المطلبي لموظفي ومتعاقدي القطاع العام والإدارة العامة. وفي ظل هذا الجو، قد لا يجد الموظفون الدائمون للدولة أنفسهم أمام معركة السلسلة فحسب، بل هناك من يخشى اندلاع سلسلة من المعارك الحياتية، ومن بينها وأهمها سلسلة الرتب والرواتب.
الموازنة
في هذا الوقت، كان مجلس الوزراء يعقد جلسة في السراي الحكومي برئاسة الحريري مخصصة للبحث في مشروع الموازنة. واذا كان مخاض الموازنة قد بدأ فعلاً واقترب من لحظة الولادة نظرياً، الّا انّ مجلس الوزراء لم يتمكن من الانتهاء من بنودها بسبب شهية الوزراء على النقاش والعصف الفكري والمالي الذي ساد الجلسة، بحسب قول وزير المال علي حسن خليل بعد الجلسة.
وأُرجىء البحث الى جلسة عاشرة تعقد عصر الجمعة في السراي لاستكمال البحث في ميزانيات الوزارات وبعض الاقتراحات الاصلاحية والصيغة التي يجري التوافق حولها للمقاربة «القواتية» حول ملف الكهرباء بالتفاهم مع «التيار الوطني الحر».
وعلمت «الجمهورية» انّ الصيغة التي يجري التوافق عليها تلحظ اضافة ملحق الى الموازنة (تحت عنوان الاصلاح الكهربائي وتطبيق القانون 208/ 2014) وفي إطار خطة وزير الطاقة.
وقال الوزير غسان حاصباني لـ«الجمهورية»: «إنّ أهمية هذا الملحق تكمن في انه سيلزم الحكومة بإدراج موضوع الكهرباء بنداً دائماً ضمن الموازنة وليس خارجها».
وعلمت «الجمهورية» انّ نقاشاً حاداً بين الوزراء ساد الحديث حول موازنة وزارة الداخلية على خلفية زيادة عديد القوى الأمنية، إذ انه منذ العام 2014 وحتى اليوم زادوا 21 ألف عسكري كلفتهم 100 مليار ليرة.
وزير الدفاع الفرنسي
وأمس بدأ وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان جولته على المسؤولين اللبنانيين، فالتقى كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جان قهوجي، على أن يزور اليوم كتيبة بلاده العاملة في إطار قوات «اليونيفيل».
وقد أكد لودريان التزام بلاده «الاستمرار في تقديم المساعدات إلى الجيش اللبناني، ولا سيما تلك التي كان قد وعد بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته الاخيرة الى لبنان».
القادة الأمنيون
حكومياً، ينتظر ان تطلق الحكومة غداً سلة تعيينات أمنية وغير أمنية، بحيث تضم نحو 20 تعييناً، من بينها تعيين القادة الأمنيين الجدد إضافة الى قبول استقالة اللواء عباس ابراهيم من السلك العسكري وإعادة تعيينه مديراً عاماً (مدنياً) للأمن العام، وكذلك تعيين رئيس التفتيش القضائي بركان سعد، ومفوض الحكومة في مجلس شورى الدولة فريال دلول، وبدر ضاهر مديراً عاماً للجمارك بالإضافة الى عضوي المجلس الأعلى للجمارك غراسيا قزي وهاني الحاج شحادة.
وبرز في هذا السياق استقبال رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي، أمس، لقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة.
وأثنى الحريري على الجهود الدؤوبة التي بذلها العماد قهوجي طوال فترة تولّيه المسؤولية في المرحلة الصعبة والدقيقة التي مرّت على لبنان وتجنيب الوطن نيران الحروب والازمات المشتعلة في المنطقة. كذلك أشاد بدور العماد قهوجي في تطوير المؤسسة العسكرية وتقويتها وتعزيز قدراتها في حفظ الامن والاستقرار على كافة الاراضي اللبنانية ومنع كل محاولات إثارة الفتنة ومحاربة ظاهرة الارهاب من دون هوادة.
ونَوّه الحريري ايضاً بالدور المهم والاستثنائي الذي قام به اللواء بصبوص في تحمّل المسؤولية في أدق المراحل واصعبها والحفاظ على امن المواطنين واستقرارهم وملاحقة الشبكات الإجرامية والمخلّين بالقانون في كل لبنان. كذلك أشاد بدور اللواء ابراهيم واللواء قرعة في المحافظة على الامن والاستقرار وتسهيل امور المواطنين.
مراوحة... مراوحة
أمّا إنتخابياً، فلا جديد سوى مراوحة متحكمة بهذا الملف، وليس في الأفق ما يؤشّر الى قرب تصاعد الدخان الابيض من مداخن القوى السياسية، بل على العكس من ذلك، فإنّ الصورة تَشي بمزيد من الانقسام والتباعد، وبأنّ القانون الانتخابي ما يزال بعيد المنال، ويبدو ذلك جلياً في الجمود الحاصل على خط النقاش، وإن كانت محاولة أخيرة لتعبيد الطريق نحو قانون توافقي، قد جرت قبل ايام في اللقاء الثلاثي بين رئيس الحكومة سعد الحريري والوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، وتمّ خلاله عرض مجموعة أفكار وطروحات جديدة، الّا انّ هذا الثلاثي لم يصل الى مكان، اي انّ كل هذه الطروحات قد فشلت، والايجابية التي خرج بها هذا اللقاء هو الاتفاق على استمرار التواصل والنقاش.
مرجع سياسي
وفيما نقل عن رئيس الجمهورية تأكيده انّ أوان القانون الانتخابي قد حان، وليس هناك ما يبرّر الاستمرار في تأخير بلوغه، خصوصاً انّ هذا القانون صار أمراً لا بد منه، ولم يعد هناك من إمكانية للعودة الى قانون الستين الذي لم يعد له مكان أصلاً في الحياة السياسية، قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: أنا أجزم انّ القانون الانتخابي سيبصر النور في نهاية المطاف ولو استلزم ذلك بعض الوقت.
واعتقد جازماً انّ محاولات الهروب من القانون الجديد التي يلجأ اليها البعض منذ بدء النقاش حول القانون، ستصل الى وقت تصطدم فيه بالحائط.
وأشار المرجع المذكور الى انّ عدم الوصول الى قانون انتخابي يضع القوى السياسية أمام ثلاثة خيارات او ثلاثة محظورات او ثلاثة شرور لأنّ كل واحد منها أسوأ من الآخر:
الأول، هو التسليم بقانون الستين وإجراء الانتخابات على أساسه، وهذا ينسجم مع ما تسعى اليه قوى سياسية ضمناً. لكنّ مشكلة هذا القانون أنه صار مرفوضاً من غالبية القوى السياسية، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية. وبالتالي لا عودة اليه، وبمعنى اكثر وضوحاً صارت العودة اليه مستحيلة.
والخيار الثاني، هو التسليم بالفشل في الوصول الى قانون، وبالتالي الذهاب الى التمديد للمجلس النيابي الحالي، الّا انّ المشكلة هنا هي انّ هناك استحالة في تمرير هكذا خيار، ذلك انه يوجد حالة نيابية شاذّة فاقدة لمعايير الديموقراطية والوكالة التي يمنحها الشعب لممثليه. فضلاً عن مجموعة لاءات من قبل رئيس الجمهورية وكذلك رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وامّا الخيار الثالث، فهو التسليم للفراغ المجلسي، لكنّ خطورة هذا الامر تكمن في انه قد يترتّب عليه وضع شاذ مفتوح على شتى الاحتمالات، ومنها احتمال انهيار الدولة بكل مؤسساتها.
وقال المرجع: هذه الشرور في رأيي ستشكّل حافزاً في لحظة ما يدفع القوى كلها نحو إعداد قانون انتخابي جديد. انا على يقين انّ هذه اللحظة ستكون لحظة التنازل وتخفيض السقوف العالية، التي سيصل اليها الفرقاء، ان هناك من سيتنازل في نهاية المطاف، والتنازل هنا ليس محصوراً في طرف بعينه بل انّ كل الاطراف تتنازل لكل الاطراف.
«السلسلة»
من جهة ثانية، انطلق قطار سلسلة الرتب والرواتب في مجلس النواب، في جلسة عقدتها اللجان المشتركة أمس برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري، على ان تستكمل في جلسة ثانية اليوم.
وليس معلوماً المدى الذي سيستغرقه وقوفه في محطة اللجان النيابية المشتركة التي بدأت بالأمس الحلقة الاولى من مسلسل درس السلسلة وما يمكن ان تساهم فيه في إحقاق الحقوق للموظفين وعدم إرهاق المواطنين بالضرائب والرسوم وفي الوقت نفسه الحفاظ على خزينة الدولة وحمايتها من السقوط في هاوية العجز والتضخم.
واللافت للانتباه في هذا السياق بروز توجّه سياسي شَمل كل القوى السياسية لإقرار سلسلة متوازنة. وعلمت «الجمهورية» في هذا الاطار انه بناء على هذا التوجه السياسي تمّ تشكيل لجنة قوامها الوزير علي حسن خليل، والوزير جمال الجرّاح، والنواب علي فياض، جورج عدوان، ابراهيم كنعان ياسين جابر وأكرم شهيّب لمتابعة ملف السلسلة والعمل على إزالة الالغام التي تعترض طريق إقرارها.
وفيما ترافق انعقاد جلسة اللجان بتظاهرة للأساتذة، علمت «الجمهورية» انّ الحريري أبدى امتعاضه من التظاهرات التي تحصل، «والتي تُصوّر أننا نناقش السلسلة تحت الضغط، في وقت انّ قرارنا حاسم بأن نقرّها بمعزل عن ايّ ضغوط او تظاهرات».
على أنّ ما خلصت إليه حلقة النقاش الاولى في اللجان، هو انّ الاجواء ضبابية، وليس في الامكان تحديد ما سيؤول اليه مصير السلسلة في ظل الصعوبات التي تعترض طريقها والتناقضات في مقاربة أرقامها، وانقسام نيابي واضح في النظرة اليها، وما قد يترتب على إقرارها او عدمه من تداعيات، سواء على مستوى الموظفين او على مستوى الهيئات الاقتصادية التي تدق ناقوس الخطر من السلسلة وتحذّر من الكلفة والأعباء والخطورة على الوضع الاقتصادي بشكل عام.
واذا كانت السلسلة حقاً للموظفين وطال انتظاره، الّا انّ الخشية منها، كما يقول أحد الخبراء الاقتصاديين لـ«الجمهورية»، أن تكون سبباً يذهب بكل هذا الحق إن جاءت بصورة متسرّعة وغير مدروسة وغير مبنية على أسس علمية واقتصادية. وبالتالي، تكون سبباً في إضافة عجز كبير على مالية الدولة.
وفي رأي الخبير المذكور أنه لدى مقاربة موضوع السلسلة، يتّضِح أنها عالقة في حقل ألغام مالي، اقتصادي، سياسي، نقابي وعلى مستوى الهيئات الاقتصادية. فالنظرة الاقتصادية إلى المفاعيل الجدية للسلسلة تختلف بين هذا وذاك نتيجة مقاربتها المتسرعة إن لم نقل السطحية، في بعض مفاصلها، ونتيجة غياب السياسة الرسمية للأجور والرواتب، وكذلك غياب الارقام الدقيقة حول الكلفة، بالاضافة إلى عدم وجود سياسة اقتصادية اجتماعية شاملة تعالج القضايا القديمة او المستجدة بالحد الأدنى من الانعكاسات الضريبية على الأفراد والمؤسسات.
وقال الخبير الاقتصادي المذكور: «انّ المشكلة تكمن في كلفة السلسلة والايرادات التي ستعوّضها، ومصادر هذه الايرادات، والأهمّ فيها الّا تطاول الفئات الشعبية، والأهم ايضاً هو صحة تقدير الإيرادات التي تموّل السلسلة، لأنه في حال عدم كفايتها ستترتب عليها مخاطر تضخمية، وانعكاسات سلبية على المالية العامة المتردية أصلاً، لا سيما على نمو عجز الموازنة العامة، وبالتالي نمو المديونية العامة التي بلغت رقماً قياسياً في الزيادة خلال السنوات الاخيرة نتيجة ارتفاع النفقات وتراجع إيرادات الدولة.
على انّ الحقيقة الثابتة في هذا السياق، هي أنّ الضغوط المالية التي تزداد على الدولة والخزينة، تأتي مُترافقة مع تفاقم الأزمة المعيشية والتحرك المطلبي لموظفي ومتعاقدي القطاع العام والإدارة العامة. وفي ظل هذا الجو، قد لا يجد الموظفون الدائمون للدولة أنفسهم أمام معركة السلسلة فحسب، بل هناك من يخشى اندلاع سلسلة من المعارك الحياتية، ومن بينها وأهمها سلسلة الرتب والرواتب.
الموازنة
في هذا الوقت، كان مجلس الوزراء يعقد جلسة في السراي الحكومي برئاسة الحريري مخصصة للبحث في مشروع الموازنة. واذا كان مخاض الموازنة قد بدأ فعلاً واقترب من لحظة الولادة نظرياً، الّا انّ مجلس الوزراء لم يتمكن من الانتهاء من بنودها بسبب شهية الوزراء على النقاش والعصف الفكري والمالي الذي ساد الجلسة، بحسب قول وزير المال علي حسن خليل بعد الجلسة.
وأُرجىء البحث الى جلسة عاشرة تعقد عصر الجمعة في السراي لاستكمال البحث في ميزانيات الوزارات وبعض الاقتراحات الاصلاحية والصيغة التي يجري التوافق حولها للمقاربة «القواتية» حول ملف الكهرباء بالتفاهم مع «التيار الوطني الحر».
وعلمت «الجمهورية» انّ الصيغة التي يجري التوافق عليها تلحظ اضافة ملحق الى الموازنة (تحت عنوان الاصلاح الكهربائي وتطبيق القانون 208/ 2014) وفي إطار خطة وزير الطاقة.
وقال الوزير غسان حاصباني لـ«الجمهورية»: «إنّ أهمية هذا الملحق تكمن في انه سيلزم الحكومة بإدراج موضوع الكهرباء بنداً دائماً ضمن الموازنة وليس خارجها».
وعلمت «الجمهورية» انّ نقاشاً حاداً بين الوزراء ساد الحديث حول موازنة وزارة الداخلية على خلفية زيادة عديد القوى الأمنية، إذ انه منذ العام 2014 وحتى اليوم زادوا 21 ألف عسكري كلفتهم 100 مليار ليرة.
وزير الدفاع الفرنسي
وأمس بدأ وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان جولته على المسؤولين اللبنانيين، فالتقى كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جان قهوجي، على أن يزور اليوم كتيبة بلاده العاملة في إطار قوات «اليونيفيل».
وقد أكد لودريان التزام بلاده «الاستمرار في تقديم المساعدات إلى الجيش اللبناني، ولا سيما تلك التي كان قد وعد بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته الاخيرة الى لبنان».