مع اقتراب عملية استعادة مدينة الموصل من نهايتها، وطيّ صفحة تنظيم "داعش" في العراق، كثُر الحديث عن مرحلة ما بعد التنظيم، وسط أجواء سياسية أمنية متوتّرة يسودها القلق والخوف من مستقبل مجهول، لا سيّما في المناطق المستعادة من سيطرة "داعش".

مرحلة ما بعد "داعش" ظهرت ملامحها مبكراً من خلال محاولات بعض الأطراف السياسية إنشاء تحالفات جديدة وسط دعوات لإنشاء أقاليم، فضلاً عن الصراع الدائر حول المناطق المتنازع عليها، فضلاً عن وجود 4 جيوش عسكرية في العراق، حسب ما يراه مراقبون للشأن العراقي.

وحول هذا الموضوع، قال عضو مجلس محافظة صلاح الدين، سبهان الملا جياد إنّ "مرحلة ما بعد "داعش" ستنتقل من المرحلة العسكرية إلى المرحلة السياسية"، لافتاً إلى أنّ "المعركة السياسية بدأت ملامحها تظهر منذ نحو 6 أشهر بين الأطراف السياسية حول كيفية إدارتها".

وأوضح أنّ "المعركة القادمة ستكون معركة سياسية بين طرفين، طرف يطالب بأن تستمر الأوضاع وإدارة الحكم في المناطق المحررة كما كانت قبل "داعش"، وطرف يطالب بأن تكون الأوضاع تختلف عما كانت عليه قبل "داعش"، سواء أكانت في حكم المحافظات أم في الحكم المركزي"، واصفاً المرحلة المقبلة بـ"مرحلة حصد النتائج لجميع الأطراف التي أسهمت في تكوين تنظيم "داعش" في العراق".

وحول المخاوف من وجود قوى عسكرية في المناطق المستعادة متمثلة بالجيش العراقي ومجموعات "الحشد الشعبي" و"الحشد العشائري" و"الحشد الوطني" و"البيشمركة"، قال جياد: "إنّ الحاجة إلى الحشود العسكرية ما بعد مرحلة "داعش" ستضعف، ومن المفترض أن تعود هذه الحشود إلى أعمالها"، لكنّه لم يستبعد "حدوث اقتتال داخلي بين هذه الجيوش في العراق إذا ما تعاملت الحكومة مع هذه الحشود بجدّية وعملت على حصر السلاح بيد الدولة".

ومن جهته، قال عبد الله إبراهيم، القيادي في "الحشد الوطني" التابع لمحافظ نينوى سابقاً، أثيل النجيفي، عبر إنّ "قوات "البيشمركة" الكردية عزّزت وجودها العسكري في عدة مناطق وأقضية بمدينة الموصل وأعلنت أنّها ستضم هذه المناطق إلى الإقليم، يقابلها سيطرة مجموعات "الحشد الشعبي" على عدّة مناطق في الجانب الأيسر من مدينة الموصل، مع إصرار هذه القوات على عدم الإنسحاب من هذه المناطق"، مشيراً إلى أنّها "قد تكون بداية لصراع داخلي في مدينة الموصل وقد يمتد هذا الصراع لمناطق أخرى".

وأشار إبراهيم إلى أنّ "ملامح الصراع بدأت تلوح في الأفق بين قوات "البيشمركة" الكردية من جهة وقوات "حزب العمال الكردستاني" (ب ك ك) وأحد فصائل "الحشد المسيحي" التابع لـ"الحشد الشعبي" في مدينة سنجار من جهة أخرى"، منوهاً إلى أنّ "الحشد المسيحي في مدينة الموصل أصبح أداة بيد "الحشد الشعبي" لتنفيذ مخططات إيران داخل مدينة الموصل".

من جانبه، حذّر عضو أمانة "كتلة الأحرار الصدرية" أمير الكناني، خلال لقاء متلفز على قناة "السومرية" بُثّ مساء السبت، من "اندلاع حرب وجود بين القوى السياسية، وسط مخاوف من مخاطر تهدد الوجود الشيعي في العراق، خصوصاً مع حيازة السلاح من قِبل الفصائل المسلحة".

وقال المحلّل والخبير الأمني عباس الغريري إنّ "ما أفرزته السنوات الماضية، والذي تسبب في سقوط نحو ثلث العراق بيد تنظيم "داعش"، يشير إلى أنّ العراق ما يزال في خطر، في ظلّ استمرار نظام المحاصصة الطائفية داخل الحكومة"، لافتاً إلى أنّ "العراق إذا ما حصل تغيير حقيقي داخل النظام السياسي، فإنّه مقبل على مرحلة صعبة وقد تتسبب في ظهور جماعات متشدّدة تحت مسميات جديدة".

وأضاف الغريري أنّ "جميع القوى السياسية استعدت لمرحلة ما بعد "داعش"، وكل منها تسعى لتحقيق مكاسب، وتفكر ببعد استراتيجي من خلال سعيها لتقسيم العراق إلى دويلات، أو فرض هيمنتها على القوى والمكونات الأخرى سياسياً وإدارياً وعسكرياً".

ونوّه الغريري إلى أنّ "معظم القوى السياسية اليوم أصبحت تمتلك قوات عسكرية وجيوشاً قوية بمسميات مختلفة، وإنّ أي صراع سياسي في المرحلة المقبلة قد يتحول لصراع عسكري واقتتال داخلي بين هذه القوات".

 

 

(الخليج أونلاين)