المرجع الشيخ حسين وحيد الخراساني يدعو إلى نبش قبور كل من الخليفة الأول والثاني واستخراج ما بقي من جثتيهما ليدفنا في مكان آخر لأنهما يدفنان حاليًا في أرض مغتصبة حسب قولهِ ألا وهي أرض فدك.
بداية أقول إن رأي الشيخ الخراساني لا يمثل نفسه فقط بل هو رأي لعدد من علماء الشيعة ولكن الفرق أنه يعلن عن ذلك صراحة بينما يصمت الآخرون عن إعلان ذلك، وفي كلا الأمرين فإنهم يمثلون كارثة حسب فهمي.
الكارثة هي في الأثر السياسي والاجتماعي الذي سيقع إنعكاسًا لهذا الرأي مهما كان صحيحاً أم خاطئًا فلست هنا بصدد مناقشة الفتوى الفقهية للموضوع بل لا تعنيني أصلًا بقدر ما يعنيني الفتنة التي ستترتب على هذا التصريح الذي أشيع مؤخرًا في وسائل الإعلام والذي تناقلته القنوات الطائفية من المذهبين بين مؤيدة وبين منددة.
إن هذه الدعوة من الشيخ الخراساني ومن يتفق معه بذلك من العلماء يقابلها بالطرف الآخر دعوة علماء الوهابية والإخوان المسلمين اللذين يطالبون بهدم قبور الأئمة عليهم السلام وبالتالي كلا الدعوتين هي مادة دسمة لإستمرار الصراع الطائفي في المنطقة ستجعل من شعوب المنطقة أنهر من الدماء خصوصًا اذا ما تم توظيفها من قبل اللاعبين الدوليين على وتر الطائفية.
هل هذا هو مفهوم الدين ؟!!
هل هذه هي الرسالة الإسلامية المحمدية ؟!!
هل هذا هو منهج اهل البيت عليهم السلام ؟!!
أليس الإستمرار على هذا المنهج الطائفي البغيض كفيل بإعادة إنتاج العديد من القوى الإرهابية في المنطقة بل ولادة قوى إرهابية جديدة أكثر بشاعة وأكثر دموية من سابقاتها !!
إقرأ أيضًا: الخامنئي يتبرأ من تصريحات المرجع الخراساني حول قضية الزهراء
حينما يتم إستغلال بعض المناسبات الدينية لتسويق مثل هذه الأفكار المتطرفة فإنها إستغلال واستغفال لمشاعر المتأثرين بهذا الخطاب وتجهيزهم نفسياً لتقبل الفكر الطائفي المنطلق من عوامل الجهل والعاطفة المجردة من العقل والمنطق والحكمة.
لا يمكن لنا أن نصمت أمام هذه الفتن الكبيرة فلو كان تأثيرها مقتصراً على أصحاب الفتنة أنفسهم أو بلدانهم لما تطرقنا لها ولما بادرنا بالتعليق أو الجواب عليها وإنما حين نرى أن الساحة العراقية خاصة والمنطقة عامة هي أول المتأثرين بها فلا يمكن لنا أن ندفن رؤوسنا بالأرض ونكون كالنعام.
إن القضاء على التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها لا قيمة له مالم يتم القضاء على الفكر المتطرف الموجود في تراث الطائفتين، وإن أية دعوة للتقارب او الوحدة الإسلامية لا معنى لها في ظل وجود هذا الفكر المتطرف في منهجية كل منهما والذي يكون تأثيره على الإسلام أشد وأكثر ضرراً من المعادين له.
ما هي قيمة وجود العلماء في الأمة دون أن يبادروا إلى التصدي لمثل هذا الفكر المتطرف ويعملوا على حقن دماء المسلمين، فإن دورهم لا يقتصر على المجاملات السياسية التي تخالف الأصول المنهجية التي يعتمدون عليها في مدارسهم حتى وإن حاولوا إخفائها سراً وعدم الجهر فيها لاسيما أن عصر الحداثة اليوم قد جعل العالم كالقرية الصغيرة التي يطلع سكانها على علوم وثقافات ومعارف بعضهم بكل سهولة، ولكن إنما قعودهم عن هذا الأمر ناتج عن سببين:
الأول: إيمانهم بهذا الفكر المتطرف حتى وإن لم يعلنوا ذلك.
الثاني: أنهم يخالفون هذا الفكر المتطرف ولكنهم يخافون على مواقعهم في صدارة الحوزة الدينية والمؤسسات الإسلامية المختلفة.
وبالتالي على الأمة ان تتحمل نتيجة هذه الإخفاقات أو هذه المصالح الدنيوية التي هي أبعد ما يكون عن منهج الإسلام الأصيل.
حسين الموسوي
سياسي عراقي مستقل