الخصخصة هي مصطلح إقتصادي حديث أفرزته التطورات الإقتصادية التي حدثت في دول العالم قاطبة، حيث تعرف الخصخصة بأبسط تعريفاتها على أنها تحويل ملكية مؤسسات الدولة العامة إلى القطاع الخاص.
وقد عملت التنظيمات السياسية في جميع أرجاء العالم ومنذ القدم على تقديم كافة الخدمات داخل الدولة من خلال السلطة العامة في الدولة، فجميع الخدمات من مياه و كهرباء وصحة وتعليم وبريد ومواصلات وإتصالات وغيرها كانت تقدم من قبل الدولة من خلال منشآت أنشأت لتلك الغايات، وكانت تلك المنشآت التي تقوم بذلك منشآت عامة مملوكة بالكامل للدولة، و مع إزدياد حجم السكان داخل الدول وتعقد نشاطات الحياة أصبح الإضطلاع بتلك المسؤوليات يشكل ثقلا بالغا على الحكومات في الدول لتحقيقه على أكمل وجه يرضي الناس، ومن هنا ولدت فكرة الخصخصة التي مورست لاحقًا على نطاق واسع خلال النصف الثاني من القرن العشرين في معظم دول العالم؛ بحيث أصبحت تتحول منشآت الخدمات على وجه الخصوص من القطاع العام إلى القطاع الخاص، ومع مطلع الألفية الثالثة إزدات الدول تطبيقا لها، وأصبح يرى الكثير من دول العالم غير المتقدمة أيضًا تحذو تلك الطريق بغية رفع سوية الخدمات فيها.
إن أكثر من سبب دعا نحو هذا التوجه العالمي؛ ومن ذلك: كثرة الأعباء الملقاة على حكومات الدول وعدم توفر الأموال الكافية لتطوير قطاعات الخدمات، وعدم قيام المؤسسات الحكومية على أساس الربح مما لا يجعلها تبحث عن المنافسة في تقديم الأفضل للناس لعدم إعتمادها على تحقيق أرباح.
إقرأ أيضًا: عين الحلوة وضرورة الحسم العسكري!!
وكانت الخصخصة سببًا في فوائد كثيرة للناس عبر تطوير الخدمات ونقلها نقلة نوعية لاحظها القاصي والداني، ولكن تبقى النقطة المحورية هي الرقابة الحكومية على أداء تلك المؤسسات بعد أن أصبحت للقطاع الخاص وتهدف للربح ، حتى لا تغالي في أرباحها على حساب الناس، أو لا يجني الناس منى الفائدة المرجوة.
وفي لبنان يعود موضوع الخصخصة إلى الواجهة إنطلاقًا مما أثاره رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حول مشاركة القطاع الخاص في حل مشكلة الأعباء المالية الثقيلة لمؤسسة الكهرباء للكهرباء ومن المقرر أن تناقش الموضوع جلسة مجلس الوزراء في جلستها التي ستعقد اليوم.
وشكل هذا المطلب لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع علامة فارقة في التوجه السياسي والإنمائي لحزب القوات اللبنانية لما يشكله من حلول جرئيئة لأزمة الكهرباء في لبنان وقد قال جعجع في تعليقه على هذا المطلب:
اذا لمسنا أننا موجودون في الحكومة دون تغيير الوضع القائم سنقدم إستقالتنا لأننا لا نهوى العمل الحكومي بل هدفنا تصحيح الوضع القائم، وطالب الحكومة بتنفيذ القرار الصادر عام 2014 والذي يجيز للحكومة تلزيم القطاع الخاص إنتاج الكهرباء.
ومن هنا فإن المطالبة بإشراك القطاع الخاص في توليد وتوزيع الكهرباء، منطقيّة وضرورية وملحّة وفي مكانها وزمانها خصوصًا في ضوء المبالغ الطائلة التي دفعتها الخزينة العامة على مدى السنوات الماضية.
إقرأ أيضًا: الحكومة تتظاهر ضد الحكومة
وهذا الأمر برمّته يكتسب حيويّة كبيرة بالنظر إلى حجم المرتبط بدعم الكهرباء، من دون أن يتأمن التيّار تمامًا، وفي ضوء إستمرارهم في دفع فاتورتين، واحدة للشركة الرسمية وثانية لأصحاب المولدات.
ومع ذلك فإن هناك مشروعا حكوميًا متكاملًا لإنتاج الطاقة، وبمواصفات نظيفة ولا تقتصر فقط على مصدر أوّلي واحد، أي باعتماد أحدث الطرق البيئيّة والأكثر توفيرًا، وبالشراكة مع القطاع الخاص سيعرض قريبًا على مجلس الوزراء من أجل إيجاد حلّ جذري ودائم لهذه المشكلة الكبيرة والمكلفة، بل والمهينة بحق لبنان ودولته ومؤسساته وأهله.
وهذا المشروع يعتمد صيغة منطقية وجدّية وتتناسب وتتناسق مع ظروف الخزينة العامة، ومع الحاجة الأكيدة الى إشراك القطاع الخاص بما يعنيه ذلك تحديدًا من فرص عمل وخصوصًا في مناطق الأطراف التي تعتبر الأكثر معاناة، من البطالة.
ولا يختلف عاقلان، على أنّه آن الأوان لوضع ذلك الحل موضع التنفيذ وبما يحقق مكرمتين أكيدتين، الأولى إراحة الدولة وخزينتها المثقلة من مصيبة الدعم التام لهذا القطاع، والثانية إراحة الناس في جيوبهم وأعصابهم وحقوقهم البديهية.