في خطوة هي الأولى منذ تأسيسها في خمسينات القرن الماضي، تعقد الجماعة الإسلامية (وهي الفرع اللبناني لتنظيم الإخوان المسلمين) مؤتمرها السياسي والعام في السادس والعشرين من شهر آذار (مارس) الحالي في قاعة المؤتمرات في مركز البيال في الوسط التجاري في بيروت.
وسيشارك في هذا المؤتمر إضافة لقيادات وكوادر الجماعة من كل المناطق اللبنانية، شخصيات سياسية ودينية وإعلامية من مختلف الاتجاهات والأطراف، وهي خطوة جديدة تعتمدها الجماعة منذ تأسيسها وكذلك ستميّزها عن بقية القوى والحركات الإسلامية في لبنان والتي تحرص على عقد مؤتمراتها الحزبية بعيدا عن الأجواء الإعلامية والسياسية ويتم عادة نشر نتائج هذه المؤتمرات عبر وسائل الإعلام بعد انتهاء المؤتمرات.
وكانت الجماعة الإسلامية قد أجرت انتخابات جديدة لقياداتها منذ حوالي السنة وتولى موقع الأمانة العامة الأستاذ عزام الأيوبي خلفا للامين العام السابق الأستاذ إبراهيم المصري، ويعتبر الأيوبي من الجيل الثاني من قيادات الجماعة، في حين ان المصري والأمينين العامين الراحلين الدكتور فتحي يكن والمستشار الشيخ فيصل المولوي من الجيل المؤسس ومن القيادات التي لعبت دورا مهما في حركة الاخوان المسلمين ليس في لبنان فحسب بل على مستوى العالم العربي والإسلامي وصولا لأوروبا وأمريكا.
وحرص الجماعة الاسلامية على عقد مؤتمرها السياسي العام الأول بشكل علني يهدف حسب مصادر قيادية في الجماعة إلى بعث رسالة واضحة للأطراف السياسية والحزبية في لبنان والخارج على تبني الجماعة لخيار العمل السياسي العلني الرافض لاعتماد أسلوب العنف والتطرف وعلى استعدادها للتعاون مع كل الأطراف اللبنانية من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وقد عمدت قيادة الجماعة خلال العام الماضي إلى ترتيب أوضاعها التنظيمية والسياسية وأطلقت بعض المبادرات من أجل ترتيب الساحة الإسلامية السنية والتعاون مع عدد من القوى والحركات الإسلامية لعقد مؤتمر موسع لمواجهة الإرهاب والعنف.
وأما على صعيد العلاقة مع إيران وحزب الله، فقد أجرت الجماعة لقاءات حوارية بعيدا عن الإعلام معهما، مع أن بعض قيادات الجماعة شاركت مؤخرا في حفل الاستقبال الذي أقامته السفارة الايرانية في بيروت بمناسبة الذكرى السنوية لانتصار الثورة الاسلامية في ايران، لكن هذه المشاركة العلنية والموسعة في احتفال السفارة ترك ردود فعل نقدية وقاسية من قبل بعض كوادر وعناصر الجماعة أو بعض المقربين من الجماعة وخصوصا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أدى ذلك إلى عدم قبول قيادة الجماعة الدعوة التي وجهها مجلس الشورى الايراني للمشاركة في مؤتمر دعم القضية الفلسطينية في طهران مؤخرا.
وأما على صعيد علاقة الجماعة بتيار المستقبل فمن غير الواضح ما هي الرؤية التي ستعتمدها الجماعة في المرحلة المقبلة في هذا المجال بسبب بروز تباينات واضحة بين الفريقين على صعيد التعاطي مع الأوضاع الداخلية والخارجية في المرحلة الماضية، وإن كانت الاتصالات واللقاءات بين قيادتي الطرفين لا تزال مستمرة إن على المستوى المركزي أو في المناطق، وقد التقى مؤخرا الأمين العام للجماعة الأستاذ عزام الأيوبي مع زعيم تيار المستقبل رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري، كما كانت قيادة الجماعة قد سلمت سفارة السعودية في لبنان مشروعها لترتيب البيت السني ولكن لم تتلق أية ردود فعل على هذه المبادرة، وقد أعلن رئيس المكتب السياسي للجماعة النائب السابق أسعد هرموش خلال لقاء إسلامي عقد قبل أسبوعين في طرابلس (شمال لبنان) عن الحاجة لإعادة ترتيب أوضاع الساحة الإسلامية السنية والاتفاق على قيادة ومرجعية مركزية لمواجهة مختلف التحديات في لبنان والمنطقة.
إذن فإن المؤتمر العام المقبل للجماعة في أواخر شهر آذار (مارس) الحالي سيكون معنيا بتحديد رؤية الجماعة للمرحلة المقبلة وأي دور ستقوم به في مواجهة مختلف التحديات، فهل ينجح هذا المؤتمر في حسم الخيارات السياسية للجماعة والإجابة عن كافة الأسئلة والإشكالات التي تواجهها اليوم؟