هل يتعارض الواقع العائلي لدى الفنانين مع الواقع الفنّي، وهل تحمل الشهرة والنجاح والمال السبب الرئيسي في مشاكل بين بعض الفنانين وأشقائهم، أو لبعض المقربين منهم؟ وهل يقع بعض الأشقاء ضحايا شهرة أشقائهم، فلا يساومون على العلاقة العائلية، ولو من منطلق عملي فعلي، ويتخذون قراراً بالهجر؟
أول من أمس رحل شقيق الفنانة اللبنانية نجوى كرم، نقولا كرم عن خمسين عاماً، بعد أزمة قلبية مفاجئة. كرم وهو الشقيق الأصغر لنجوى، كان واحداً من الذين آمنوا بموهبتها منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، ولازم شقيقته طوال فترة البدايات، وساعدها على العبور إلى طريق النجومية، قبل أن تبدأ الخلافات بين الشقيقين، بعد زواج نجوى كرم من المتعهد الفني يوسف حرب 2000 وهروبها معه إلى كندا، ثم طلاقها منه. لكن ذلك لم يشفع لإعادة الثقة بين الشقيقين على صعيد العمل، فاختارت كرم ابن شقيقتها سلوى، طارق أبو جودة، لإدارة أعمالها، لكنها حافظت على علاقتها الأسرية مع نقولا وأشقائها طوني وجان، اللذين لم يُساهما إلى حد كبير في نجاحها الفنّي وظلا مراقبين من بعيد.
يؤكد كثيرون، أن شقيق نجوى الراحل نقولا، كان من أشد العارفين بأسرار نجاح نجوى كرم، ويرددون أن بعض العثرات الفنية التي تواجه صاحبة "أنا ما فيي" هي بسبب، غياب الشقيق الأقرب إليها، وأنه كان بإمكانها القفز إلى أعلى لولا بقي نقولا إلى جانب شقيقته. لكنه بقي رجل الظل في حياة نجوى كرم الفنيّة خصوصاً في السنوات الأخيرة، بدليل بعض الصور التي كانت تجمعهما، وتُنشر في الصحافة، لتقول إنهما تعاهدا على الودّ، وتلفت أحياناً إلى وصية واحدة أوصى بها والد نجوى كرم ابنته قبيل رحيله وهي شقيقها نقولا.
كل ذلك يضع أمامنا علامات استفهام كبيرة حول علاقة الفنانة بأسرتها، والعلاقة مع وأمام الناس، والسؤال الأنسب ربما، هل تتغلب العاطفة أحيانًا على المشاريع الفنيّة؟ ولماذا يكبر الشرخ العائلي بين الأشقاء ويصل إلى حدود الطلاق في العمل، ومرات في الحياة عموماً؟
أصالة نصري
لم تكن الفنانة أصالة نصري بعيدة هي أيضاً عن مشاكلها مع أشقائها، تحديداً شقيقها الراحل أيهم مصطفى نصري، توفي (2014) بسبب سكتة دماغية مفاجئة، الوضع مشابه لما حصل مع نقولا كرم أول من أمس، ورحيله، وصدمة نجوى كرم لم تقل عن صدمة أصالة نصري بعد رحيل شقيقها، واتخاذها قراراً بضرورة حضانة نجله، الصغير.
حاولت أصالة بعد طلاقها من زوجها الأول أيمن الذهبي، أن تربط شقيقها أيهم بأعمالها، لكن حسابات أيهم لم تأت بما يتناسب مع تطلعات أصالة، ففضلا البعد، بعد مشاكل كثيرة، ولم يعقدا صلحاً حتى وفاة أيهم.
لكن أصالة لم تصفح حتى اليوم عن الخلاف القوي بينها وبين شقيقتها ريم نصري، لأسباب لها علاقة بالموقف السياسي الذي اتخذته ريم نصري مساندة لنظام الأسد، في حين تغرد أصالة منذ بداية الثورة مع سرب المعارضين وضرورة التغيير والحرية في سورية، وكذلك لا يخلو الأمر من أسباب عائلية، وقعت بين أصالة وريم بسبب دخول الأخيرة عالم الغناء، في محاولة منها لمنافسة شقيقتها. وتقف والدة أصالة نصري موقف المُتفرج على كل ما يحصل، ويبدو أنها لا تسعى كثيراً للتوفيق بين الأبناء، ولمّ شمل العائلة، فيما تبقي أصالة على علاقة وطيدة تجمعها بشقيقها الأصغر أنس نصري، الذي يعمل كمدير أعمالها، ويرافقها في معظم نشاطها الفنّي، والتسجيلات والاطلالات التلفزيونية، كما أن علاقتها جيدة مع شقيقتها أماني التي تعيش في القاهرة.
نوال الزغبي
قد تكون قصة الفنانة نوال الزغبي مع شقيقها مارسيل الزغبي مشابهة للعلاقة التي ربطت بينن نجوى كرم وأصالة نصري وشقيقيهما، فبعد انفصال الزغبي عن زوجها إيلي ديب (2008)) حاولت تسليم إدارة أعمالها لشقيقها مارسيل الزغبي، الذي عمل لوقت مع شركة بلاتينوم ريكوردز، وكذلك مع شركة "ارابيكا" وكان إلى جانب نجاحات المطرب وائل جسّار، ومحمد عساف بعد فوزه في برنامج "آرب أيدول" الموسم الثالث.
لكن نوال اختلفت مع شقيقها بعيد طلاقها، واختارت باسكال مغامس لإدارة أعمالها، في تعاون استمر لأكثر من ثماني سنوات، شهدت على تراجع نوال الزغبي الفنّي، وحرمانها من نشاطات بسبب سياسة مغامس الخاصة، حتى أعلنت الزغبي في تغريدة على صفحتها "تويتر" أنها انفصلت عن باسكال مغامس في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأوكلت مهمة إدارة أعمالها إلى شقيقها مارسيل الزغبي، ليعود التوافق والتنسيق بين الشقيقين بعد أكثر من 10 سنوات على الخلاف بينهما.
معين شريف
ارتبط الفنان معين شريف بشقيقه منجد شريف، وأوكله مهمة إدارة أعماله، مُنجد شريف شهد على نجاحات شقيقة في البدايات، واستطاع أن يكون رجل الظلّ في نجاح معين واختيار أغنياته، ووضع سياسة منهجية للترويج لأعمال شقيقه، ومواعيد لقاءاته التلفزيونية والإعلامية، وكان مرناً مع المتعهدين الفنيين لجهة الحفلات التي شارك فيها معين شريف، لكن قبل عام واحد، طرأ خلاف بين الشقيقين، ووقع الانفصال العملي بشكل نهائي. مُنجد شريف يخرج بين حين وآخر عن صمته، في بعض المواقف على صفحته الشخصية على فيسبوك فيقول "من تصنع نجاحهم يصنعون مأساتك" في سعي للرد غير المباشر على بعض الانتقادات التي تطاوله جراء الانفصال عن شقيقه عملياً، بينما يحاول بعض المقربين من الأخوين إتمام مصالحة بينهما دون جدوى.