حتى الآن مازال الجواب عن كيفية دخول تنظيم داعش مدينة تدمر بعد تحريرها غير واضح. ثمة من يعتبر أن الطيران الروسي والسوري كان بإمكانه قصف جحافل التنظيم التي عبرت الصحراء ودخلت إلى المدينة وسيطرت عليها وعلى محيطها. وهناك من يذهب أبعد معتبراً أن المدينة سلّمت تسليماً ولم يسيطر التنظيم عليها بفعل قتال. أصحاب وجهة النظر هذه يعتبرون أن غض الطرف الروسي عن هذا الدخول يصب في سياق توجيه ضربة ناعمة ومعنوية إلى إيران في عمق سيطرتها الإستراتيجية. ويربط هؤلاء بين ذلك والتفجير الأخير الذي حصل في حمص واستهدف مبنى الأمن العسكري.
في المقابل، هناك وجهة نظر أخرى تقول إن السماح للتنظيم بدخول تدمر، جاء بهدف عدم محاصرته بشكل كامل في الرقة ودير الزور. ما سيؤدي إلى استشراسه في القتال هناك. بالتالي، فإنه فور الدخول في معركة الرقة ودير الزور والقضاء على التنظيم فيهما تصب الجهود من جديد في اتجاه تدمر لطرد التنظيم منها. وما بين وجهتي النظر، تفيد معلومات بأن حزب الله وروسيا وإيران والجيش السوري يستعدون للدخول في معركة جديدة في تدمر لطرد تنظيم داعش منها. وتلفت مصادر متابعة لـ"المدن" إلى أن الحزب أرسل تعزيزات عسكرية إلى تلك المنطقة بهدف الدخول في معركة جديدة لتحريرها.
وتقول المصادر إن روسيا تريد السيطرة على تلك المنطقة، بعد توافق بين دمشق وموسكو على أن يكون حقل الشاعر لإنتاج النفط والغاز خاضعاً لسيطرة الروس. علماً أن خلافاً نشب في السابق بين روسيا والنظام السوري، على كيفية إستفادة موسكو من منتجات هذا الحقل. وتعتبر موسكو أن إيران كانت تدعم النظام السوري ليكون الإنتاج محصوراً بالنظام على أن يتم بيعه لروسيا، فيما مطلب موسكو هو السيطرة الكاملة على الحقل. وتفيد المصادر بأن التوافق حصل أخيراً على أن يكون هذا الحقل بمثابة ملك لروسيا.
لكن، هناك وجهة نظر أخرى، تعتبر أن دخول حزب الله وإيران في معركة تدمر، ستكون بدون مشاركة روسيا، التي تريد البدء بمعركة الرقة ودير الزور بناء على تنسيق مع الولايات المتحدة وتركيا. وتقول: "كان من المفترض أن تكون معركة تدمر بعد الانتهاء من معركة الرقة ودير الزور. وهي منطقة حيوية، فمن يسيطر عليها يستطيع السيطرة على ريفي حماه وحمص. وهناك كباش روسي إيراني على هذه المنطقة. فإيران تعتبر أنه في حال سيطرت روسيا على تدمر سيصبح النفوذ الإيراني محصوراً بين حمص والزبداني، أي سيمتد نفوذها على منطقة واقعة على الحدود مع لبنان، في ظل مساع أميركية وإسرائيلية لجعلها منطقة آمنة. بالتالي، فإن نفوذ إيران سيبقى مهتزاً. وهذا الكباش هو عبارة عن صراع على مناطق النفوذ الإقتصادية بعد خسارة إيران منطقة الساحل لمصلحة روسيا.
لا تخفي المصادر إمكانية الوصول إلى مرحلة تكبر فيها الاختلافات بين روسيا وإيران، لكن وفق مصادر إيرانية كبرى، فإن هناك قرارين لدى الدولتين بعدم إثارة أي إشكال ومنع تعاظمه، خصوصاً أن هناك إتفاقيات كبرى بين الدولتين. بالتالي، فإن حجم التوافق والتفاهم بينهما أكبر من حجم الاختلافات. لدى حصول أول اشتباك مباشر بين حزب الله وتنظيم داعش في مطار أبو الظهور العسكري، انعكس ذلك على الوضع الأمني في لبنان. وفي حينها حصلت تفجيرات في المناطق اللبنانية ولاسيما في الضاحية الجنوبية. واليوم، تخشى المصادر أن أي معركة قد تحصل بين الحزب والتنظيم من أن تنعكس على الداخل اللبناني.
وفي السياق، ثمة من يعتبر أن الخطة الثلاثية أي الأميركية والروسية والتركية، وبتنسيق مع دول الخليج، تقضي بضرب إيران ونفوذها على الناعم. وهنا، تربط المصادر التصعيد الإيراني التركي الأخير، الذي نجم بفعل إتفاق أميركي تركي حصل بعد اجتماع عقد في أنقرة بين رئيس أركان الجيش الأميركي وقادة عسكريين أتراك، يقضي بمنح تركيا خمسة آلاف كيلومتر مربع داخل الأراضي السورية كمنطقة آمنة، وهي تشمل جرابلس، الباب، ومنبج. وهذه المنطقة من شأنها محاصرة النظام في حلب الشرقية. وهذا ما ترفضه إيران كلياً، وتخشى أن يتمدد إلى كل الجغرافيا السورية، خصوصاً في ظل معلومات تتحدث عن إنتشار عسكريين روس على الحدود اللبنانية السورية، فيما البعض الآخر ينفي ذلك معتبراً أن الوجود الروسي سيقتصر على وجود إستشاريين.