يجمع عدد من الوزراء والنواب، ممن يواكبون الاتصالات الجارية من أجل التوافق على قانون انتخاب جديد، على أن لا بوادر انفراج تدعو إلى التفاؤل في إمكان ولادة القانون ما لم يبادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى تشغيل محركاته، خصوصاً أنه كان على حق عندما طرح أمام طاولة الحوار التي استضافها في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة ضرورة التفاهم على سلة متكاملة تبدأ بانتخاب رئيس جمهورية جديد وتشكيل الحكومة العتيدة والتوافق على قانون الانتخاب.
ويقول هؤلاء إن تعثر اللجنة الرباعية التي تضم ممثلين عن تيار «المستقبل» و «التيار الوطني» و «حزب الله» وحركة «أمل» في تسجيل اختراق، يمكن أن يدفع في اتجاه التعويل على إنتاج قانون انتخاب جديد يشكل دعماً لوجهة نظر الرئيس بري، لا سيما أن اجتماعاتها اصطدمت بحائط مسدود بسبب التباين في وجهات النظر داخل اللجنة. ولم يفلح الوزير جبران باسيل في إقناع زملائه في اللجنة بوجوب تبني طروحاته الانتخابية على رغم أنه حاول في كل مرة أن يحضر معه إلى اجتماعاتها مجموعة من التعديلات التي لم تلق أي تأييد.
ويكشف الوزراء والنواب أنفسهم عن أن ملء الشغور الرئاسي في انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومن ثم تشكيل حكومة «استعادة الثقة» برئاسة زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري، لم يحدثا حتى الساعة أي تقدم سياسي ملموس يمكن توظيفه في إنجاز قانون انتخاب جديد، ويعزون السبب إلى التباعد في وجهات النظر داخل اللجنة الرباعية لما لهذا القانون من تأثير مباشر في إعادة تكوين السلطة في لبنان. ويؤكد هؤلاء أن الشيء الوحيد الذي يمكن استنتاجه من تعثر اللجنة الرباعية يكمن في حتمية تأجيل إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الربيع المقبل، وأن الخلاف يدور حول المدة الزمنية لهذا التأجيل في ضوء ما يتردد في الكواليس عن أنها تتجاوز الخريف المقبل إلى ربيع 2018.
ويرى الوزراء والنواب أنه من الظلم تحميل فريق الخبراء المنبثق عن اللجنة الرباعية مسؤولية التعثر في وضع قانون الانتخاب، لأن القرار السياسي ليس في يدهم وإنما في مكان آخر، وأن دوره يقتصر على الجانب التقني والرقمي، ناهيك عن أن فريق الخبراء -كما يقول الوزراء والنواب- يواجه مشكلة أساسية تتعلق بأمرين: الأول عدم التفاهم على أي قانون انتخاب يمكن أن تتوصل إليه اللجنة الرباعية، والثاني يتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية، سواء في القانون الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي أو الذي يعتمد النسبية الكاملة مع أنه سُحب من التداول لمصلحة التوافق على القانون المختلط.
كما أن النواب المنتمين إلى اللجنة الرباعية يواجهون عجزاً لدى سؤالهم عن احتمال التوصل إلى قانون انتخاب، وهذا ما عبر عنه أكثر من عضو في فريق الخبراء الذين وجهت اليهم أسئلة حول احتمال التوصل إلى قانون جديد ومتى. وكان جوابهم: القرار السياسي ليس في أيدينا ويجب أن يوجه السؤال إلى الجنة الرباعية التي تغرق حالياً في «طبخة بحص»، ولا تعرف من أين يجب أن تبدأ لإحداث خرق في قانون الانتخاب مع أن حظوظ المختلط تتقدم على المشاريع الأخرى.
لكن ما يميز بعض النواب عن سواهم من زملائهم في إجاباتهم عن توقعاتهم حيال قانون جديد، قولهم في حلقات ضيقة تجمعهم بمناصريهم، إن الشرط الوحيد لإحداث تقدم يمكن التأسيس عليه لولادة قانون جديد، يتوقف على مدى استعداد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير باسيل على عدم إشعار مكونات سياسية وطائفية في البلد بأنه لا يستقوي بالرئاسة لفرض قانون على الآخرين، إضافة إلى تبديد ما لديهم من هواجس لجهة أنه يريد أن يهيمن على قواعد اللعبة السياسية من خلال قانون يكون على قياس طموحاته.
ويسأل هؤلاء النواب هل اقتنع باسيل بعدم جدوى ولوج مغامرة سياسية بهذا الحجم، خصوصاً أنه عندما يطرح أفكاره الانتخابية على زملائه في اللجنة الرباعية لا يجد بينهم من يناصره الرأي في طروحاته، سواء من حلفائه أو من الآخرين؟
أما لماذا قرر «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط أن ينأى بنفسه عن الدخول في سجال حول طروحات باسيل الانتخابية، فإن مصادره تؤكد لـ «الحياة» أن جنبلاط أودع بري ما لديه من أفكار وأن الأخير عهد إلى معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل مهمة تسويقها على قاعدة أن رئيس البرلمان يتفهم دوافعها، ويرى أن هناك ضرورة للتعاطي معها بجدية، إضافة إلى أن الحريري باقٍِ على كلمته بأنه لن يمشي في قانون لا يرضى به جنبلاط ويرفض أي قانون يعتمد التأهيل أولاً والنسبية الكاملة ثانياً.
وذلك ما قصده الرئيس بري عندما دعا الحكومة إلى أن تتفرغ بعد إقرار مشروع الموازنة للعام الحالي، إلى البحث في قانون الانتخاب الجديد، لأن من اختصاصها أن تحيل مشروعها في هذا الخصوص إلى البرلمان ليتولى درسه وإدخال التعديلات عليه إذا كانت ضرورية، تمهيداً للتصديق عليه ليصبح نافذاً كبديل من القانون الحالي.
فرئيس البرلمان أراد أن يسدد الكرة في مرمى الحكومة لعلها تترك مهمة إقرار القانون للمجلس النيابي، باعتبار أن هناك مشاريع انتخابية عدة كانت نوقشت في اللجان النيابية المشتركة أو في اللجنة المصغرة وتقرر تجميد البحث فيها لأن من يأخذ على عاتقه النظر فيها لا يملك القرار السياسي، وهذا ما أدى إلى دوران الاجتماعات في حلقة مفرغة.
وعليه يسأل الوزراء والنواب عن رد فعل رئيس الجمهورية حيال تعثر التوافق على قانون انتخاب، خصوصاً أنه كان تعهد محلياً وخارجياً بوضع قانون جديد تجرى على أساسه الانتخابات النيابية وبالتالي لا يمكن تبرير التأجيل ما لم يتم الاتفاق على هذا القانون كذريعة لترحيل الاستحقاق النيابي من أيار (مايو) المقبل إلى موعد آخر. ويؤكد هؤلاء أن الرئيس عون تعهد بإجراء الانتخابات وبالتالي لن يفرط بمصداقيته أمام الرأي العام المحلي أو المجتمع الدولي، ويرون أن الجميع ينتظر الخطوة التي سيقدم عليها.
وفي هذا السياق، يتردد أن رئيس الجمهورية هو الآن أمام احتمالين، الأول أن يوجه رسالة إلى البرلمان يحثه فيها على إنجاز قانون جديد بذريعة أن لديه مشاريع عدة تستدعي منه الانعقاد للنظر فيها، أو أن يلجأ إلى الخيار الثاني، بالدعوة إلى حوار يرعاه شخصياً في بعبدا، لكن لا بد من التحضير له ليأتي بنتائج عملية.
وبكلام آخر، إن استضافة رئيس الجمهورية حواراً موسعاً تتجاوز التقاط صورة جامعة لأقطاب الحوار في بعبدا، إلى تهيئة الأجواء، بدءاً بتقريب وجهات النظر، ليشكل الحوار قاعدة انطلاق للتوصل إلى قانون جديد يتطلب تدخل الرئيس شخصياً من أجل تضييق نقاط الخلاف وإلا سيكون الحوار مجرد دعوة ولن ينتهي إلى توافق جامع، وسيصل إلى طريق مسدود أسوة باللجنة الرباعية التي عجزت عن إحداث خرق فكيف الحال بحوار موسع في غياب حد أدنى من القواسم المشتركة.
رئيس «التيار الحر» يلوح بـ «الأرثوذكسي»
لوح رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير اللبناني جبران باسيل بالعودة إلى طرح مشروع «القانون الأرثوذكسي» إذا لم توافق الأطراف على أي من المشاريع المطروحة «وكنا ضحينا به وهو الذي يحقق المناصفة الحقيقية والتمثيل الصحيح للطوائف»، منبهاً إلى أن «لا يراهن أحد على الوقت لتغيير نظرتنا».
ورأى باسيل في كلمة له خلال جولة مناطقية أن «الحوار ضروري ولكن ليس على حساب الوقت. وبتنا قريبين من ساعة الحسم وجميعنا يؤكد ضرورة التغيير». وسأل: «هل نريد أن نبقى محكومين بقانون الستين أم نريد أن نذهب إلى الأمام؟ من هنا لا يهم ما نضحي به أو ما نربحه، ولا نطلب من أحد أن يتنازل عن مقعد ولا نطلب أن يضحوا إلا بالذي نضحي به أيضاً، ونحن اقترحنا قانونين أحدهما مختلط وفيه معيار واحد يصحح التمثيل وقانون آخر تأهيلي بمعايير واضحة لصحة التمثيل، وهذان القانونان وافق على أحدهما فريق وآخر وافق عليه فريق آخر. والخلاف بين الفريقين لا يتعدى إطار الخلاف على مقعد واحد أو مقعدين على الأكثر. فهل مقعد أو مقعدان يستأهلان الخلاف؟ لذلك نحن مستعدون لتقديم قانون ثالث، ولكن ماذا سيحصل بعدها إذا لم يوافق الأطراف على هذا القانون الثالث؟ عندها سنعيد المطالبة بالقانون الأرثوذكسي».
واعتبر باسيل أنه إذا «كانت النية عدم إجراء الانتخابات والمماطلة في الوصول إلى حل فعلي، فنحن لسنا أقلية ولا يستطيع أحد أن يتفق علينا. ولا يراهن أحد على الوقت لتغيير نظرتنا وموقفنا هو الذي تفاهمنا عليه مع حزب الله وحركة أمل والمستقبل والقوات وجميع اللبنانيين وهو عدم العودة إلى قانون الستين، ومن يخل بهذا الاتفاق هو الذي يتحمل مسؤولية تدهور البلد. وعندما لا يوقع رئيس الجمهورية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة فهو يحترم خيار اللبنانيين جميعاً والاتفاق الحاصل بين القوى السياسية ويحترم الدستور».
ورأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية علي خريس في مناسبة لحركة «أمل» أن الجميع «أمام امتحان، والمعيار الحقيقي لتأمين الوحدة الوطنية وحماية الوطن لا يمكن أن يكون إلا بإقرار قانون انتخابي، وكنا أعلنا في أكثر من مناسبة بأننا ضد قانون الستين، وضد كل من يحاول التمديد لولاية المجلس النيابي، وأيضاً لا يمكن أن نقبل بالفراغ لأنه قاتل. والمطلوب أن يرتفعوا إلى مستوى الوطن وألا نفصل قوانين على قياسنا».
واعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي فياض أن «سبب عدم وصولنا إلى قانون انتخابي تتوافق عليه القوى المختلفة لا سيما بعد الجولة التفاوضية التي خاضتها على مدى الأسابيع الماضية، هو مغادرة المعايير والقواعد الموضوعية في إنتاج هذا القانون، لأنه عندما يتحرك البعض من موضع انحيازه في المعايير، يقابله البعض الآخر من موضع انحيازه إلى معايير مقابلة، فتصبح العملية معقدة، وتولد المعضلة الانتخابية».
ورأى أنه «لا يمكن ترجمة دعوة رئيس الجمهورية إلى قانون تتمثل فيه الأقليات الطائفية والسياسية والأقليات داخل الطوائف إلا من خلال نظام النسبية الكاملة الذي ندعو الجميع إلى أن يعودوا إليه، لا سيما أننا على عتبة الدخول مجدداً في مرحلة حوارية تفاوضية بين المكونات السياسية، لأن هذا النظام سيضع حداً لهذه الحالة الاستثنائية التي تعبر عن اختلالات تضرب التمثيل السياسي في البلد».
الراعي:12 سنة تمحيصاً... ولا قانون
اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «عدم ضبط المال العام وإعادته إلى خزينة الدولة وتحميل الشعب في المقابل المزيد من الضرائب والرسوم لوضع الموازنة وإصدار سلسلة الرتب والرواتب قباحة»، رافضاً أن «يستمر الشعب في تظاهرات وإضرابات مضرة للجميع ليطالب بحقوقه، فيما الواجب الوطني يوجب على المسؤولين تأمينها». وطلب من المسؤولين في عظة قداس أحد مدخل الصوم في بكركي أمس، من «الجماعة السياسية أن يسببوا الفرح للشعب بنشاطهم التشريعي والإجرائي والإداري والقضائي، ويخرجوه من قلقه وقهره وحاجاته وظلمه». واعتبر أيضاً أن «عدم إصدار قانون الانتخابات بعد اثنتي عشرة سنة من الدرس والتمحيص وأخذ القياسات الشخصية والفئوية، قباحة»، منتقداً «صم الآذان عن سماع صراخ الشعب».
قانون الانتخاب عالق بين عمل محركات بري والترويج لمبادرة يطلقها عون لإحداث خرق
قانون الانتخاب عالق بين عمل محركات بري والترويج لمبادرة...لبنان الجديد
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
جريدة الحياة
|
عدد القراء:
333
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro