هل يُطلق الرئيس سعد الحريري المفاجأة الكبرى ويفتح الباب أمام تغييرات جدية في المشهد السياسي؟ السؤال مردّه إلى ما كشفته معلومات موثوقة عن رغبة الرئيس الحريري في عقد تسوية مع الرئيس ميشال عون وحزب الله تشمل مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وهذه التسوية تتضمّن استعداده لبحث جدّي في مشروع قانون انتخابات على أساس النسبية الشاملة، في حال ضمن تعهداً من عون وحزب الله بعودته إلى رئاسة الحكومة. وبحسب مطلعين على المفاوضات الجارية (راجع مقال الزميلة هيام القصيفي)، فإن رئيس الحكومة يريد تأجيل الانتخابات سنة على الأقل، لكنه يثق بأن عون لن يقبل إلا بتأجيل تقني، الأمر الذي دفع الحريري الى الانتقال الى البحث الجدي لاستكشاف مرحلة ما بعد الانتخابات، والسعي إلى تحقيق مكسب أساسي وحيوي قبل إجرائها. وبحسب المعلومات، فإن الحريري يريد إجراء صفقة كاملة، تضمن عودة لا غبار عليها الى السراي، ولذلك، ترك الباب مفتوحاً أمام النسبية وفق مشروع الرئيس نجيب ميقاتي مع البحث في بعض التعديلات. لكن الجديد، بحسب ما يؤكّد العارفون، يتعلق باستعداد مبدئي من جانب الحريري للقبول باعتماد النسبية الشاملة، ولو على أساس لبنان دائرة واحدة. وهو يأمل من ذلك تجميع كل ما لديه من قوة انتخابية في الشارع السنّي، واستقطاب الأصوات السنيّة الضائعة في أقضية الجنوب والبقاع وجبل لبنان، ما يُمكّنه من تحقيق تفوّق مريح على منافسيه داخل الطائفة، ومن عقد تحالفات مع قوى من طوائف مختلفة تسمح بحصوله على كتلة نيابية كبيرة، وتعيده زعيماً لفريق 14 آذار الذي ستُحييه لائحة موحّدة في كل لبنان. وبحسب المصادر عينها، فإن الحريري يشترط أن تكون «عتبة تمثيل» أي لائحة مرتفعة جداً (مثلاً، كل لائحة لا تحصل على 10 في المئة من أصوات المقترعين لا تحصل على أيّ مقعد في البرلمان).
وفي سياق متصل، عُقد أمس اجتماع بين الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، برعاية وحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تطرق الى العلاقة بين الطرفين، والى ملفات عالقة، من بينها قانون الانتخابات، علماً بأن المشاورات بين حزب الله والتيار الوطني الحر حول قانون الانتخابات لم تُحقّق بعد توافقاً تاماً، وسط رغبة من الوزير باسيل بإبقاء قاعدة المختلط، على خلفية طمأنة النائب وليد جنبلاط، بينما يعتقد الحزب ومعه الرئيس نبيه بري أن الحل الأنسب لا يزال في اعتماد النسبية الشاملة، من دون أن يقفل حزب الله الباب على مشاريع أخرى. ويشار هنا الى أن الرئيس عون أبلغ زواره أن اعتماد النسبية أمر مفروغ منه، وأنه لن يوقّع على أي قانون لا يعتمد النسبية. وسمِع الزوار من رئيس الجمهورية أن معركة إقرار القانون ستشهد انطلاقة كبيرة في الأسابيع القليلة المقبلة.
من جهة أخرى، لم تعُد ورقة النوايا التي وقّعها التيار الوطني الحر والقوات صالحة للتغطية على ما يفرّق بينهما. وبعد أن تذرّعت معراب بموقف كل من الحريري وجنبلاط لتعلن رفض غالبية مشاريع القوانين الانتخابية التي طرحها باسيل، دخلت في «معركة» ثانية مع وزير الخارجية والرئيس عون، بعنوان خصخصة الكهرباء، وهو ما طرحه سمير جعجع وشكّك باسيل في إمكانية تطبيقه. وفيما سارع الطرفان إلى نفي ما قيل عن بوادر أزمة كبيرة بينهما، توجّه جعجع أمس إلى بعبدا للقاء عون. وقال جعجع بعد اللقاء إن «القوات تؤيّد الرئيس عون في عدم قبول إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين». وبحسب مصادر معراب، فقد «كان هناك تطابق بشأن قانون الانتخابات، على عكس الكلام في موضوع الموازنة». وفي التفاصيل أنه «تمّ الاتفاق على عدم الرضوخ لأي ترهيب سياسي بفرض قانون الستين أو التمديد للمجلس النيابي»، وأن «من يريد التزام الدستور بإمكانه طرح أي قانون انتخابي على مجلس النواب للتصويت عليه، والديمقراطية لا تعني حرباً أهلية». وأكد جعجع أمام عون أن «القانون المختلط يشكّل مساحة مشتركة بين جميع الأطراف، لكننا منفتحون على نقاش أي قانون انطلاقاً من قاعدة تأمينه صحّة التمثيل». وبحسب المصادر، بدا الرئيس عون «مطمئناً، على اعتبار أنه لا يزال هناك متّسع من الوقت لمعالجة ملف قانون الانتخابات داخل الحكومة». أما في موضوع الموازنة، ورغم تأكيد جعجع عدم وجود خلاف كبير، علمت «الأخبار» أن الأخير بلّغ الرئيس عون أن «القوات لن توافق على مشروع الموازنة ما لم تُقرّ خصخصة الكهرباء». وقد أكد جعجع أن «الإصرار على هذا الموقف ليس فيه مواجهة ضد أحد، ولكن لا يكفي طرح العناوين الإصلاحية من دون الذهاب إلى تطبيقها».