قفز الملف الأمني الى الواجهة مجدداً من بوابة مخيم عين الحلوة بعد الاشتباكات المسلحة التي شهدها وأوقعت قتيلاً وجرحى. الّا انّ هذا الملف على خطورته، لم يحجب الاهتمام عن الملف السياسي على رغم انسداد أُفق البحث عن قانون انتخاب جديد ودخوله في دوّامة، ولا عن الملف المطلبي والمعيشي أمام التخبط والعجز السياسيين في مقاربتهما، في ظل بروز خلاف عوني ـ «قواتي» في مسألة خصخصة قطاع الكهرباء بعدما هددت «القوات اللبنانية» بعدم التصويت على الموازنة ما لم تتضمّن تخصيص هذا القطاع، فيما أكد «التيار الوطني الحر» ان لا علاقة لخصخصة الكهرباء وإشراك القطاع الخاص بالموازنة. وعلى وَقع أجواء الغضب التي عبّر عنها رئيس الحكومة سعد الحريري نتيجة عدم اكتمال نصاب جلسة مجلس الوزراء أمس الاول، تتجه الأنظار الى الجلسة المقررة عصر اليوم في السراي الحكومي.
حضر الملف الانتخابي، إضافة الى خصخصة قطاع الكهرباء، في لقاء بعبدا أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع .
وعلمت «الجمهورية» انّ زيارة جعجع للقصر الجمهوري تندرج في إطار لملمة الاوضاع وتضييق رقعة «الخلاف الصامت» الدائر بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» في شأن قضايا عدة، ولا سيما منها ما يتعلّق بملفّي الكهرباء وقانون الانتخاب.
وفي المعلومات انّ الخلاف بين «القوات» و«التيار» في ملف الكهرباء تجاوز الاطار التقني، ما دفعَ جعجع الى التأكيد انّ التحالف بين الجانبين «لن يهتزّ» بفعل الاختلاف في مقاربة موضوع الكهرباء.
امّا على صعيد قانون الانتخاب، فإنّ جعجع متمسّك بقانون يسمح بترجمة التحالف بين «التيار» و«القوات» من خلال اللوائح، وهو لذلك يتمسّك بالقانون «المختلط» الذي يسمح لـ«القوات» و«التيار» بالحصول على 50 نائباً، في حين انّ رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل بات يميل الى القانون «النسبي»، وهو ما يخفّف من حصة «القوات» ويحول دون استفادتها عملياً من تحالفها مع «التيار»، في اعتبار انّ كلّاً من الجانبين سيكون مضطراً في حال اعتماد القانون النسبي الى تشكيل لائحته الخاصة، بالاضافة الى اّن النسبية تسمح بوصول عدد لا بأس بها من نواب الأحزاب الأخرى والمستقلين والمجتمع المدني، وهو ما سيتم على حساب «القوات» لا على حساب «التيار».
جعجع
وكان جعجع قد أعلن من بعبدا انّ «القوات» مع رئيس رئيس الجمهورية بعدم قبول إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين. ولفت الى اّن المشاورات لإنتاج قانون جديد «متواصلة، وفي المنطق لا يمكنها أن لا تؤدي الى نتيجة، فإذا أوصَلت الى نوع من التوافق، كان به، واذا لم تصل، أنا لا أرى مانعاً أبداً من أن نتوجّه الى المجلس النيابي بقانونين او ثلاثة او أكثر، وعندها يؤدي المجلس دوره في هذا الاطار. ولا أرى أيّ حلّ آخر غير ذلك».
وشرح جعجع لعون وجهة نظر «القوات» في موضوع حل مسألة الكهرباء، بخصخصة إنتاجها، وكشف انّ «القوات» تجري مشاورات مع مختلف الكتل النيابية لكي تستجمع أكبر تأييد ممكن لهذا الطرح.
«قرف» سياسي
وإزاء المراوحة الانتخابية، قالت مراجع سياسية لـ«الجمهورية»: «لقد بلغ الامر بالطبقة السياسية حدود القرف من المسار الذي يسلكه بعض المعنيين بقانون الانتخاب، اللاهثين وراء مصالحهم الانتخابية والسياسية الضيقة. فالمشكلة انّ هناك سياسيين يصرّون على أن ينصّبوا انفسهم خيّاطين لتفصيل دوائر ومقاعد، وحتى اقلام الاقتراع، على مقاساتهم التي تخدم تربّعهم على العرش النيابي في مناطقهم».
واضافت: «حتى الآن نكاد نخجل من قولنا انه لا يوجد شيء ملموس في اليد، فحالنا كحال ملعب كرة لم ندخل اليه بعد جدياً للبدء بالمباراة الحقيقية حول قانون الانتخاب. والمشكلة انّ هناك لاعبين احتياط مصرّون على ان يكونوا لاعبين رئيسيين لتسديد الكرة في المرمى الذي يريدون».
ورأت هذه المراجع «انّ الامل في الوصول الى قانون انتخابي هو أضعف من ايّ وقت مضى». واكدت «اننا لسنا في سباق مع الوقت، بل في سباق مع الفشل، فقانون الستين أثقل ممّا يتصوّره البلد، وهو ضاغط على الواقع الانتخابي.
وبالتالي، نتيجة هذا الواقع ونتيجة الوقت الضيق الذي بلغناه هناك حقيقة لا بدّ من الاقرار بها وهي إن حالفنا الحظ ودخلنا الى واحة قانون جديد فسندخل الى الستين، لا نستطيع ان نقول انّ النسبية ممكنة ولكن ما نستطيع ان نقوله: ستون مُجمّل بمقدار طفيف، بمعنى قانون أكبر من ستين وأقل بكثير من قانون مثالي يؤمّن ما نتوخّاه من صحة التمثيل ومن إعادة سليمة لانتظام الحياة السياسية، هذا هو أقصى الممكن».
وإذ سألت المراجع: «لماذا الستين؟»، استدركت مجيبة: «قلنا بداية انّ الستين لا بد من تغييره، لكنّ الواضح انّ ثقل هذا القانون قد هزمنا. وبالتالي، نخشى ما نخشاه في ظل الوضع الراهن من ان نصطدم بالمقولة التالية: «الستين من أمامكم والستين من ورائكم».
الفرَص لم تنعدم
وفي المقابل، أكدت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية» انّ «الفرَص لم تنعدم بعد، وما زال هناك وقت مُتاح لإنتاج قانون. لكن كيف؟ اولاً، يجب ان تتعبّد الطريق بين القوى السياسية نفسها المتوافقة ظاهرياً والمتباينة جذرياً ضمناً، وعلى سبيل المثال علاقة الجمر تحت الرماد السائدة بين بعبدا والمختارة وما فيها من كلام عالي السقف يتمّ تداوله فوق السطوح وتحتها».
ولاحظت المصادر «الهجوم العنيف لنواب «التيار الوطني الحر» على بعض نواب «اللقاء الديموقراطي»، فيما جزمت أوساط «الحزب التقدمي الاشتراكي» «انّ هناك محاولة جدية لبعض حديثي النعمة في المحيط الرئاسي، لإشهار سيف للاقتصاص من مكوّن أساسي في البلد، ونحن في هذا الأمر قرارنا ان لا نترك هذا السيف ينزل على رقبتنا».
في هذا الوقت، أكدت مصادر سياسية انّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط «قدّم ما قدّمه من أفكار لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو آخر ما لديه، وغير ذلك لن يكون هناك قبول بأيّ قانون يقطع الرقاب».
ورداً على سؤال حول ما تردد على لسان الوزراء ان لا انتخابات قبل ايلول المقبل، قالت المصادر: «نحن نشعر انّ الامور تنحى في اتجاه ان لا انتخابات».
إتصالات ولا إيجابيات
وعلمت «الجمهورية» انّ الساعات الماضية شهدت سلسلة اتصالات ثنائية مباشرة او هاتفية على ضفة اللجنة الرباعية، من دون ان ترشح ايّ مؤشرات ايجابية حول استئناف البحث الجدي، مع طرح علامات استفهام حول الصيَغ التي تتولّد من طرف معيّن، القاسم المشترك بينها أنها تفتقر الى إمكان التوافق عليها.
وفي ظل الغموض الذي يلف المشاريع المطروحة حول قانون الانتخاب العتيد، رصدت في الساعات الماضية حركة مشاورات شارك فيها، بالإضافة الى باسيل، كلّ من الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الحريري نادر الحريري بالإضافة الى وسطاء ومستشارين آخرين.
ورفضت المصادر التي كشفت عن هذه المساعي الحديث عن الصيغة المطروحة في المطلق تحت شعار «حماية ما هو مطروح في ظل المخاوف مِن تَهاوي المشاريع الواحد بعد الآخر».
«التكتل»
وفي المواقف، أكد تكتل «التغيير والاصلاح» انه لن ييأس من اقتراحاته. ولاحظ انّ «الجميع على يقين من أنّ قانون الستين «رحل الى غير رجعة، وانّ الانتخابات يجب ان تجري لا محالة، ضمن المهل إن أمكن على ما نتمنى وعلى ما يجب ان يكون، إن توافرت في كل قانون معايير الدستور والوثيقة». وأعلن «التكتل» انه سيظلّ يبادر وانه «عندما تقف المبادرات سيعلن رئيس «التيار الوطني الحر» ما قد تكون الخطوات اللاحقة».
«المستقبل»
من جهتها شددت كتلة «المستقبل» على «أهمية عمل الأطراف السياسية بقوة للتوصّل الى قانون انتخاب توافقي يستند الى النظام المختلط بين الاكثري والنسبي لا يلغي أيّ طرف من الأطراف، وذلك بعيداً من التهديد والاستهداف والتمسّك بوجهة واحدة».
عين الحلوة
أمنياً، عاشت عين الحلوة ومخيمها ساعات خطيرة أعادت الى الاوضاع جولات المعارك وما يرافقها، في اشتباكات عنيفة وقنص ورسائل نارية تتداخل فيها حسابات متطايرة لأكثر من طرف.
ساعات النهار حَوّلت صيدا مدينة أشباح، وحبست الانفاس لمعرفة مصير المعارك الدائرة في الداخل وما اذا كانت ستتمدّد الى الجوار، فاستنفر الأمن وفوقه السياسة وعقدت اجتماعات مكوكية ضمّت كل الاحزاب والقوى السياسية للحدّ من التدهور الامني في المخيم وإعادة الاوضاع الى طبيعتها.
ومساء، تمكنت الفصائل الفلسطينية «الوسيطة» وبالتنسيق مع حركة «فتح» و»الشباب المسلم» وفعاليات صيدا ومخابرات الجيش من تثبيت وقف إطلاق النار في المخيم. وعقد اجتماع طارئ في مقر «عصبة الانصار» ضمّ الى قيادتها قيادة «فتح» و«اللينو» وقائد «التيار الاصلاحي» والشيخ جمال خطاب أمير «الحركة المجاهدة»، اتخذ فيه المجتمعون قراراً حازماً بقطع الطريق على كلّ مَن يصرّ على العبث بأمن المخيم والجوار وسَحب المسلحين فوراً وتحميل المسؤولية لكلّ مَن يحاول الاستمرار في الاشتباكات.
وأكدت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» انّ قراراً اتخذ على أرفع المستويات «يقضي بالضرب بيد من حديد والردّ بالنار على كلّ مَن يطلق النار أو يعبث بالأمن». وكشفت «انّ القوة الامنية التي يجري تشكيلها، عديدها كبير وصلاحياتها قوية وتحظى بتغطية كافة الفصائل والاحزاب، ستبدأ الانتشار تدريجاً وتتسلّم المهمات».
كذلك كشفت المصادر «انّ «الشباب المسلم» تجاوَبَ وأكّد تعاونه للمساعدة في لَجم مجموعات بلال بدر و«ابو جمرة» واحمد فضة، وهي المجموعات المسؤولة عن الأحداث الاخيرة».
وعلمت «الجمهورية» انّ اجتماعاً سيُعقد اليوم بين اللجنة الامنية الفلسطينية العليا والنائب بهية الحريري، كذلك سينعقد اجتماع مماثل مع مسؤول فرع الجنوب في مخابرات الجيش العميد خضر حمود لتثبيت وقف إطلاق النار واعادة الأمن الى المخيم.
ابو طارق لـ«الجمهورية»
وأكد «ابو طارق»، مسؤول «عصبة الانصار» لـ«الجمهورية»، انّ «الامور تسير في اتجاه التحسّن، والجميع يعمل لإعادة الاستقرار الى المخيم».
واشار الى «أنّ كل السيناريوهات التي حيكَت خلال اليومين الماضيين حول أبعاد ما حصل في المخيم هي غير صحيحة، فلا مخططات ولا مقدمات لعمل أمني كبير، فما حصل لم يخرج عن الاحداث التي ضربت المخيم منذ شهرين. وهناك قرار بإيقاف المجموعات المُخلّة عند حدّها والبدء بتسليم المطلوبين».
وقال: «اضطررنا عندما طفح الكيل للنزول الى الشارع بالسلاح، وهددنا بإطلاق النار على الاطراف التي لم تتجاوب معنا لكي نوقِف نزيف الدم».
وعلمت «الجمهورية» انّ زيارة جعجع للقصر الجمهوري تندرج في إطار لملمة الاوضاع وتضييق رقعة «الخلاف الصامت» الدائر بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» في شأن قضايا عدة، ولا سيما منها ما يتعلّق بملفّي الكهرباء وقانون الانتخاب.
وفي المعلومات انّ الخلاف بين «القوات» و«التيار» في ملف الكهرباء تجاوز الاطار التقني، ما دفعَ جعجع الى التأكيد انّ التحالف بين الجانبين «لن يهتزّ» بفعل الاختلاف في مقاربة موضوع الكهرباء.
امّا على صعيد قانون الانتخاب، فإنّ جعجع متمسّك بقانون يسمح بترجمة التحالف بين «التيار» و«القوات» من خلال اللوائح، وهو لذلك يتمسّك بالقانون «المختلط» الذي يسمح لـ«القوات» و«التيار» بالحصول على 50 نائباً، في حين انّ رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل بات يميل الى القانون «النسبي»، وهو ما يخفّف من حصة «القوات» ويحول دون استفادتها عملياً من تحالفها مع «التيار»، في اعتبار انّ كلّاً من الجانبين سيكون مضطراً في حال اعتماد القانون النسبي الى تشكيل لائحته الخاصة، بالاضافة الى اّن النسبية تسمح بوصول عدد لا بأس بها من نواب الأحزاب الأخرى والمستقلين والمجتمع المدني، وهو ما سيتم على حساب «القوات» لا على حساب «التيار».
جعجع
وكان جعجع قد أعلن من بعبدا انّ «القوات» مع رئيس رئيس الجمهورية بعدم قبول إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين. ولفت الى اّن المشاورات لإنتاج قانون جديد «متواصلة، وفي المنطق لا يمكنها أن لا تؤدي الى نتيجة، فإذا أوصَلت الى نوع من التوافق، كان به، واذا لم تصل، أنا لا أرى مانعاً أبداً من أن نتوجّه الى المجلس النيابي بقانونين او ثلاثة او أكثر، وعندها يؤدي المجلس دوره في هذا الاطار. ولا أرى أيّ حلّ آخر غير ذلك».
وشرح جعجع لعون وجهة نظر «القوات» في موضوع حل مسألة الكهرباء، بخصخصة إنتاجها، وكشف انّ «القوات» تجري مشاورات مع مختلف الكتل النيابية لكي تستجمع أكبر تأييد ممكن لهذا الطرح.
«قرف» سياسي
وإزاء المراوحة الانتخابية، قالت مراجع سياسية لـ«الجمهورية»: «لقد بلغ الامر بالطبقة السياسية حدود القرف من المسار الذي يسلكه بعض المعنيين بقانون الانتخاب، اللاهثين وراء مصالحهم الانتخابية والسياسية الضيقة. فالمشكلة انّ هناك سياسيين يصرّون على أن ينصّبوا انفسهم خيّاطين لتفصيل دوائر ومقاعد، وحتى اقلام الاقتراع، على مقاساتهم التي تخدم تربّعهم على العرش النيابي في مناطقهم».
واضافت: «حتى الآن نكاد نخجل من قولنا انه لا يوجد شيء ملموس في اليد، فحالنا كحال ملعب كرة لم ندخل اليه بعد جدياً للبدء بالمباراة الحقيقية حول قانون الانتخاب. والمشكلة انّ هناك لاعبين احتياط مصرّون على ان يكونوا لاعبين رئيسيين لتسديد الكرة في المرمى الذي يريدون».
ورأت هذه المراجع «انّ الامل في الوصول الى قانون انتخابي هو أضعف من ايّ وقت مضى». واكدت «اننا لسنا في سباق مع الوقت، بل في سباق مع الفشل، فقانون الستين أثقل ممّا يتصوّره البلد، وهو ضاغط على الواقع الانتخابي.
وبالتالي، نتيجة هذا الواقع ونتيجة الوقت الضيق الذي بلغناه هناك حقيقة لا بدّ من الاقرار بها وهي إن حالفنا الحظ ودخلنا الى واحة قانون جديد فسندخل الى الستين، لا نستطيع ان نقول انّ النسبية ممكنة ولكن ما نستطيع ان نقوله: ستون مُجمّل بمقدار طفيف، بمعنى قانون أكبر من ستين وأقل بكثير من قانون مثالي يؤمّن ما نتوخّاه من صحة التمثيل ومن إعادة سليمة لانتظام الحياة السياسية، هذا هو أقصى الممكن».
وإذ سألت المراجع: «لماذا الستين؟»، استدركت مجيبة: «قلنا بداية انّ الستين لا بد من تغييره، لكنّ الواضح انّ ثقل هذا القانون قد هزمنا. وبالتالي، نخشى ما نخشاه في ظل الوضع الراهن من ان نصطدم بالمقولة التالية: «الستين من أمامكم والستين من ورائكم».
الفرَص لم تنعدم
وفي المقابل، أكدت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية» انّ «الفرَص لم تنعدم بعد، وما زال هناك وقت مُتاح لإنتاج قانون. لكن كيف؟ اولاً، يجب ان تتعبّد الطريق بين القوى السياسية نفسها المتوافقة ظاهرياً والمتباينة جذرياً ضمناً، وعلى سبيل المثال علاقة الجمر تحت الرماد السائدة بين بعبدا والمختارة وما فيها من كلام عالي السقف يتمّ تداوله فوق السطوح وتحتها».
ولاحظت المصادر «الهجوم العنيف لنواب «التيار الوطني الحر» على بعض نواب «اللقاء الديموقراطي»، فيما جزمت أوساط «الحزب التقدمي الاشتراكي» «انّ هناك محاولة جدية لبعض حديثي النعمة في المحيط الرئاسي، لإشهار سيف للاقتصاص من مكوّن أساسي في البلد، ونحن في هذا الأمر قرارنا ان لا نترك هذا السيف ينزل على رقبتنا».
في هذا الوقت، أكدت مصادر سياسية انّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط «قدّم ما قدّمه من أفكار لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو آخر ما لديه، وغير ذلك لن يكون هناك قبول بأيّ قانون يقطع الرقاب».
ورداً على سؤال حول ما تردد على لسان الوزراء ان لا انتخابات قبل ايلول المقبل، قالت المصادر: «نحن نشعر انّ الامور تنحى في اتجاه ان لا انتخابات».
إتصالات ولا إيجابيات
وعلمت «الجمهورية» انّ الساعات الماضية شهدت سلسلة اتصالات ثنائية مباشرة او هاتفية على ضفة اللجنة الرباعية، من دون ان ترشح ايّ مؤشرات ايجابية حول استئناف البحث الجدي، مع طرح علامات استفهام حول الصيَغ التي تتولّد من طرف معيّن، القاسم المشترك بينها أنها تفتقر الى إمكان التوافق عليها.
وفي ظل الغموض الذي يلف المشاريع المطروحة حول قانون الانتخاب العتيد، رصدت في الساعات الماضية حركة مشاورات شارك فيها، بالإضافة الى باسيل، كلّ من الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الحريري نادر الحريري بالإضافة الى وسطاء ومستشارين آخرين.
ورفضت المصادر التي كشفت عن هذه المساعي الحديث عن الصيغة المطروحة في المطلق تحت شعار «حماية ما هو مطروح في ظل المخاوف مِن تَهاوي المشاريع الواحد بعد الآخر».
«التكتل»
وفي المواقف، أكد تكتل «التغيير والاصلاح» انه لن ييأس من اقتراحاته. ولاحظ انّ «الجميع على يقين من أنّ قانون الستين «رحل الى غير رجعة، وانّ الانتخابات يجب ان تجري لا محالة، ضمن المهل إن أمكن على ما نتمنى وعلى ما يجب ان يكون، إن توافرت في كل قانون معايير الدستور والوثيقة». وأعلن «التكتل» انه سيظلّ يبادر وانه «عندما تقف المبادرات سيعلن رئيس «التيار الوطني الحر» ما قد تكون الخطوات اللاحقة».
«المستقبل»
من جهتها شددت كتلة «المستقبل» على «أهمية عمل الأطراف السياسية بقوة للتوصّل الى قانون انتخاب توافقي يستند الى النظام المختلط بين الاكثري والنسبي لا يلغي أيّ طرف من الأطراف، وذلك بعيداً من التهديد والاستهداف والتمسّك بوجهة واحدة».
عين الحلوة
أمنياً، عاشت عين الحلوة ومخيمها ساعات خطيرة أعادت الى الاوضاع جولات المعارك وما يرافقها، في اشتباكات عنيفة وقنص ورسائل نارية تتداخل فيها حسابات متطايرة لأكثر من طرف.
ساعات النهار حَوّلت صيدا مدينة أشباح، وحبست الانفاس لمعرفة مصير المعارك الدائرة في الداخل وما اذا كانت ستتمدّد الى الجوار، فاستنفر الأمن وفوقه السياسة وعقدت اجتماعات مكوكية ضمّت كل الاحزاب والقوى السياسية للحدّ من التدهور الامني في المخيم وإعادة الاوضاع الى طبيعتها.
ومساء، تمكنت الفصائل الفلسطينية «الوسيطة» وبالتنسيق مع حركة «فتح» و»الشباب المسلم» وفعاليات صيدا ومخابرات الجيش من تثبيت وقف إطلاق النار في المخيم. وعقد اجتماع طارئ في مقر «عصبة الانصار» ضمّ الى قيادتها قيادة «فتح» و«اللينو» وقائد «التيار الاصلاحي» والشيخ جمال خطاب أمير «الحركة المجاهدة»، اتخذ فيه المجتمعون قراراً حازماً بقطع الطريق على كلّ مَن يصرّ على العبث بأمن المخيم والجوار وسَحب المسلحين فوراً وتحميل المسؤولية لكلّ مَن يحاول الاستمرار في الاشتباكات.
وأكدت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» انّ قراراً اتخذ على أرفع المستويات «يقضي بالضرب بيد من حديد والردّ بالنار على كلّ مَن يطلق النار أو يعبث بالأمن». وكشفت «انّ القوة الامنية التي يجري تشكيلها، عديدها كبير وصلاحياتها قوية وتحظى بتغطية كافة الفصائل والاحزاب، ستبدأ الانتشار تدريجاً وتتسلّم المهمات».
كذلك كشفت المصادر «انّ «الشباب المسلم» تجاوَبَ وأكّد تعاونه للمساعدة في لَجم مجموعات بلال بدر و«ابو جمرة» واحمد فضة، وهي المجموعات المسؤولة عن الأحداث الاخيرة».
وعلمت «الجمهورية» انّ اجتماعاً سيُعقد اليوم بين اللجنة الامنية الفلسطينية العليا والنائب بهية الحريري، كذلك سينعقد اجتماع مماثل مع مسؤول فرع الجنوب في مخابرات الجيش العميد خضر حمود لتثبيت وقف إطلاق النار واعادة الأمن الى المخيم.
ابو طارق لـ«الجمهورية»
وأكد «ابو طارق»، مسؤول «عصبة الانصار» لـ«الجمهورية»، انّ «الامور تسير في اتجاه التحسّن، والجميع يعمل لإعادة الاستقرار الى المخيم».
واشار الى «أنّ كل السيناريوهات التي حيكَت خلال اليومين الماضيين حول أبعاد ما حصل في المخيم هي غير صحيحة، فلا مخططات ولا مقدمات لعمل أمني كبير، فما حصل لم يخرج عن الاحداث التي ضربت المخيم منذ شهرين. وهناك قرار بإيقاف المجموعات المُخلّة عند حدّها والبدء بتسليم المطلوبين».
وقال: «اضطررنا عندما طفح الكيل للنزول الى الشارع بالسلاح، وهددنا بإطلاق النار على الاطراف التي لم تتجاوب معنا لكي نوقِف نزيف الدم».