يعيش لبنان مأزقاً سياسياً كبيراً بدأ مع عدم اقرار قانون انتخابات جديد والابقاء على قانون 1960 وحصل صراع كبير بين الكتل والقوى السياسية بشأن النسبية سواء الكاملة او على اساس المختلط مع الاكثري او على اساس تقسيم الدوائر الانتخابية وعدد هذه الدوائر، وبدأت المشكلة مع النائب وليد جنبلاط الذي طالب بان تكون الشوف وعاليه دائرة واحدة وعندها يؤيد تطبيق مبدأ النسبية، وهذا ما اقترحه النائب وليد جنبلاط على الرئيس نبيه بري بان تكون الشوف وعاليه دائرة واحدة، لكن هذا الموضوع رفضه رئيس الجمهورية العماد عون واصر بان يكون الشوف مع الساحل المسيحي ومع اقليم الخروب وطالب بجمع الشوف وعاليه مع بعبدا اي المتن الجنوبي دائرة واحدة، فرفض النائب وليد جنبلاط كلياً هذا الاقتراح واصر على رأيه بجمع الشوف وعاليه بدائرة واحدة. وفي نهاية المطاف، وقبل المواجهة الكبرى ذهب جنبلاط الى الرئيس نبيه بري حليفه الاساسي والدائم واخبره بانه لن يقبل بالنسبية في الشوف مع اقليم الخروب والقرى المسيحية.
الرئيس نبيه بري الحريص على علاقاته الكاملة مع وليد جنبلاط وهما حليفان قويان يقفان في خط المعارضة الواحدة ضد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقد شكلا في الاساس المعارضة بوجه وصول الرئيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية فأيد الرئيس نبيه بري الوزير فرنجية عبر الاوراق البيضاء.
اما بالنسبة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون فقد وصله مرسوم دعوة الهيئات الانتخابية ورفض استعمال القلم ليوقع عليه دون اقرار قانون انتخابات جديد، ومضت مهلة 21 شباط دون ان يتم دعوة الهيئات الناخبة واصبحت الدعوة للانتخابات النيابية المقبلة في 21 نيسان اذا تم اعتماد 21 حزيران موعدا نهائيا لنهاية ولاية المجلس النيابي.
كلام بري يشكل صدمة كبرى في البلاد
جاء كلام الرئيس نبيه بري امس للديار بان الدستور في لبنان يعتبر ان النظام في لبنان قائم على اساس برلماني، واذا حصل فراغ في المجلس النيابي فلا يعود هنالك رئاسة جمهورية ولا رئاسة حكومة، وشكل هذا الكلام صدمة لكل القوى السياسية التي رأت في كلام الرئيس نبيه بري رفعاً لسقف الخطاب السياسي وتحدياً للرئيس ميشال عون الذي اعتبر ان الفراغ في المجلس النيابي يبدأ مع نهاية ولاية المجلس النيابي، لكن رئيس الجمهورية يبقى رئيساً لمدة ست سنوات حتى انتهاء ولايته، فيما الحكومة تستقيل عندما يستقيل رئيسها او ثلثها او عندما تسحب الثقة منها.
ووفق الرئيس ميشال عون عندما تنتهي ولاية المجلس النيابي يحصل فراغ نيابي، ولا يعود المجلس الا على مستوى هيئة المكتب او رئيس المجلس، لكن ولاية رئيس الجمهورية مناطة دستورياً بست سنوات ولا احد يستطيع تقصير ولاية الرئيس الا بتهمة الخيانة العظمى، او بمحاكمة الرئيس من قبل المجلس الدستوري الاعلى وتصويت ثلاثة ارباع المجلس على عزل الرئيس.
الرئيس ميشال عون لن يوقع على دعوة الهيئات الناخبة حتى يتم اقرار قانون انتخابات جديد على اساس النسبية وانه لن يتراجع امام الضغط، واذا حصلت مواجهة فهو مستعد للمواجهة دستورياً ويستكمل ولايته وهو يعرف الدستور وهو اعلى سلطة في البلاد، وهو اعلى سلطة اقسمت على الحفاظ على الدستور، وهو الوحيد الذي يقسم على حماية الدستور والمحافظة عليه.
المأزق السياسي ينعكس على الحكومة ومشاريعها
وفي ظل المواجهة بين الرئيس عون من جهة والرئيس بري وجنبلاط من جهة اخرى، اين سيكون الحريري وكيف سيتعامل؟ وقد انعكس هذا الخلاف على الحكومة فغاب 11 وزيراً وانتظر الرئيس الحريري ساعة وبعدها لم يكتمل النصاب فرفع الجلسة لاستكمال البحث في الموازنة خلال اجتماعين للحكومة الاسبوع الحالي مع العلم ان الموازنة هناك توافق عليها بين التيار الوطني الحرّ والمستقبل وحركة امل، اما حزب الله فهو مصرّ على اقرار الموازنة، لكن التيار الوطني الحرّ يوافق على الموازنة شرط عدم ابراء 11 مليار دولار التي صرفوا في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة دون قطع حساب وهذا الامر يشكل ازمة، لكنه سيتم اقرار الموازنة دون ابراء الـ11 مليار دولار التي صرفت في عهد الرئيس فؤاد السنيورة.
اما بالنسبة لسلسة الرتب والرواتب فهناك اتجاه لاقرارها على ان يتم وضع 1200 مليار في صلب الموازنة وليس في الاحتياط، وبالتالي يتم اقرارها من صلب الموازنة.
اما بالنسبة للقطاع الخاص، فهو مستاء جداً من عملية فرض الضرائب وربطها بالمصارف وبرجال الاعمال وقد احتج القطاع الخاص على هذه الضرائب واعتبرها انها تسبب ازمة اقتصادية وان هذا القطاع يعيش ظروفاً صعبة ولا يتحمل فرض ضرائب جديدة.
وكان الرئيس الحريري خلال الاجتماع مع القطاع المصرفي ورجال الاعمال ميّال الى التوازن بين رجال الاعمال والمصارف والسلسلة مع فرض بعض الرسوم، وعقد جلسة امتدت لساعةمع وزير المالية علي حسن خليل والوزير باسيل من اجل بحث الموازنة واقرارها خلال هذا الاسبوع.
حتى ان الرئيس نبيه بري دعا لجان المال والادارة لبحث السلسلة الاثنين من اجل عرضها واقرارها مع الموازنة والرئيس بري مصرّ على السلسلة مع الرئيس عون وسيتم اقرارها لانه لا يمكن الانتظار اكثر.
الخطير في زيارة عباس
في محادثات الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع المسؤولين اللبنانيين اوضح ان لا حل مع السلطات الاسرائيلية ولا حل مع الحكومة الاسرائيلية وان اسرائيل تعمل على غزو الضفة ومنع حق العودة حتى انها ترفض جمع العائلات لاكثر من مئة الف شخص من اصل ملايين الفلسطينيين. ولذلك، طرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيادة الاستثمار في المخيمات وفي القطاع المدني وتحديداً بالنسبة للبناء لاكثر من طابق او طابقين او خمسة طوابق لتتسع للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في اوضاع بائسة ولكن عباس اكد ان هذا الامر لا يعني التوطين، وعلينا الانتظار لنعرف مواقف الرئيس الاميركي ترامب ومحادثاته مع العدو الاسرائيلي وكذلك مواقف الاتحاد الاوروبي لجهة اعترافه بالدولة الفلسطينية، وبالتالي، لا بد من تأمين تسهيلات في المخيمات التي اصبحت بؤر تفجير وارهاب وسيطر عليها المسلحون ولن تمر سنة او سنتين حتى يكون المسلحون الارهابيون قد سيطروا على المخيمات في حين ان اعادة الاستثمار في النظم المدني لتحسين الظروف الاجتماعية، وطلب السلطة الفلسطينية الى السلطة اللبنانية دخول الجيش اللبناني الى المخيمات فان ذلك يعني ضبط الاوضاع من الارهابيين في المخيمات وعدم التوطين.
الى اين تسير الامور؟
تسير الامور الى مواجهة بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري مدعومة من جنبلاط والمواجهة بان الرئيس عون لن يدعو الهيئات الناخبة ولن يوقع المرسوم الا اذا تم اقرار قانون جديد على اساس النسبية ولن يدعو الى طاولة الحوار في الوقت الراهن لانه يعتبر ان الحكومة تضم كل الاطراف السياسية الذي ستتشكل طاولة الحوار منها، ويمكن ان يرسل الرئيس عون رسالة الى المجلس النيابي لبحث قانون الانتخاب، لكن الرئيس نبيه بري قال ان التصويت في الهيئة العامة للمجلس النيابي على قانون انتخاب من شأنه ان يؤدي الى الحرب الاهلية وعلى الحكومة ان تناقش قانون الانتخابات كونها تضم الجميع.
فهل تذهب البلاد الى الفيدرالية او الى فراغ في المجلس النيابي لن يعترف به الرئيس نبيه بري ويعتبر ان المجلس شرعي وقائم فيما الرئيس عون لن يعترف بشرعية المجلس النيابي بعد 21 حزيران ويبدو ان الخطة السرية لدى الرئيس عون هي الوصول الى مؤتمر تأسيسي جديد يؤدي الى دستور جديد واقرار قانون انتخاب جديد واصلاح جدي في البلاد لانه يدرك ان القوى التي حاربته في عهد الوصاية السورية هي نفسها اليوم تقوم بمحاربته منذ عام 2005 الى العام 2017 وعارضت اي اصلاح جدي ويقول الرئيس العماد عون «الآتي قريب ونهاية المجلس النيابي باتت قريبة وعندها سنرى، ومن يقول اننا سندخل في المحظور يعمل باشعال فتنة، لكن رئاسة الجمهورية والجيش اللبناني قادران على ضرب بيد من حديد اي فتنة، وان الرئاسة والجيش لن يسمحا باي فتنة مهما كلف الامر وسيتعامل الرئيس عون مع الامور ومع الجيش اللبناني بانه القائد الاعلى للقوات المسلحة وقد يتم اعلان حالة الطوارئ في حال تم توتير الاوضاع الامنية وغيرها.