اذا كان تطيير نصاب جلسة مجلس الوزراء للمرة الاولى منذ تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري شكل احدى السوابق الغريبة غير المبررة في المشهد السياسي الراهن، خصوصاً ان الحكومة تخوض سباقاً مع الوقت لانجاز مشروع الموازنة والتفرغ لاولويات ملحة أخرى في مقدمها مأزق قانون الانتخاب، فان الايام الطالعة ستكشف ما يعد للخروج من المأزق الانتخابي الذي ينذر بتداعيات سلبية جدا اذا ظلت المراوحة تحكمه. وعلى رغم نفي مختلف الافرقاء المعنيين وجود أي خلفية سياسية لفقدان نصاب جلسة مجلس الوزراء امس فان ثمة ترقبا لمجريات الجلستين المقبلتين الاربعاء والجمعة اللتين يفترض ان تشهدا نهاية ايجابية لرحلة اقرار الموازنة لئلا تبرز تعقيدات لم تكن في الحسبان. وقد الغى رئيس الوزراء الجلسة بعد انتظار قرابة ساعة اذ تخلف 11 وزيرا عن الحضور، كما ان العدوى طاولت الجلسة الـ41 للحوار بين "تيار المستقبل " و"حزب الله" في عين التينة والتي كانت مقررة مساء أمس ولكن بسبب اعتذار المعاون السياسي للامين العام للحزب حسين الخليل عن الحضور جراء وعكة صحية ألمت به.
في غضون ذلك، يبدو ان ثمة استعدادات جديدة لتحريك مأزق قانون الانتخاب ربما برزت بوضوح الاسبوع المقبل وكان تلميح رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل الى العودة الى "القانون الارثوذكسي " من مؤشرات هذا التحريك. وكشفت مصادر بارزة في "التيار الوطني الحر" لـ"النهار" أمس ان ثمة مشروعاً ثالثا محتملا بعد المشروع المختلط والمشروع التأهيلي تجري بلورة تفاصيله وانضاجه ليعرض على الافرقاء السياسيين قريباً. لكن اللافت في هذا السياق ان المصادر نفسها لم تسقط احتمال العودة الى القبول باحد المشروعين السابقين أي المختلط والتأهيلي مشيرة الى ان حجج رفض كل منهما ليست كبيرة اذ كانت ثمة موافقة على المختلط في وقت ما من الثنائي الشيعي، كما كانت ثمة موافقة ما على التأهيلي من "تيار المستقبل". وفي انتظار بلورة ملامح المشروع الثالث الذي تكتمت عليه المصادر، يبدو واضحاً ان عدم الاتفاق على مشروع جديد سيدفع بـ"التيار الوطني الحر" الى اعادة طرح مشروع "القانون الارثوذكسي" حتى اذا حل شهر نيسان، (أي قبل شهرين من موعد الانتخابات النيابية) من دون التوافق على قانون جديد، قد تذهب الأمور في اتجاهات جديدة. وما تجزم به هذه المصادر بقوة انه لن يكون هناك لا تمديد لمجلس النواب ولا انتخابات على اساس قانون الستين. واذ ومع تأكيدها ان الجميع يسلمون بوجوب انجاز قانون جديد يصحح التمثيل المسيحي، لم تفتها الاشارة الى ان "الآخرين لا يمانعون في تأجيل الانتخابات من باب تأجيل دفع الاستحقاق ولذا جاءت خطوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لان توقيعه كان سيعني الذهاب الى انتخابات على أساس قانون الستين وهو بذلك "يلتزم رغبة الشعب فيما يلتزم "التيار " عناوين التسوية أو الاتفاق السياسي الذي أدى الى انتخاب الرئيس عون اي الذهاب الى قانون جديد ".
إقرأ أيضا : لبنان مهدد بفراغ قاتل وهذه هي خيارات عون للمواجهة
قانون حكومة ميقاتي؟
وتزامنت هذه المعطيات مع تأكيدات لمصادر قريبة من رئاسة الجمهورية ان مجلس النواب لن يصل الى الفراغ انطلاقاً من وعي القيادات السياسية واقتناع رؤساء الكتل بحتمية الاتفاق على قانون انتخاب جديد قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي. وتحدثت المصادر عن خيارات ثلاثة قائمة أمام رئيس الجمهورية هي توجيه رسالة الى مجلس النواب لوضعه امام مسؤولياته، والدعوة الى حوار في القصر الجمهوري، وامكان طلبه من الحكومة ان تسترد مشروع القانون الذي اقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بحيث يمكن الحكومة تعديله واعادته الى مجلس النواب. ولاحظت ان ثمة ايجابيتين تتمثلان في تسليم الجميع بعدم اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين وقبول أكثر المعترضين بصيغة المختلط بالاشارة الى النائب وليد جنبلاط.
وحذر نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان من "اننا انتقلنا الى مرحلة العض على الاصابع في قانون الانتخاب"، داعياً الحكومة الى الانكباب بعد الموزانة الى هذا الملف. وقال في حديث الى برنامج "وجهاً لوجه" في "تلفزيون لبنان": "اننا في مرحلة خطرة جداً وعلى الجميع التفكير ملياً لاننا اقتربنا من المحظور"، داعياً في حال عدم توصل الحكومة الى اتفاق الى طرح المشاريع على التصويت في مجلس النواب مع أفضلية لمشروع حكومة الرئيس ميقاتي.
في المقابل، أسف مصدر كتائبي لطريقة تعامل السلطة مع الملفات الحساسة والحيوية المتعلقة بأسس وجود الدولة ولا سيما منها ملفات الانتخابات النيابية والموازنة والاوضاع الأمنية.
وشدد على ان الاستقرار السياسي والامني هما ركيزة اي معالجات مالية واقتصادية سليمة وجدية، وتالياً فإن المضي قدما في التلاعب بالمهل الدستورية الخاصة بتداول السلطة من خلال الانتخابات النيابية وتجاهل المعالجات المطلوبة للتفلت الامني في بعض المناطق ولازدواجية السلاح وغيرها من الملفات التي تنعكس سلباً على علاقات لبنان العربية والدولية، لا تساعد في اجتياز المرحلة الدقيقة التي يمر فيها لبنان.
ودعا المصدرالى التوقف عن سياسة المماطلة في وضع قانون للانتخاب والانطلاق من دعوة النائب سامي الجميل الى تعديل سريع لقانون الانتخاب يقوم على اعتماد نظام التصويت القائم على صوت واحد لكل ناخب
الدعم الاميركي
في سياق آخر، أبرزت زيارة قائد القيادة الوسطى الاميركية الجنرال جوزف فوتيل لبيروت امس ثبات الدعم الاميركي للجيش اللبناني، اذ حرص القائد الاميركي على التشديد في اجتماعه مع قائد الجيش العماد جان قهوجي وكبار الضباط على "علاقاتنا المميزة"، مشيداً "بالعمل الممتاز القائم مع الجيش اللبناني"، كما أشاد بالعمل "النوعي الممتاز الذي تقوم به وحدات الجيش في مواجهة تنظيم داعش الارهابي على الحدود الشرقية". واكد المضي في برامج التعاون العسكري بين الجانبين الاميركي واللبناني.