نمتنع أثناء الصيام عن تناول الطعام الذي يمدُّ جسمنا بالطاقة، على الرغم من أنه وجبَ علينا اتباع نظام غذائي صحي يتضمن 3 وجبات أساسية ترافقه وجبتان خفيفتان، وهو كفيل بمنع الشعور بالجوع خلال فترة الصيام. تشرح اختصاصية التغذية العلاجية في مركز "كليمنصو" الطبي ليلى ناصيف في حديث لـ"النهار" أنَّ "الجسم خلال فترة الصيام يخسر عناصر غذائية كالفيتامينات والمعادن، ما يستدعي عدم الاستعاضة عنهما بتناول أطعمة تحوي سعرات حرارية مرتفعة والمحافظة على رطوبة الجسم عبر شرب السوائل لتفادي جفاف الجسم".
البروتينات النباتية
تلفت ناصيف إلى أنَّ "التنويع في مصادر الطعام أساسي خصوصاً أنَّ كثراً يصومون عن تناول الألبان الأجبان، واللحوم، والدجاج، والأسماك، والبيض، والنوع الأصعب من يمتنع عن تناول كل هذه المصادر الغذائية، ما يتطلَّب دراية في البروتينات ذات المصدر النباتي ما يُعرف بـ"البروتينات النباتية" إضافةً إلى الفواكه والخُضر والتركيز على ألوان مختلفة وأنواع متعددة منها. كذلك، يمكن الدمج بين الحبوب والبقوليات، لمَ هذا الدمج؟ لأنَّ البروتينات النباتية غير كاملة، ونسميها "بروتينات ناقصة"، وذلك لأنَّ نوعين من الأحماض الأساسية التي لا يُنتجها الجسم بل يحصل عليها من مصادر غذائية غير موجودة في البروتينات النباتية. من هنا، تبرز أهمية الدمج بين الحبوب والبقوليات لتعويض هذا النقص. مثلاً المجدرة تحوي الحبوب والرز، العدس هو من فئة البقوليات والرز من فئة الحبوب، أو يمكن تناول الحمص أو الفول مع الخبز، حيث الخبز هو من فئة الحبوب أي القمح والفول من البقوليات. وفي هذه الحالة يحصل الجسم على بروتينات كاملة غير ناقصة. إلاَّ أنَّ هناك نوعين من البروتينات النباتية الكاملة هما الكينوا والصويا. تحوي الكينوا على كمية عالية من البروتين ويمكن رشها على السلطة، أو تناولها مع اليخنة، أو إضافتها إلى الحلويات عبر استبدال الرز مثلاً في حلوى "الرز بحليب" بالكينوا. أما النوع الثاني أي الصويا أو حبوب الصويا، فهي تُعدُّ من البروتينات الكاملة لاحتوائها على كافة الأحماض الأمينية الأساسية. ولكن لا يجب الإكثار من تناول الصويا خصوصاً لمن يعانون من العقم أو السيدات الحوامل لاحتوائها على جزيئات فايتو استروجين الشبيهة بهرمون الاستروجين".
الخُضر والفواكه لترطيب الجسم
تشدد ناصيف على أهمية تناول الخضر والفواكه "لاحتوائها على كميات عالية من الألياف ما يساعد الجهاز الهضمي على العمل بطريقة صحيحة وتفادي مشكلة الإمساك التي تبرز خلال فترة الصيام. كما تحوي على كميات من المياه ما يساعد على ترطيب الجسم، وتحسين عمل الجهاز الهضمي، كما تحوي على مضادة الأكسدة المقوية للمناعة، وتحمي الجسم من الالتهابات. وننصح بتناول الخضار ذات اللون الأخضر القاتم التي تحوي كمية مهمة من الكالسيوم الذي يحتاجه بالتحديد مَن يمتنعون عن تناول البياض، ونظراً لأنَّ هذه الخضار القاتمة تحوي الزينك والماغنيزيوم الذي نحتاجه خلال فترة الصيام.
ومن الضروري أيضاً تناول الفواكه والتركيز على الحمضيات التي تحتوي على الفيتامين "س" وتلك ذات اللون البرتقالي والبنفسجي مثل الرمان والخوخ لاحتوائهما مواد تزيد المناعة. ويجب التركيز على أن تضمّ كل وجبة خضراوات وفواكه بما يقرب من 5 حصص".
طرق لتخفيف الرغبة بتناول الحلويات
بالانتقال إلى الحلويات، تشير ناصيف إلى أنها "تحتوي على سعرات حرارية عالية ودهون، والإكثار من تناولها يرفع مستويات الكوليسترول والسكر في الدم ويؤدي إلى البدانة. لذا، من الضروري الانتباه إلى الكمية المستهلكة وتحضير الحلويات منزلياً بطريقة صحية عبر تناول دقيق السكر الأسمر بدلاً من الأبيض، وتفادي الكريما واستبدالها بحشوات صحية مثل الفواكه، أو تناول العسل والدبس بطحينة التي تحوي كمية أقل من الدسم المشبَّع أو الضار".
نسأل ناصيف عما إذا كان الصيام عن الحلويات يفقد الجسم بعض القوة؟ فتجيب بأنَّ "النشويات والبقوليات التي نتناولها أثناء الصيام تتحول في الجسم إلى سكر وليس مصدره دوماً الحلويات فقط. وهناك طرق لتخفيف الرغبة بتناول الحلويات عبر اعتماد نظام غذائي صحي، ونشاط رياضي خفيف والحصول على قسطٍ وافر من النوم ما يُنظم رغبة تناول الحلويات".
الانتباه لعدم خسارة الجسم للفيتامين "د"
إنَّ الامتناع عن تناول الألبان والأجبان أثناء الصيام، يؤدي إلى فقدان الجسم للفيتامين "د" والكالسيوم، لذا تشير ناصيف إلى أنه "من الممكن الحصول على هذا النوع من الفيتامين من خلال أنواع حليب غير حيوانية كحليب الصويا المدعم بالكالسيوم والفيتامين "د" الذي يعتبر مصدراً جيداً للبروتين، وحليب اللوز المدعم أيضاً بالكالسيوم والفيتامين "د" ولكنه ليس مصدراً جيداً للبروتين. أو يمكن الاستعاضة عنه عبر تناول مكملات غذائية لئلا ينقص هذا الفيتامين في الجسم. كذلك، يمكن تناول التوفو (جبنة الصويا) التي تعتبر من أفضل أنواع الجبنة لاحتوائها على كميات عالية من الكالسيوم والفيتامين "د" لأنه في عملية فبركة التوفو تُزاد أملاح الكالسيوم لتخثير التوفو. وأنواع هذه الجبنة متعددة من بينها أجبان طرية يمكن استهلاكها على الفطور بعد كسر الصيام، ومنها يمكن مرغه على الخبز، أو وضعها كمكعبات على السلطة".