تزاحمت الارتجاجات الداخلية، امنياً بين الجنوب والبقاع، ومالياً، في ضوء ترقب المصارف اتجاهات الموازنة لجهة توفير مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب، حيث ترددت معلومات ان الرئيس نبيه برّي لن يتأخر عن دعوة الهيئة العامة إلى جلسة لإقرار السلسلة قبل 7 آذار، فيما تلوح «القوات اللبنانية» بعدم التصويت على الموازنة في مجلس الوزراء إذا لم تلزم الدولة الكهرباء للقطاع الخاص لتوفير ملياري دولار سنوياً. وانتخابياً، جاء تلويح وزير الخارجية جبران باسيل بصفته رئيس «التيار الوطني الحر» ومن أبرز العاملين على إنجاز صيغة جديدة لقانون الانتخاب، بالعودة إلى الاقتراح الارثوذكسي إذا سقط الاقتراح الثالث الذي قدمه في لقاءات اللجنة الرباعية وخارجها، بعد سقوط صيغته الأولى حول المختلط واقتراحه الثاني حول التأهيلي، ملقياً بالمسؤولية على الفريق الشيعي في الصيغة الأولى، وعلى تيّار «المستقبل» في الصيغة الثانية.
وتتزامن هذه الارتجاجات مع إعادة خلط أوراق إقليمياً ودولياً بدلت من التحالفات، وأحلّت مفاوضات جنيف السورية محل مفاوضات استانة، بعد أن خرجت تركيا وإيران، ودخلت بقوة الولايات المتحدة إلى جانب روسيا في رعاية جنيف – 4، في ظل تغيرات ميدانية، سواء في ما يتعلق بالمناطق الامنة، أو تمدد «داعش» باتجاه الجنوب السوري لجهة الجولان والأردن، فضلاً عن التطور الخطير في حمص الذي كاد يفجر مفاوضات جنيف قبل ان تبدأ.
وإذا كانت السفارات الغربية في بيروت تتسقط انباء النقاشات الجارية حول قانون الانتخاب، وحول الترابط ما بين تعثر التسوية والخطابات السياسية محلياً وفي الإقليم، فإن المعلومات الواردة من واشنطن تفيد ان نقاشاً دائراً في دوائر صناعة القرار الأميركي يتصل بما إذا كان على الولايات المتحدة ان تقدّم مساعدات للجيش اللبناني أم لا، ما دام ان لا شيء يحدث في لبنان من دون موافقة حزب الله»، على الرغم من كون لبنان دولة صديقة وحليف ضد الجماعات الجهادية مثل «القاعدة» و«داعش»، وفقاً لبعض المصادر الأميركية المطلعة.
وكانت السفارة الاميركية في لبنان أعلنت الصيف الماضي عن «تقديم أكثر من 221 مليون دولار على شكل معدات وتدريب لقوات الأمن اللبنانية» شملت مساعدات للشرطة وقوى الأمن الداخلي.
وتشير المصادر الى أن إضفاء الرئيس ميشال عون الشرعية للدور العسكري لحزب الله بمعزل عن شرعية الدولة اللبنانية في معارضة صريحة لقرارات مجلس الأمن الدولي المطالبة بنزع سلاح الميليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة، من شأنه أن ينمي العلاقة بين الحزب والجيش اللبناني.
وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» نشرت مقالا في 12 شباط الجاري حول المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل قالت فيه أن «المسؤولين الاسرائيليين يتابعون بدهشة، تعميق التعاون بين الجيش اللبناني وحزب الله « خصوصاً رد مكتب عون على كتاب سفير إسرائيل لدى الامم المتحدة الى مجلس الامن حول انتهاكات حزب الله للقرارات الدولية بأن «أي محاولة لايذاء السيادة اللبنانية أو فضح اللبنانيين للخطر سوف تجد الرد المناسب».
وأكدت المصادر المطلعة أن اعتبار عون مصالح حزب الله هي نفسها مصالح الدولة اللبنانية ورفضه وصف الاول بالميليشيا، يدخل في اطار الثمن الذي على الرئيس المسيحي أن يدفعه مقابل دعمه في الوصول الى بعبدا، الا أنه يشكل خطرا على مسألة الاستمرار في تقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني.
وتستدرك المصادر الاميركية أن وقف المساعدات سيؤدي الى إضعاف الجيش اللبناني خصوصا في مواجهته للجماعات الارهابية. كما ستؤدي الى اضعاف نفوذ الطوائف الاخرى، وبالتالي فان على الولايات المتحدة الاميركية ان تشترط اولا وقف تعاون الجيش اللبناني مع ميليشيا حزب الله وان لا يقدم له سبل المساعدة والتنسيق معه.
وتؤكد المصادر أنه لا ينبغي وقف المساعدات الاميركية للجيش اللبناني في الوقت الراهن ولكن ينبغي أن يكون واضحا جدا للمسؤولين اللبنانيين أن هذه المساعدات هي في خطر.
الموازنة
مالياً، يعود مجلس الوزراء اليوم لمناقشة مشروع قانون الموازنة في جلسة هي السابعة، وواحدة من ثلاث جلسات خصصت لحسم التمويل والنفقات وإعادة صياغة الفذلكة، في ضوء التقدم الذي حصل في جلسة الخميس الماضي.
ومن أبرز معالم الموازنة الجديدة:
1- دمج الـ1200 مليار ليرة كلفة سلسلة الرتب والرواتب ضمن الموازنة العامة وليس ضمن الاحتياط.
2- لا إضافة لأية زيادة على T.V.A حتى ولو واحد في المائة.
3- مراقبة عمل الجمارك للحد من التهريب وتوفير مداخيل للمالية العامة عن هذا الطريق ولئلا تذهب إلى جيوب المهربين والمافيات التي تعمل على صعيد الاستيراد واغراق السوق باعتبارها تتهرب من الضريبة.
4- تحميل القطاعين العقاري والمصرفي عبئاً طفيفاً نظراً لعدم قدرة الفئات الفقيرة والمتوسطة الدخل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد.
5- عدم التراجع عمّا تمّ الاتفاق عليه في ما خص الأملاك البحرية والنهرية والتعدي على سكك الحديد.
وتفيد المعلومات في هذا المجال، ان مالكي المؤسسات المعتدية على املاك الدولة أبدوا استعداداً لدفع المستحقات المتوجة عليهم وتشريع وضع هذه المخالفات.
وإذا ما سارت الأمور على هذا النحو فإن أكثر من مليار دولار سيدخل دفعة واحدة إلى الخزينة مع استمرار دفع الرسوم العادية سنوياً.
ووفقاً لهذا المسار، أكّد مصدر وزاري واسع الاطلاع لـ«اللواء» ان بت الموازنة وتحويلها بمرسوم إلى مجلس النواب لا يجب ان يتجاوز الأربعاء أو الجمعة على أبعد تقدير. (تفاصيل ص 2)
قانون الانتخاب
والسؤال: هل عاد قانون الانتخاب إلى المربع الأوّل، وعادت المناقشات إلى الحلقة المفرغة.
المخاوف جدية على هذا الصعيد، للاعتبارات التالية:
1 – تهويل الوزير باسيل بالعودة إلى الارثوذكسي واشارته الى أن بعض الأطراف تحاول كسب الوقت لأسباب لم يفصح عنها، وأن الوقت لم يعد يعمل لصالح إنجاز قانون الانتخاب.
2 – «حزب الله» على لاءاته الثلاث: لا للتمديد، لا للفراغ، ولا لقانون الستين.
3 – تيار «المستقبل» على موقفه من التمسك بالمختلط، حتى ولو كان على أساس المناصفة مع وحدة المعايير.
4 – حزب الكتائب، بلسانه رئيسه النائب سامي الجميل تساءل: لماذا الأكثري في المناطق المسيحية ضمن المختلط؟ معلناً رفضه للدائرة الواحدة، لأنها تؤدي إلى صراع طائفي، والارثوذكسي لأنه يخلق مشكلة في البلد، وطالب باعتماد الدائرة الفردية لأنها توفّر صحة التحصيل ولا تفرز النّاس طائفياً، متحدثاً عن مافيا تدير البلد ولا تعبّر عن إرادة الشعب.
وطالب في مقابلة مع «الجديد» مساء أمس، رئيس الجمهورية باعتماد عدّة خطوات أو واحدة منها وهي: توجيه رسالة إلى المجلس النيابي أو الحضور إلى المجلس وتحميله مسؤولية عدم إقرار قانون الانتخاب، وعقد خلوة في بعبدا لكل القوى والكتل السياسية، أو الاجتماع مع الرئيسين برّي وسعد الحريري للاتفاق على عقد جلسة تشريعية تناقش مشاريع واقتراحات القوانين الموجودة في المجلس وإقرار واحدة منها.
الحوار الثنائي
ويفترض أن يحضر قانون الانتخاب مجدداً مساء اليوم على طاولة الجولة 41 من الحوار الثنائي التي ستعقد في عين التينة بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، إلى جانب ما يمكن ان يطرأ من مواضيع ذات طابع أمني للبحث، ومن بينها مسألة العفو عن مطلوبين أو محكومين، والتي بدأت تأخذ منحى شعبياً قبل الانتخابات النيابية، سواء في البقاع أو في الشمال.
وفيما أكّد مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» أن القانون المختلط بين النسبي والاكثري هو الموقف الدائم لتيار «المستقبل»، وأخص ما يمكن الوصول اليه، كرر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض دعوة «حزب الله» إلى اعتماد النسبية الكاملة، الا انه اعلن جهوزية الحزب للدخول مجدداً في دورة تفاوضية مع القوى الأخرى بكثير من الايجابية والانفتاح والاستعداد للتعاون، والاستماع الى ما لديهم من افكار حول القانون الانتخابي، والتي تساعد على الوصول الى قانون انتخابي جديد، تسهم في الخروج من هذه المعضلة.
ومن جهته، رأى عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن عدم الاتفاق على قانون انتخابي جديد من شأنه أن يدخل لبنان في مسار المجهول والمخاطر، ولفت إلى ان موقف الحزب في السر والعلن واحد وهو رفض قانون الستين والتمديد والفراغ، والدعوة الى قانون جديد يضمن صحة وعدالة التمثيل.
وفي السياق، كان لافتاً للانتباه، اعلان الوزير باسيل عن استعداده لطرح مشروع قانون انتخابي ثالث، بدلاً من المشروعين اللذين طرحهما في اللجنة الرباعية وسقطا، لكنه لوح بأنه سيعيد المطالبة بالقانون الارثوذكسي والذي اعتبره بأنه يحقق المناصفة الحقيقية والتمثيل الصحيح للطوائف، إذا لم توافق الاطراف على القانون الثالث.
ولفت باسيل الذي كان يتحدث خلال رعايته حفل افتتاح مكتب للتيار في بلدة انفه – الكورة في حضور نائب رئيس المجلس فريد مكاري، إلى اننا «بتنا قريبين من ساعة الحسم»، متسائلاً: «هل نريد ان نبقى محكومين بقانون الستين أم نريد ان نذهب إلى الأمام؟».
اضاف: «من هنا لا يهم ما نضحي به أو ما نربحه، فعندما نضحي ليربح الوطن هذه لا تسمى تضحية، لأننا نعبتر أن المقعد النيابي، ليس أهم من استقرار البلد».
ومن جهته، اعتبر عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب آلان عون، خلال العشاء السنوي لهيئة فرن الشباك في «التيار الوطني الحر»: «اننا لا نخوض معركة تغيير القانون من أجل فريقنا، فنحن مرتاحون لكل الصيغ، وإنما من أجل تمثيل الجميع حلفاء وخصوماً».
وأشار إلى انه من الأسهل للتيار أن يبقى على قانون الستين، وقد يكون الأكثر استفادة منه، خاصة بعد تحالفاته الجديدة، الا أن التيار يسعى إلى تصحيح الوضع الجائر وتأمين تمثيل صحيح لكل اللبنانيين، وتحديداً للمسيحيين.
في كل الأحوال، علمت «اللواء» أن هناك سرية تامة تحيط بما يجري من اتصالات في قانون الانتخاب، ما يعني ان الطبخة لم تنضج بعد، مع العلم ان المساعي تتركز على ازالة العقبات امام مسألة تقسيم الدوائر.
وفهم أن مشروع قانون انتخاب حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لم يسحب من التداول والأرجحية قائمة في ادخال تعديلات عليه، غير أن ما من شيء محسوم بعد.
التعيينات
من جهة ثانية، أكدت مصادر مطلعة، أن هناك كلاماً حقيقياً في موضوع التعيينات الأمنية والإدارية، لكنه ما زال في اطار مناقشة الفكرة من ناحية التوقيت.
ولفتت هذه المصادر أن الموضوع ليس قيد الحسم في الأسبوع المقبل، أو الأسبوعين المقبلين، علماً ان لا شيء يمنع من حصول هذه التعيينات في حال اختمرت لدى المعنيين، مشيراً إلى ان الأسماء المطروحة، سواء في قيادة الجيش أو في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ليست جديدة، وهي مطروحة بالفعل، لكنها لم تحسم بعد، موضحة بأن ما نقل عن رغبة قائد الجيش العماد جان قهوجي، بالتخلي عن مركزه قبل انتهاء ولايته الممددة في أيلول غير دقيق.
عين الحلوة
أمنياً، سقط 4 جرح هم حصيلة الاشتباكات المتقطعة التي شهدها مخيم عين الحلوة خلال الساعات الـ24 الماضية بين عناصر مسلحة تدور في اكثر من فلك اسلامي ووطني، ولا يستبعد ان يكون الاشتباك رسائل «جس نبض» من مخيم عين الحلوة، تزامن مع اختتام الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارته إلى لبنان، بعد ظهر السبت، وتركز في الشارع الفوقاني من المخيم، واستخدم فيه النيران بغزارة مع إطلاق قذائف صاروخية وإلقاء قنابل يدوية و«القنص» المركز، ما ادى الى شل الحركة في الشارع الفوقاني ونزوح عدد من العائلات الى اماكن اكثر اماناً داخل المخيم، وبعضها فضل الخروج منه.
وسبق الاشتباك زيارة عقيلة القيادي المفصول من حركة «فتح» محمّد دحلان، جليلة ونجلهما فادي، برفقة العميد محمود عيسى «اللينو» الى منطقة البركسات في المخيم.
واتخذ الجيش اللبناني إجراءات أمنية مشددة في محيط المخيم وعند مداخله، وقام بإقفال بوابة حديدية وضعت عند حاجزه امام «مستشفى صيدا الحكومي» على المدخل الشمالي الفوقاني للمخيم.