لطالما وصفت ميلانو بانها مدينة مكفهرة وملوثة مقارنة بروما الأزلية، لكن فيما تغرق العاصمة الإيطالية في مشاكلها، تزداد ميلانو أهمية مع استقطابها للمشاريع والاستثمارات والسياح.
ويؤكد جوليانو نوتشي الاستاذ المحاضر في الدراسات الإستراتيجية في جامعة ميلانو التقنية أن "ميلانو تشهد راهنا مرحلة تحول مذهل. وهي على وشك أن تصبح من أهم المراكز على الصعيد العالمي".
وتنظم فيها أسابيع الموضة أربع مرات في السنة، بما في ذلك أسبوع الالبسة الجاهزة للنساء، فضلا عن معرض التصاميم ومعرض الكتاب الذي تتشارك في تنظيمه مع تورينو وأسبوع مخصص للاغذية.
فميلانو تكثف المبادرات والفعاليات لتتخلص من صورة المدينة الصناعية التعيسة الغارقة في سحب الضباب الملوث التي تلازمها.
فقد عرفت عاصمة منطقة لومبارديا "كيف تستفيد من نجاح المعرض الدولي" الذي استضافته سنة 2015 وجذب اليها 21,5 مليون زائر، من بينهم 6,5 ملايين أجنبي، بحسب نوتشي.
ونجت المدينة سنة 2016 في استقطاب عدد قياسي من السياح يفوق ذاك المسجل سنة 2015 بفضل هذه الفعاليات، محققة ارتفاعا نسبته 2,07 % في هذا المجال.
ويشير كارلو ألبيرتو كارنيفاله مافي الأستاذ المحاضر في جامعة بوكوني في ميلانو إلى أن "إحدى نقاط القوة التي تتمتع بها ميلانو هي أنها مدينة تشهد تنوعا تجذب عددا كبيرا من الأجانب وتشكل قطب تبادل وتحظى جامعاتها بطابع عالمي".
وتعد ميلانو المشهورة بكاتدرائيتها ودار الأوبرا "مدخل الشركات إلى إيطاليا ومن أهم مناطق التنمية الاقتصادية في أوروبا"، بحسب نوتشي. وتسجل البطالة فيها نسبة 8 %، في حين أن المعدل يناهز 12 % على الصعيد الوطني و10,7 % في روما.
وتدر المدينة وضواحيها 10 % من إجمالي الناتج المحلي في البلاد وفيها مقار ربع المصارف الإيطالية، كما فضل عدد كبير من الشركات فتح فروعه فيها، على حساب روما، مثل مجموعة "سكاي تي جي 24" الإعلامية التي قررت في تشرين الثاني/نوفمبر نقل جزء كبير من موظفيها من روما إلى ميلانو.
ويقول نوتشي "قررت شركات كبيرة متعددة الجنسيات، بما فيها تلك الصينية أن تفتح فيها مراكز أبحاث، مثل هواوي"، مشيرا إلى الانتشار الواسع أيضا للمجموعات الإيطالية التقليدية في مجالات شتى، من الموضة إلى التكنولوجيا مرورا بالصناعات الغذائية.
وتضم عاصمة منطقة لومبارديا اكبر مركز مؤتمرات في اوروبا وهي تستفيد من رحلات جوية داخلية وخارجية ممتازة مع وجود ثلاثة مطارات بجوارها.
وفيما تتخبط روما في مشكلة نفايات، تعتبر ميلانو من بين ثلاث افضل مدن اوروبية في مجال الفرز. اما النقل العام المشترك فيها معروف بفاعليته بعيدا عن الفوضى الشهيرة في روما.
ويبدو ان الفارق بين المدينتين يزداد اتساعا يوما بعد يوم الى حد كتب فيه رافايللي سيمونه الفيلسوف الايطالي من روما مقالا في مجلة "ليسبريسو "الاسبوعية يقترح فيه نقل العاصمة الى...ميلانو.
وكتب يقول "هذا الموضوع قديم للغاية (..) لكن بات الان من المستحيل تفاديه. فادارة فيرجينا رادجي الكارثية (رئيسة بلدية روما التي لم يكتمل فريقها البلدي بعد) والدين السحيق والاهمال غير المقبول الذي تغرق فيه العاصمة منذ سنوات تجعل لا مفر من هذا الطلب".
كذلك عدد الافات التي تعاني منها العاصمة الايطالية من نفايات في الشوارع وعدم فاعلية الشرطة والنقل المشترك "الكارثي" الذي يؤدي الى فوضى في حركة السير.
واعتبر نوتشي ان روما "تتمتع بقدرات كبيرة جدا لكن عليها اولا ان تحل مشاكلها الاساسية على المدى القصير مثل مشكلة النقل. وبعد حل هذه المشاكل يمكنها ان تفكر بخطة استراتيجية على المدين المتوسط والطويل".
ويعلق كارنيفاله مافي على اقتراح سيمونه قائلا "نحن في ميلانو لم نهتم يوما بان تكون مدينتنا عاصمة لايطاليا. تريد ميلانو ان تكون عاصمة النمو والتحديث والتنمية الاقتصادية.
ويؤكد "ميلانو اوروبية بامتياز، بمعنى اوروبا المنفتحة على العالم".