إذا كان الرئيس ميشال عون يرى أن سلاح "حزب الله" باقٍ ما دامت اسرائيل تحتل أراضي لبنانية، وكان الواقع يقول أن لا تنفيذ للقرار 1701 تنفيذاً كاملاً ما لم يتم التوصل الى حل للحرب الدائرة في سوريا، فكيف يمكن في ظل هذا الوضع اقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها خلال هذا العهد وإلّا فإنه لا يكون مختلفاً عن عهود سابقة؟
والسؤال المطروح هو: كيف السبيل إلى حصر السلاح بالدولة أو وضع سلاح "حزب الله" في كنفها لتزداد قوة في التصدّي لأي عدوان اسرائيلي أو غير اسرائيلي؟
لقد عاد الرئيس عون وذكَّر بالاستراتيجية الدفاعية التي تنظّم الافادة من سلاح "حزب الله" بعدما أثار موقفه من هذا السلاح ردود فعل متباينة. لكن هل في الامكان الاتفاق على الاستراتيجية الدفاعية التي طال البحث فيها خلال اجتماعات هيئة الحوار الوطني من دون التوصل إلى نتيجة. وآخر اقتراح كان قدمه الرئيس ميشال سليمان في اجتماع هيئة الحوار للاستفادة من سلاح "حزب الله" في الدفاع عن لبنان، وتضمّن الإجابة عن الأسئلة الآتية: كيف يُستخدم هذا السلاح، ومتى يُستخدم وأين، حتى إذا صار اتفاق على الأجوبة ينزع كل سلاح غير مندرج في الاستراتيجية الدفاعية والمنتشر في القرى والبلدات: فهل يصير اتفاق إذا ما دعيت هيئة الحوار الوطني للبحث في الاستراتيجية الدفاعية؟
المطلوب من الرئيس عون أن يحدّد موعداً لعقد اجتماع لهيئة الحوار الوطني للبحث في الاستراتيجية الدفاعية، أو طرح الموضوع على مجلس الوزراء باعتباره يمثّل غالبية القوى السياسية الأساسيّة في البلاد، ولا يطول تحديد هذا الموعد لأن قيام الدولة القوية القادرة بات مرتبطاً بحل مشكلة سلاح "حزب الله". وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لدى لبنان سيغريد كاغ: "إن ما يُحكى عن تزايد تسلّح حزب الله مثير للقلق". وكان الرئيس سعد الحريري قال في تصريح سابق له: "لن نعطي حزب الله حق الدولة في قرار السلم والحرب، ولا أن يكون السلاح وسيلة للانقضاض على السلم الأهلي". ودعا البطريرك الكاردينال الراعي في احتفال الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا الى "رمي السلاح والجلوس معاً الى طاولة الحوار والتفاوض بروح المصالحة والمصارحة لايجاد الحلول السلمية". وقال النائب وليد جنبلاط في تصريح سابق له: "لا يمكن وجود دولة موازية وحزب يقرر السلم والحرب". وكانت لمسؤولين إيرانيين مواقف مغايرة... وقال رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد في حديث لقناة "المنار" (2012): "إن كل من يريد النقاش في سلاح المقاومة يخدم أجندة خارجية أميركية – اسرائيلية. ونحن نقول خذوا السلطة كلها وأعطونا الحماية الاستراتيجية في هذا البلد".
وما دام الرئيس عون دعا للعودة إلى البحث في الاستراتيجية الدفاعية حلاً لمشكلة سلاح "حزب الله"، فمن المفيد التذكير بما كان عليه موقفه وهو رئيس "التيار الوطني الحر" من الاستراتيجية الدفاعية وعند مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس السنيورة، إذ قال: "إن المقاومة وضعت في هذا البيان في إطار نضال عربي، فيجب أن نعرف من هي الدول المشتركة في هذا النضال حتى نستطيع التركيز في مقاومتنا ضمن الدول العربية. ونريد أيضاً من الحكومة أن تحدّد لنا من هي الدول العربية المناضلة معنا، ليس من أجل محاسبتها ولكن حتى نضع أنفسنا ضمن إطار هذا النضال، ونريد منها أيضاً أن تحدد لنا الحدود اللبنانية بالضبط وما هي بقع الأراضي غير المحرّرة حتى نعرف حدودنا (...)".
وفي "اللقاء المسيحي الوطني" (تموز 2008) قال عون: "كان لا بد من تعزيز المقاومة كي لا يدفع لبنان ثمن ضعفه المُزمن والمرغوب فيه من الخارج وبعض الداخل تسهيلاً لتمرير الصفقات العربية". وفي تصريحات سابقة له قال: "إن اسرائيل يمكنها أن تقصف وتضرب لكن لا يمكنها الدخول الى لبنان واحتلاله طالما هناك شعب ومقاومة، ولا الادعاء بأن سلاح حزب الله يشكّل خطراً على اسرائيل. فنحن أحرار في بناء دفاعنا بالطريقة التي نراها مناسبة. فسلاح حزب الله باقٍ الى حين عودة الفلسطينيين إلى فلسطين"... ("البيرق" 2009). وفي حديث له الى "النهار" (تموز 2009) قال بعد اجتماع لهيئة الحوار الوطني: "أنا لا أحكي بالمقاومة والاسترايتيجية الدفاعية قبل الحكي بالأمن والاستقرار الداخلي الذي أعطيه الأولوية، فلا يعود نفع للاستراتيجية الدفاعية ولا لسحب سلاح حزب الله إذا ضرب الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية، وأنه تبين أن ليست الغاية من الاستراتيجية الدفاع عن لبنان بقدر ما هي تخلص طرف من خصمه السياسي".