الحرب «الصامتة» مستمرة  بين بعبدا و«بيت الوسط» على خلفية قانون الانتخابات الذي لا يبدو انه سيبصر النور قريبا، في رأي الرئيس ميشال عون الذي تحدث بعض زواره لـ«الديار» عن وجود «احباط» واجواء سلبية جداً في بعبدا حيال المماطلة المقصودة لفرض امر واقع سياسي لاربع سنوات مقبلة... وفيما يواصل تيار المستقبل محاولاته لحماية المصارف وابعاد «الكأس المرة» عنها في الموازنة التي ستبصر النور حتما، في ظل اصرار «العهد» على تقديم انجاز جديد بعد اقرار ملف النفط...، يخوض النائب وليد جنبلاط معركتين متوازيتين، لكنهما تلتقيان في نهاية المطاف على نقطة مركزية عنوانها «الخوف من المجهول»، الاولى داخلية لحماية حيثيته، والثانية في وجه الرئيس الاميركي دونالد ترامب، اذ ارتفع منسوبها على نحو مفاجىء في الساعات القليلة الماضية..فهل من اسباب موجبة لهذا التصعيد؟
اوساط دبلوماسية في بيروت تقاطعت معلوماتهم مع زوار لبنانيين عادوا مؤخرا من دمشق، أشاروا الى ان الاسباب الرئيسية لهذا «التوتر» المفاجئ حيال الرئيس الاميركي، تسريبات موثقة عن فحوى «رسالة شخصية» تلقاها الرئيس السوري بشار الاسد من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، تحمل اشارات ايجابية حيال النظام في سوريا والاستعداد للتعاون في قتال «داعش»، والتفاهم على مرحلة ما بعد القضاء على الارهاب...
 ولفتت تلك الاوساط الى ان اشادة الرئيس الأسد مؤخرا بتصريحات ترامب «الواعدة» حول قتال «داعش»، وتأكيده ان قرار الرئيس الأميركي بمنع السوريين من دخول الولايات المتحدة لا يستهدف السوريين بل «الإرهابيين»، لم يأت من فراغ، وهو جاء بناء على مؤشرات اميركية مشجعة تم ابلاغها للرئيس الاسد شخصيا منذ نحو شهر، وجرى التأكيد عليها لاحقا عبر اتصالات اجرتها شخصيات نافذة في الادارة الاميركية مع مقربين من النظام السوري.
والجديد في المعلومات التي تبلغها الوزير جنبلاط من جهات دبلوماسية اوروبية، ان عضو مجلس النواب الأميركي المنتمية الى الحزب الديموقراطي تولسي غابارد، «المتمردة» على حزبها، والمقربة جدا من ترامب، التقت والرئيس بشار الأسد في دمشق نهاية الشهر الماضي، بطلب من الرئيس الاميركي، وليس بمبادرة شخصية منها، وقد اجتمعت مع ترامب لنحو ساعتين قبيل سفرها الى العاصمة السورية، وطلب منها ابلاغ الرئيس السوري انه غير معني بتغيير النظام، وهو امر اصبح من الماضي، ولا مانع من حصول محادثات جادة معه للتوصل الى تسوية، والتركيز سيكون فقط على اولوية القضاء على «داعش» وتنظيم «القاعدة». والملفت ان الرسالة ايضا حملت تطمينات الى طهران بأن الخلاف مع «ايران» لن يؤدي الى حرب لان الرئيس الاميركي غير معني بخوض اي حروب جديدة، وهو يدرك ان الايرانيين جادون في قتال الارهابيين في سوريا... وقد فهمت الاوساط الاوروبية ان ثمة كلاماً آخر شديد الاهمية و«الحساسية» حرص الاميركيون والسوريون على ابقائه «طي الكتمان»، ما يدعو في رأيهم الى مزيد من القلق حيال استراتيجية ترامب السورية.. 
ووفقا للمعلومات، فإن تهنئة جنبلاط لأنصار ترامب بهذا «الرئيس الذي قد يجر العالم الى الفوضى والمجهول»، ونصيحته لاحقا لانصار ترامب «بأن لبنان في غنى عن القرار 1559وما جلبه من ويلات على لبنان... وتأكيده قبل ايام ان مسألة سلاح حزب الله يمكن حلها داخليا بالحوار مع الحزب لو تطلب الامر سنوات..كلها تصريحات تصب من جهة في خانة «القلق» من استراتيجية ترامب السورية التي ستسمح ببقاء الرئيس السوري على رأس النظام في سوريا، ومن جهة اخرى يعمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي على تمتين «جسور» العلاقة مع حزب الله، باعتبار ان السيد حسن نصرالله يشكل الضمانة الوحيدة على الساحة اللبنانية القادرة على بناء مقاربة جديدة في العلاقة مع دمشق تحفظ «خط الرجعة» للقوى المناهضة للنظام السوري في لبنان.
 

 

 هل يتراجع عون ؟


في هذه الاثناء لا تبدو الامور على خير ما يرام بين بعبدا «وبيت الوسط» بزوار رئيس الجمهورية نقلوا عنه اجواء سلبية جداً حيال نيات تيار المستقبل الانتخابية، واكد هؤلاء لـ«الديار» ان الرئيس يشعر بعدم وجود رغبة حقيقية في التوصل الى قانون انتخابات جديد، واصفا كل النقاشات والاجتماعات بأنها «مضيعة للوقت» وهو ليس متفائلا بالتوصل الى قانون جديد في المدى المنظور، وهو يدرس خيارات اخرى لم يفصح عنها... وقد خرج بعض من زاره قبل ايام بنوع من «الاحباط» بعد سماع كلام غير جازم بحصول انجاز على الصعيد الانتخابي. وقد فهم هؤلاء أن رئيس الجمهورية «يستهول» حصول فراغ في السلطة التشريعية، وخرجوا غير مرتاحين بعد ان سمعوا الرئيس «يشكو» دون من رغبة البعض في تمديد الوضع القائم في المجلس النيابي لاربع سنوات قادمة، ان يبدي «حماسة» في «ردعهم»... فهل يؤدي يأس الرئيس الى تراجعه امام اصرار الفريق الاخر على العرقلة؟ 
وفي ملف الموازنة، اكدت اوساط وزارية لـ«الديار» ان ثمة قراراً سياسياً كبيراً بإقرارها، باعتبار انها الانجاز الثاني للعهد بعد اقرار المراسيم التطبيقية المتعلقة بالنفط، وبغياب اي بارقة امل في التفاهم على قانون انتخابي جديد، يبدي التيار الوطني الحر اصرارا على المضي قدما في انجازها، بدعم من «الثنائي الشيعي»، مع العلم ان تيار المستقبل كان يعول على معارضة «التيار البرتقالي» للتنصل منها... ويبدو ان النقاشات في جلسات الحكومة الماراتونية تتجه لفرض ضريبة عل فائدة الفائدة في المصارف، بالاضافة الى ضرائب اخرى لا تستهدف الفئات الشعبية.
 

 زيارة عباس


الكلام البروتوكولي في قصر بعبدا بعد لقاء الرئيس ميشال عون ونظيره الفلسطيني محمود عباس، والذي ظهّر التفاهم على الموقف من اسرائيل، لم يخف قلق الجانب اللبناني من سوء تنظيم القوى الامنية الفلسطينية المحسوبة على السلطة خصوصا في مخيم عين الحلوة، ووفقا لاوساط سياسية مطلعة على تفاصيل زيارة الرئيس الفلسطيني، فان النقاش التفصيلي حول وضع المخيم سيبدأ اليوم بين الجهات اللبنانية المعنية والوفد الفلسطيني المرافق، للوصول الى «خارطة طريق» تعيد تفعيل الاتصالات بين حركة فتح واستخبارات الجيش، والتي تعرضت للاهتزاز على خلفية استمرار العمل بـ«الجدار الامني» واستمرار التوقيفات لعدد من المسؤولين الفلسطينيين الملاحقين بمذكرات توقيف...
وبحسب المعلومات فإن الرئيس الفلسطيني سيعمل خلال زيارته على معالجة المشكلة التنظيمية داخل «فتح» عقب استقالة منير المقدح من مهامه. ومع وجود بعض التحفظات على «الجدار الامني»، لا يبدو ان الاعتراض سيبلغ حد المطالبة بوقف العمل به، بعد ان قدمت الجهات الامنية اللبنانية مسوغات مقنعة في هذا السياق، مع العلم ان الجهات الرسمية الفلسطينية أبلغت الطرف اللبناني انها قادرة على الحفاظ على «الستاتيكو» القائم داخل المخيم، لكن لا قدرة للقوات العسكرية التابعة للسلطة على حسم اي معركة مع التيارات الاسلامية المتشددة، اذا ما قررت تلك الجهات افتعال معركة داخل المخيم، فثمة نقص كبير في العتاد والذخيرة لا يسمح بخوض اي مواجهات مفتوحة، لا تريدها السلطة الفلسطينية لكنها وعدت برفع مستوى التعاون الامني مع السلطات اللبنانية...