بدا مخاض اقرار مشروع الموازنة لسنة 2017 بمثابة متراس ضمني وظرفي من شأنه اشاحة الانظار لبعض الوقت عن المراوحة التي تحكم المساعي الجارية للخروج من ازمة قانون الانتخاب والتي على رغم كل الانطباعات التي يحرص بعض القوى على اشاعتها عن استعدادات ايجابية في صددها لا تزال تواجه الممرات المسدودة. واللافت في هذا السياق ان المناقشات الطويلة لمشروع الموازنة لا تجد بدورها مسالك سهلة ولو ان خرقاً تحقق أمس في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، لكن مجلس الوزراء لم يتمكن هذا الاسبوع من انجازها وقرر عقد ثلاث جلسات اضافية متعاقبة الاسبوع المقبل مما يعكس أيضاً تعقيدات من نوع آخر تواجه سعي الحكومة الى تحقيق هذا "الانجاز " بعد نحو 12 سنة من عدم اقرار أي موازنة.
وناقش مجلس الوزراء أمس جدول أعماله المؤلف من ٢٩ بنداً وأقر معظمها مستثنياً البند الثاني المتعلق بالأحكام الضريبية على النشاطات البترولية.
ثم تابع مناقشة مشروع الموازنة فأنجز المواد القانونية ولا سيما منها المتعلقة ببرامج القوانين التي تشمل اعتمادات لمشاريع في عدد من المناطق، منها "طريق القديسين"في جبيل - البترون بالاتفاق على رصد 20 مليون دولار لها، كما أنجز المادة ٢٨ المتعلقة بالأملاك البحرية.
وأوضح وزير المال علي حسن خليل ان مجلس الوزراء "أحرز تقدماً كبيراً جداً وقد أنجزت مبدئياً كل المواد القانونية المتعلقة بالموازنة". وأضاف: "بدأنا بنقاش الإجراءات الضريبية والتعديلات، وقد حدد رئيس الحكومة موعدا لثلاث جلسات تعقد الأسبوع المقبل بدءاً من يوم الاثنين، وبحسب تقديرنا من الممكن ان ننجز اقرار الموازنة خلال هذه الجلسات".
وسئل عن وجود لجنة ثلاثية لمتابعة موضوع الموازنة، فأجاب: "لا شيء اسمه لجنة في هذا الموضوع، هناك تشاور أجريته مع بعض النواب والوزراء والكتل لتسهيل النقاش داخل مجلس الوزراء. وبالنسبة الى موضوع الاملاك البحرية هناك اتجاه لاستبدال المادة المتعلقة بفرض غرامات على الاملاك البحرية بمادة قانونية لتسوية المخالفات على هذه الاملاك ناقشته اللجان النيابية ولجنتا الادارة والعدل والاشغال العامة". ونفى ان يكون المجلس تطرّق الى مبلغ 1200 مليار ليرة المخصصة لسلسلة الرتب والرواتب.
وعلم في هذا الإطار، ان الاجتماع الذي عقد في وزارة المال بين وزير المال والنائب ابرهيم كنعان والوزير جمال الجراح تطرق الى موضوع السلسلة من باب الاتجاه الى ادراج مبلغ الـ١٢٠٠ مليار ليرة المخصصة لتمويل السلسلة في صلب الموازنة بدل الاحتياط ليكون جاهزاً لتمويلها إذا أقر مشروع قانون السلسلة في مجلس النواب، باعتبار انها مشروع قانون مستقل موجود أمام الهيئة العامة لمجلس النواب.
ويبدو ان هذا هو الاتجاه العام الذي تم التوصل اليه في المشاورات الجانبية والذي سيشق طريقه الى التطبيق في مجلس الوزراء، الذي يعقد جلساته المقبلة أيام الاثنين والاربعاء والجمعة لانجاز اقرار الموازنة المكونة من ١٢٠٠ صفحة. وكان وزير المال حضر الى الجلسة أمس مع فريق عمل الوزارة للمشاركة في شرح بنود الموازنة.كما تم التوافق على البنود المتعلقة بالهبات والقروض وصلاحيات نقل الاعتمادات والقروض الاستثمارية في شكل يتوافق مع بعض الاصلاحات والتوصيات الصادرة عن لجنة المال النيابية.
عباس في بعبدا
في غضون ذلك، جمع قصر بعبدا مساء أمس في مناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت للمرة الاولى في عهد الرئيس العماد ميشال عون رؤساء الجمهورية ومجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري الذين شاركوا في العشاء التكريمي الذي أقامه الرئيس عون لنظيره الفلسطيني. وسبق العشاء اجتماع ضم الرؤساء الثلاثة والرئيس عباس تناول القضايا المشتركة ولا سيما منها ما يتصل بموضوع المخيمات واللاجئين الفلسطينيين فضلاً عن موضوع الارهاب.
وكان الرئيس عون تناول هذه القضايا في مؤتمره الصحافي المشترك مع الرئيس الفلسطيني عقب محادثاتهما بعد الظهر اذ شدد على اهمية دور الرئيس عباس في "المحافظة على استقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان فلا تتحول الى بؤر لمن يبغي استغلال مآسي الشعب الفلسطيني واستثمارها في الارهاب والاخلال بالامن". أما الرئيس عباس فاكد ان اللاجئين الفلسطينيين على أرض لبنان "ما هم إلّا ضيوف عليكم ونحن على ثقة بأنكم ستستمرون في حسن رعايتكم لهم ونحرص كل الحرص على ان يبقى أبناء شعبنا في منأى عن الدخول في صراعات المنطقة".
المأزق الانتخابي
ولم يطرأ اي جديد في الاتصالات المستمرة في الكواليس في شأن قانون الانتخاب وسط ترقب لما ستفضي اليه مرحلة ما بعد اقرار الموازنة التي ستشهد "تفرغا " لهذا الاستحقاق. وأطلق رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في هذا الصدد جملة تحذيرات جديدة من الوصول الى "مرحلة مفصلية بعد انقضاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة اذ صارت كل الخيارات سيئة". وبعدما ذكر بمطالبته رئيس الجمهورية بعقد خلوة لرؤساء الكتل للاتفاق على قانون انتخاب واستعمال صلاحياته في حث النواب على اقرار قانون جديد، حذر من "اننا أمام مأزق وخطر حقيقيين على البلد ولا يزالون يبحثون عن آلية تمكنهم من العودة الى السلطة ونتجه مرة جديدة للتأكيد ان لبنان دولة عاجزة".