تقبل تركيا على استفتاء مهم حول طبيعة النظام في البلاد، يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى وحزبه الحاكم إلى تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، ما يزيد من صلاحياته رئيسا.
ويعتبر أردوغان أن التحول إلى النظام الرئاسي يمثل أكبر مراحل الإصلاحات الداخلية في تاريخ تاركيا، مضيفا أن 16 نيسان/ أبريل المقبل سيكون بمثابة "ولادة جديدة" لتركيا، وفق تعبيره.
ورغم الدعاية الكبيرة التي يبثها مؤيدو توجه أردوغان وحزب العدالة والتنمية للتعديل الدستوري، والتأييد الواسع الذي يحظى به؛ لكن، ماذا إذا فشلت هذه الخطوة، وكان استفتاء الشعب التركي مخالفا للتوقعات، وقام الغالبية بالتصويت بـ"لا"؟
من جهته، أجاب المحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، على هذا التساؤل بالقول إن رفض التعديلات الدستورية في الاستفتاء، يعني استمرار هذا النظام الذي يولد الأزمات.
وأوضح لـ"عربي21" أنه كان جليا في فترة رئاسة أحمد داود أوغلو للحكومة، أن هذا النظام الحالي سبب أزمات وتضارب صلاحيات بينه وبين أردوغان، مع أنهما من الحزب ذاته، وعملا سويا لفترة طويلة.
وعلل ذلك بالقول، إن رئيس الدولة ورئيس الوزراء في تركيا كلاهما منتخبان من الشعب، ولكن المشكلة أن الدستور يعطي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة صلاحيات متداخلة، وهذا أمر لمسته تركيا بعد أن أصبح الرئيس ينتخب مباشرة من الشعب، إذ يعد أردوغان أول رئيس تركي منتخب مباشرة من الشعب.
وأضاف أن هذا النظام يمكن أن يولد أزمة سياسية بالتالي أزمة اقتصادية في أي وقت، لذلك فإن التعديلات الدستورية تهدف إلى تصحيح هذه الإشكالية.
وفي حال فشل الرئيس التركي في تحويل نظام الحكم من خلال الاستفتاء، أوضح ياشا أن الوضع الحالي سيستمر بالنسبة لأردوغان.
ولكنه توقع سيناريو آخر "ضعيف الحدوث"، هو أن يدفع ذلك بالمعارضة للمطالبة بالذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة، بحجة أن الشعب سحب ثقته من الحكومة إذا قال "لا" للتعديلات الدستورية.
وعن تأثير الاستفتاء على الرئيس التركي نفسه في حال اختار الشعب التركي "لا"، قال ياشا إن أردوغان له شخصيته ولديه كاريزما قوية، وبإمكانه أن يمارس صلاحياته الدستورية دون تضييقات من أي جهات معارضة، لا سيما أنه منتخب، وزادت شعبيته بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/ يوليو الماضي.
ووافق الكاتب والباحث التركي، محمد زاهد غول ما ذهب إليه ياشا، وقال لـ"عربي21" إن سيناريو فشل التعديلات الدستورية "سيكون وقعه على الساحة السياسية التركية كبيرا للغاية، فنحن نتحدث عن أزمة سياسية ستبدأ لا أدري أين ستنتهي، لكن أقلها انتخابات مبكرة، وهذا ما تدعو إليه المعارضة بشكل عام".
وهذا سيناريو محتمل، ولكنه ليس قويا، بحسب غول الذي أضاف أن الواقع السياسي التركي الداخلي بين الموالاة من جهة والمعارضة لا سيما حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي من جهة أخرى، متأزم جدا.
وحذر من أن هذه الأزمة ستشتد أكثر، وتؤدي إلى نتائج سيئة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وستكون لها تداعيات كبيرة جدا في حال فازت أصوات "لا" في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
واقع سياسي جديد
وقرأ زاهد غول في الاتجاه نحو هذه التعديلات الدستورية، أنه يهدف إلى تدشين واقع سياسي جديد، ليس فقط تحويل النظام من برلماني إلى رئاسي بقدر ما هو مرحلة جديدة في الحياة السياسية التركية لاستحقاقات ورؤية جديدة.
وأوضح أن الأحزاب السياسة اليوم أقصى طموحها في الأساس هو الوصول إلى السلطة، لكن الأحزاب التي ستصل إلى البرلمان بعد الاستفتاء في حال فوز "نعم"، لن تكون صاحبة السلطة بعد اليوم، بل ستمارس العمل التشريعي، ولن يكون لها علاقة بالسياسة اليومية بشكل مباشر.
وقال إن أعضاء البرلمان لن يكونوا جزءا من الحكومة في هذه الحالة، وإذا دخلوها فهم مستقيلون من العمل البرلماني حينها.
ووفقا لزاهد غول، فإنه بذلك، سيطرأ تغيير على الحياة السياسية التي اعتادت عليها تركيا منذ عام 1950 وحتى الوقت الراهن.
صلاح الدين محمد