يعطلون الاستحقاق الرئاسي سنتين ولا يحاسب أحد، ويؤخرون تأليف الحكومات من دون تحديد المسؤوليات، ويقفل مجلس النواب من غير ان يعترض أحد، يتمسكون ببنود اتفاق الطائف لكنهم يخالفونه بطلب اعتماد النسبية والمختلط في دوائر كبرى، يسقطون قانون الستين ولا يتفقون على بديل منه، تتوالى جلسات مجلس الوزراء لاقرار الموازنة من دون قطع حساب الـ 11 مليار دولار، يرفعون قيمة الرسوم والضرائب ولا يعطون الموظف سلسلة الرتب والرواتب، يتشددون في تطبيق قانون السير ولا يضيئون الشوارع أو يردمون الحفر، يتقاضون أغلى الاسعار في الخليوي والانترنت فيما خدمات القطاع تزداد تراجعا، يشجعون السياحة ويفرضون على اللبنانيين المنتشرين بطاقات السفر الأغلى، هذا كله في دولة "كل مين إيدو إلو" حيث لا حسيب ولا رقيب ولا تخطيط على رغم انشاء وزارة دولة لشؤون التخطيط لا مشروع ولا هدف لها. واذا كان اللبنانيون تفاءلوا بقرب تسيير أمور الدولة بعد انتخاب رئيس والتوافق على حكومة جديدة، فان الامل في استمرار قطف نتائج التوافق والرعاية الدولية الاقليمية، بدأ يتضاءل في ظل عدم الاتفاق على قانون انتخاب جديد أو اقرار الموازنة أو بدء تحريك الاقتصاد. واللافت ان ممثلي معظم الاحزاب في مجلسي الوزراء والنواب، يرفضون زيادة الضرائب، أو اقرار ضرائب جديدة، ويؤيدون اعطاء سلسلة الرتب والرواتب، وفي الوقت نفسه يمتنعون عن اقرار الحقوق، ويدعون المواطنين الى الاعتصام والتظاهر محولين أياهم أحجار شطرنج يتلاعبون بهم وبحياتهم وبمعيشتهم.
واللافت ان مناقشة الموازنة في جلسات متتالية لمجلس الوزراء آخرها امس تدور في حلقة مفرغة، خصوصاً ان سلسلة الرتب والرواتب لا تدخل في اختصاص مجلس الوزراء بعدما أحيلت قبل ثلاث سنوات على مجلس النواب. وقد حرص وزير المال علي حسن خليل على القول، ردا على الاعتراضات المصرفية على الاجراءات الضريبية المتصلة بالقطاع، إن تلك الإجراءات أقرت في قانون ولم تعد مطروحة للنقاش، فيما الواقع ان الضرائب ارتبطت في حينه بسلسلة الرتب والرواتب التي اسقطت في الهيئة العامة للمجلس، وتالياً تعتبر تلك الضرائب لاغية حكماً.
وعلمت "النهار" في هذا المجال ان درس موضوع السلسلة بين الجهات المعنية، وخصوصا في الاجتماع مع رئيس الوزراء سعد الحريري، تركزت على امكان تقسيط السلسلة على ثلاث سنوات، يقابلها تأجيل أكثر الضرائب وتوزيعها على سنوات أيضاً.
وصرح وزير الاعلام ملحم الرياشي بعد جلسة مجلس الوزراء مساء أمس: "النقاش طويل وعلمي في ما يتعلق بالموازنة وايجابي جدا ولا أعتقد اننا سننتهي غداً (اليوم) لكن الامور سوف تحل". وقال وزير المال: "بدأنا مناقشة قوانين البرامج والمواد القانونية للسلسلة وقطعنا شوطا مهما وغداً (اليوم) سنعقد لقاءات تحضيرية قبل الجلسة".
وفيما كان مجلس الوزراء منعقداً عصر أمس، عادت "هيئة التنسيق" الى الشارع، كخيار اعتبرته ضرورياً للضغط لإقرار سلسلة الرتب والرواتب. وأكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ"النهار". أن الإضراب والاعتصام خطوة أولى ستليها تحركات تصعيدية ستبحث أشكالها مع مكونات هيئة التنسيق. ولم يستبعد أن يكون سقف التحرك والموقف عالياً في المرحلة المقبلة، ما لم تقر السلسلة، داعياً الى "اقفال هذا الملف"، ومطالباً المعنيين بإقرار قانون غلاء المعيشة الذي أقر عام 2012.
الانتخابات
وفيما سرت شائعات عن ان تأجيل الانتخابات، بل التمديد للمجلس سنة كاملة، صار أمراً محتوماً، ما يدفع الى اطالة عمر الحكومة أيضاً، تحدثت مصادر قريبة من بعبدا الى "النهار". عن تفكير لدى الرئيس ميشال عون في توجيه رسالة الى مجلس النواب لوضعه أمام مسؤولياته. ويبدو واضحاً ان هذه الخطوة تأتي بعدما رمى، رئيس المجلس الكرة في ملعب الحكومة بدعوتها الى وضع قانون انتخاب فيما القوى المممثلة في الحكومة، المشاركة باللجنة الرباعية وبالاجتماعات الثنائية فشلت في التوصل الى اتفاق على صيغة قانون انتخاب، وهذا ما يجعل وضع الأزمة على طاولة الحكومة من دون جدوى.
وأكدت المصادر القريبة من بعبدا تفاؤلها بامكان الاتفاق على قانون جديد خلال شهر بعدما برزت مرونة في المواقف حيال القانون المختلط، أن لا نية لدى عون للتمديد نهائياً، لان من شان ذلك ان يبدد انطلاقة العهد. ورفضت مقولة الاتفاق المسبق على إبقاء قانون الستين، مؤكدة انه بات قانوناً ميتاً بالنسبة الى الرئيس.
وفي هذا الاطار، اكدت مجموعة الدعم الدولية إلتزامها إستقرار لبنان وأمنه. واعتبرت أن الزخم السياسي الحالي أدى إلى إعادة تفعيل مؤسسات الدولة في لبنان. وشجع أعضاء مجموعة الدعم الدولية "جميع الأطراف على التوصل إلى تفاهم مبكر من شأنه أن يقدم إطاراً إنتخابياً مناسباً للبنان. إنَ إجراء الانتخابات النيابية في وقتها بشكل سلمي وشفاف خطوة مهمة للحفاظ على تقاليد لبنان الديموقراطية ولتلبية تطلعات الشعب اللبناني". وأبدت المجموعة استعدادها لتقديم الدعم.
قانون السير
حياتياً، انشغل اللبنانيون أيضاً بالاجراءات الجديدة لتطبيق قانون السير والكاميرات المثبتة في غير مكان من العاصمة ومحيطها لمراقبة المخالفين، وقيام حواجز لقوى الامن للتشدد في تطبيق الانظمة وضبط المخالفات. وعلمت "النهار" ان المشروع الجديد لهيئة ادارة السير قيد التجربة ويقتصر حتى اليوم على كاميرا الكترونية واحدة، فيما الكاميرات العشر التي ركبت في العام 2009 لم تشغل حتى اليوم بحجة عدم وجود فريق عمل لتشغيلها على رغم تكلفتها الباهظة التي بلغت مليون دولار اميركي. ويربط الخبير في ادارة السلامة المرورية كامل ابرهيم العمل بمعلومات عن انتهاء ولاية المديرة العامة لهيئة شؤون السير في ايار المقبل. والحاجة الى الاكثار من الانجازات لضمان التجديد لها. ويشكك في قدرة الكاميرات والاجهزة الامنية على المضي طويلا في الخطة التي تحتاج أيضاً الى توعية واعلام للمواطنين واعمال ضرورية على الطرق.