راقت الفكرة سعاد قاروط العشّي، فجلست على كرسي تمّام بليق المعروف بنوعيته. "المكان لصاحبه، أعطاه من روحه ونَفَسه وأسلوبه"، ورغم ذلك لبّت الطلب وحضرت بالفستان الأحمر. خطوةٌ صبّت في لمعان صورة المقدّم، بعد إعلانٍ ترويجي مخادع، ادّعى أنّه غادر البرنامج.
العشّي في مكان، و"بلا تشفير" ("الجديد") في مكان آخر. بالغت الإعلامية اللامعة في مفردات الحبّ ونشر أجوائه أمام المقدّم صاحب السمعة التلفزيونية الملطّخة. في كلّ مرة، يطلّ مُديناً، مُستفزّاً، مُنزِلاً المستوى إلى الأسفل، مهيناً في الغالب نفسه والضيف، فوضعته العشّي عند بعض حدّه. دوّرت الزوايا وانتهجت المسايرة، وفي مواقف حسمت وحاججت. بدا حريصاً على الخروج رحب الصدر، ديموقراطياً، منفتحاً على النقد والرأي. والعشّي أخذت بيده. هل كانت لسان المُشاهد؟ أسئلته؟ موقفه من بليق وبرنامجه؟ رفضه البذاءة والتتفيه؟ نعم، مع مبالغة في المُداراة والتحوّل جزءاً من نفض الغبار عن الصورة وترصيعها بالزهر والعطر.
السؤال: هل ستثمر خطوة العشّي ضبطاً لنفس بليق ونَفَس الزقاق؟ نأمل ذلك، وإلا جازى الله جهودها خيراً، وإلى اللقاء في محاولة أخرى. بليق المتعطّش للدفاع عن ذاته، وجد في مُحاوِرته كنزاً مريحاً. لم يشأ الاعتراف بزلّة، أو بإهانة أحد. تمسّك بالثقة المُضخَّمة بالنفس، وبالفخر بما يقدّم، فيما العشّي لم تُخفِ إعجاباً بـ"نجاحه وتألّقه وشياكته". غزلٌ كاد أن يظهر تملّقاً لا يليق بالمُحاوِرة ودورها في البرنامج. ليس المطلوب استعارة أسلوب بليق والتلويح بألفاظه وإسفافه. لعلّ العشّي بإفراطها في تعميم الحبّ، أرادت مسح رواسب القعر في منطق بليق وخطابه. في النهاية، أخرجته من الحلقة مواجهاً الأسئلة المطروحة، مدافعاً عن نفسه، منتشلاً إياها من التُهم وسوء النظرة. هو الرابح، إذ كسب حضورها، وإشادتها المُضمَرة، ونقدها الرقيق. ماذا بعد؟ "مفاجأة!". حضر ابنه مع وردٍ وأشواق من زوجته، كدليل إلى أنّ بليق إعلامي قادر على الحبّ. العشّي غامرت. بعض المغامرات، يا للأسف، "دعسة" ناقصة.