تصاعدت حدة التوتر بين تركيا و ايران الثلثاء مع تبادل هاتين القوتين الاقليميتين الاتهامات حول دورهما في النزاع السوري وزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط.
ورغم الخصومة التاريخية بين البلدين، تمكنت انقرة وطهران من اقامة علاقة براغماتية في السنوات الماضية، وفي هذا الاطار نددت الجمهورية الاسلامية سريعا بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي استهدفت الاطاحة بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان السنة الماضية.
لكن تركيا السنية وايران الشيعية على طرفي نقيض من النزاع السوري حيث تدعم طهران الرئيس بشار الاسد، في حين تدعم تركيا فصائل المعارضة.
ويأتي هذا التوتر قبل ايام من بدء محادثات السلام حول سوريا في جنيف برعاية الامم المتحدة الخميس.
والمعروف ان تركيا تخوض معارك في شمال سوريا بهدف انتزاع مدينة الباب من ايدي الجهاديين.
ووجه وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو انتقادات لايران في خطاب القاه امام مؤتمر ميونيخ حول الامن في نهاية الاسبوع معتبرا ان بعض اعمالها قوضت الامن في المنطقة، وحث طهران على تشجيع الاستقرار.
ونقلت وسائل الاعلام التركية عنه القول ان " ايران تسعى الى تحويل سوريا والعراق الى بلدين شيعيين".
كما اتهم اردوغان في الاسابيع الماضية ايران بالعمل على تعزيز الاتجاهات "القومية الفارسية" ما اجج الخلافات في الشرق الاوسط.
واستدعت وزارة الخارجية الايرانية الاثنين السفير التركي للاحتجاج على تصريحات تشاوش اوغلو فيما حذر المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي من ان لصبر طهران "حدودا".
وقال "نأمل في عدم الادلاء بمثل هذه التصريحات مجددا. اذا استمر اصدقاؤنا الاتراك بهذا الموقف لن نبقى صامتين".
ورد المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي اوغلو الثلاثاء قائلا ان تلقي مثل هذه الاتهامات من طهران امر "غير مفهوم". واتهم طهران بانها "لا تتردد في ارسال لاجئين يحتمون من ازمات اقليمية الى مناطق حروب" ودعاها الى "اتخاذ خطوات بناءة والى مراجعة سياستها الاقليمية".
يأتي تبادل الاتهامات بعدما عاد اردوغان من جولة استمرت اسبوعا على دول الخليج حيث اجرى محادثات خصوصا مع السعودية، حليفة انقرة السنية.
واعتبر علي واعظ المحلل البارز للشؤون الايرانية في مجموعة الازمات الدولية ان ايران وتركيا تتبادلان التهم بالسعي لفرض هيمنة اقليمية عبر اطراف تابعة لكل طرف على الارض.
وقال لوكالة فرانس برس "مع كل فشل في ايجاد تسوية، اصبح اطار التنافس بين تركيا وايران اكثر تعقيدا والخلافات اكثر صعوبة".
وفيما تدعم تركيا فصائل معارضة في سوريا، لعبت طهران دورا حاسما في مساعدة نظام الرئيس بشار الاسد. ولم تعط ايران تفاصيل حول دورها في النزاع لكنها اكدت مقتل حوالى الف مقاتل متطوع في سوريا.
في هذا الوقت حذرت انقرة ايران وحلفاءها في حكومة بغداد من استخدام قوات الحشد الشعبي الشيعية في عملية استعادة مدينة الموصل من ايدي جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال وزير الخارجية التركي الثلثاء "انه امر خطير جدا ارسال مقاتلين شيعة الى مدينة تعد 99% من السنة".
ويعتبر التوافق بين تركيا وايران حاسما بالنسبة لضمان الحفاظ على هدنة هشة في سوريا مدعومة من روسيا ايضا، اعلنت في نهاية السنة الماضية لتشكل اساسا لمحادثات السلام.
ورغم ان انقرة تؤيد رحيل الاسد عن السلطة، عادت الحكومة التركية وخففت موقفها هذا مشيرة الى ان الرئيس السوري يمكن ان يحظى بدور ما في تحديد مستقبل البلاد.
لكن واعظ قال ان عملية المفاوضات السورية تصل الى طريق مسدود فيما تتضارب دوائر نفوذ ايران وتركيا في سوريا.
واضاف "في نهاية المطاف سيكون على تركيا وايران بصفتهما دولتين متجاورتين ان تتعايشا مع النزاعات المشتعلة حاليا في محيطهما".
وخلص الى القول "اي حل مستدام سيتطلب توازنا للقوى الاقليمية يقبل به الطرفان" داعيا كل من الدولتين الى الاعتراف بمصلحة الدولة الاخرى.