في نظرة على المشهد السياسي اللبناني يبدو جليًا حال القلق والخوف اللذان يسودان الأوساط السياسية والشعبية اللبنانية على ضوء التصعيد الذي يتفاعل بين حزب الله وإسرائيل والذي ينذر بأن الأمور تسير بإتجاه منحى خطير مع قرع طبول الحرب التي قد يقدم عليها العدو الإسرائيلي ضد لبنان مستهدفًا النطاق الحيوي لحزب الله مما يعرض البلد لدفع أثمان باهظة جراء هذه الحرب التي ستفرض عليه دون أن يكون له فيها لا ناقة ولا جمل، فمنذ تأسيسه بقرار إيراني وعلى يد عناصر الحرس الثوري الإيراني التي جاءت إلى لبنان وإطلاقه المقاومة الإسلامية فإن حزب الله عمل على إحتكار العمل المقاوم بعد أن تمكن من الإمساك بالخط الحدودي الفاصل بين لبنان وإسرائيل لمنع أي عملية عسكرية قد تقوم بها خلايا ومجموعات تابعة لغيره من التنظيمات والأحزاب العاملة على الساحة اللبنانية، وبالتالي فإنه عمل على وضع مردود عمليات مقاومته الإسلامية في ميزان الصراع الإيراني مع المجتمع الدولي، وتحولت المقاومة إلى ورقة بيد طهران تستخدمها وفقًا لمقتضيات الحاجة الإيرانية لإبتزاز دول الغرب الداعمة لإسرائيل ولسياستها في المنطقة لدرجة أن اي عملية ضد إسرائيل ما كانت لتتم إلا على إيقاع طبيعة أي عملية تفاوضية متعثرة بين طهران وأي عاصمة غربية بسبب العلاقات المتوترة بينهما.
وبذلك فإن حزب الله الذي رهن مقاومته للسياسة الإيرانية فإنه استطاع أن يربط البلد كله وخصوصًا قراراته المتعلقة بالسلم والحرب بطهران وحقق إنجازًا واضحًا في هذا المجال بحيث تحول لبنان بكليته إلى ما يشبه الملحق بإيران وباتت السلطة في بيروت عاجزة عن إتخاذ أي قرار لا يراعي المصالح الإيرانية أو لا يتوافق مع توجهات حزب الله وذلك تحت طائلة تعطيل المؤسسات الدستورية حينًا أو التلويح بعمل عسكري حينًا آخر.
ومن الطبيعي فإن حزب الله وفي إطار إمتلاكه لمنظومة عسكرية هائلة فإنه وضع لبنان في دائرة خطر التهديد الإسرائيلي الدائم وبنفس المقدار الذي تزداد قدرات حزب الله القتالية فإن الخطر الإسرائيلي يزداد على البلد ويصبح عرضة لدفع أثمان باهظة بشريًا وعمرانيًا وماليًا.
إقرأ أيضًا: اغتيال رفيق الحريري اغتيال للوطن
ومؤخرا كشفت مصادر استخباراتية غربية عن معلومات تم تداولها في الغرف السرية المغلقة تفيد بأن حزب الله نجح في تهريب كمية معينة من صواريخ ياخونت يقدر عددها بثمانية من سوريا إلى لبنان، رغم الجهود الإسرائيلية التي بذلت خلال الأعوام الماضية لمنع ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أن صواريخ ياخونت روسية الصنع ومضادة للسفن وتفوق سرعتها ثلاث مرات سرعة الصوت وتستطيع ضرب أهداف على بعد 300 كيلومتر بسرعة 750 مترًا في الثانية.
وذكرت صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية أن أجهزة الإستخبارات في إسرائيل قدرت منذ زمن بأن حصول حزب الله على هذه الصواريخ من شأنه أن يهدد بشكل كبير حركة سفن سلاح البحرية الإسرائيلي والأسطول السادس الأميركي والسفن المدنية في البحر المتوسط بالإضافة إلى تهديد حقول الغاز الطبيعي التابعة لإسرائيل في البحر.
وفي سياق الحرب النفسية التي يخوضها حزب الله ضد إسرائيل لرفع معنويات الأنصار والدعاية بأنه يمتلك القوة الرادعة في اي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل جاء تصريح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير بأن صواريخ حزب الله قادرة على ضرب مفاعل ديمونا النووي وخزانات الأمونيا التي نقلتها إسرائيل في الفترة الماضية من حيفا.
إقرأ أيضًا: ترامب يلوح بنشر الفوضى في العالم
إلا أن تلك التصريحات - وكما يقول محللون - أتت بمفعول عكسي حيث صعدت من مخاوف دول الغرب تجاه حزب الله ومنحت إسرائيل ورقة جديدة لتبرير أي حرب على لبنان.
وكما هو معلوم فإن إدارة الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب تضع في مقدمة أولوياتها إستهداف إيران التي وصفها الأخير بالراعية الأولى للإرهاب.
وليس مستبعدًا أن تكون طهران خلف تهديد نصرالله لإسرائيل.
وهذا الوضع المتصاعد يثير المخاوف لدى اللبنانيين من أقدام إسرائيل على شن حرب على لبنان لن تكون كسابقاتها من الحروب في ظل إدارة أميركية معروفة بصلاتها الوثيقة بإسرائيل.