تتعزز الاجراءات الوقائية الأمنية والعسكرية في الجنوب اللبناني، وتحديداً في محيط منطقة العرقوب وتتوسع باتجاه راشيا والبقاع، تحسباً لأي عمل أمني محتمل. وذلك بعد القاء الجيش القبض على عدد من الأشخاص، في تلك المنطقة، وهم على علاقة وتواصل مع مجموعات مسلحة داخل سوريا. وعلمت "المدن" أن الجيش اللبناني يجري عملية مسح شامل للاجئين في تلك المنطقة، لتعقبهم أمنياً وابقائهم تحت المراقبة، تحسباً لحصول أي طارئ.
هذه الاجراءات تتزامن مع إعادة اشتعال الوضع في الجنوب السوري، إثر اندلاع اشتباكات ومعارك بين المعارضة من جهة وحزب الله والجيش السوري من جهة أخرى. لطالما كانت الأجهزة الأمنية اللبنانية تنظر إلى منطقة بيت جن ومحيطها، بأنها تشكل عنصر تهديد للمنطقة الجنوبية. وهذا الحذر يرتفع مع كل معركة تفتح في المقلب السوري من جبل الشيخ. ومما لا شك فيه أن هذه المنطقة، تحظى باهتمام دولي، نظراً إلى استراتيجيتها، ووقوعها جغرافياً على مثلّث ذي أهمية بين لبنان، سوريا وفلسطين المحتلة.
وتشير مصادر متابعة إلى أن اللقاء الذي عقد قبل فترة بين الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس الأميركي دونالد ترامب، جرى خلاله التداول في كيفية إنشاء منطقة آمنة في سوريا، إنطلاقاً من الأردن. وتفيد المعطيات بأن هذه المنطقة ستشمل القنيطرة، الجولان، درعا والسويداء. وبذلك، يكون قد تم قطع الطريق على أي تقدم عسكري إيراني في تلك المنطقة، واستطاع ترامب سحب هذا العنصر التهديدي الإيراني ضد إسرائيل، ولاسيما أن هذا ما بحثه ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي سيبحثه بدوره مع المسؤولين الروس خلال زيارته موسكو.
لكن، من الآن حتى يحصل ذلك، ستستمر الاجراءات الأمنية في الجانب اللبناني بالتشدد، تحسباً لأي انعكاس قد يحصل على المناطق اللبنانية الحدودية. وتعتبر مصادر سياسية أن إقفال جبهة الجنوب السوري بوجه إيران، لا يعني إقفال الجبهة الجنوبية مع لبنان. وهذا ما قد يترك هامشاً واسعاً لإيران وحزب الله لإيصال الرسائل إلى إسرائيل وعبرها إلى المجتمع الدولي، في ظل أي تشدد أو تصعيد قد يواجهانه.
في الحديث عن المناطق الآمنة، تلتف المصادر استناداً إلى معطيات متداولة إلى أنه سيتم انشاء ثلاث مناطق آمنة إلى جانب منطقة الجنوب. الأولى ستكون في الشمال السوري، وتحديداً ضمن نطاق عمليات درع الفرات، وستكون خاضعة للنفوذ التركي، بناء على التنسيق الروسي- التركي. والثانية في المنطقة الشرقية، تحديداً شرق الفرات، حيث ستكون خاضعة للتنسيق بين الروس والأميركيين والأكراد. فيما لم تحسم بعد المنطقة الثالثة، لكنها ستكون في المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية، وتشمل مناطق في محيط العاصمة دمشق ربطاً بالقلمون.
وفي هذا السياق تدرج مصادر متابعة المفاوضات الجارية بين حزب الله وفصائل سورية معارضة للوصول إلى إتفاق لعودة اللاجئين إلى بعض القرى في القلمون، خصوصاً أن هذه المنطقة الواقعة في الغرب خاضعة لنفوذ إيراني، وبالتالي فإن إيران وحزب الله يريدان ترتيب أوضاعهما فيها للحفاظ على نفوذهما. وهذا لن يحصل من دون حصول توافق أو تفاهم، أو التوصل إلى إطار تنسيقي بينهما وبين المعارضين والمدنيين، كي لا يبقى التوتر والاشتباكات طاغيين فيها.
وتعتبر مصادر متابعة أنه في حال نجاح تنفيذ هذه المناطق الآمنة، فإن ذلك سينعكس سلباً على إيران ونفوذها في سوريا. بالتالي، سيرتد سلباً على حزب الله، الذي سيتعرض لمزيد من الضغوط، سواء من الداخل السوري، أو من الولايات المتحدة، أو من إسرائيل. لذلك، فإن المرحلة الحالية، تقتضي إنجاز أكبر قدر من التفاهمات لتثبيت النفوذ. عليه، فإن الأيام المقبلة، ستحمل مزيداً من المتغيرات وربما المفاجآت.