توزّعت اهتمامات القوى السياسية في عطلة نهاية الأسبوع بين التهديدات الاسرائيلية للبنان وردّات الفعل اللبنانية الرسمية والسياسية عليها، وفي مقدّمها رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبين التطورات على جبهة قانون الانتخاب الموعود في ضوء توقيع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وإيداعه الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء رامياً بذلك الكرة في ملعب السلطة التنفيذية. ومن المنتظر أن يحفل هذا الاسبوع بملاحقات لهاتين القضيتين، على رغم استمرار مجلس الوزراء في مناقشة الموازنة العامة للدولة. وقد خرق التطورات الجارية محلياً وأقليمياً ودولياً إتصال هاتفي جرى بين رئيس الحكومة سعد الحريري وولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وافادت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) أنه «تم خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، ومستجدات الأوضاع في المنطقة».
علمت «الجمهورية» انّ المشروع الجديد الذي يطرحه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، مُتجاوزاً المشروعين المطروحين على الطاولة: مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ومشروع التأهيل على أساس القضاء والانتخاب على أساس لبنان 14 دائرة، يقسّم محافظات جبل لبنان والجنوب والبقاع والشمال الى 3 دوائر، وبيروت الى دائرتين، مُعدّلاً بذلك تقسيمة مشروع ميقاتي القائلة بـ 13 دائرة، بحيث انه جعل من محافظة الجنوب 3 دوائر، هي: صيدا جزين دائرة أولى، وقرى صيدا الزهراني وصور دائرة ثانية، وبنت جبيل ومرجعيون حاصبيا دائرة ثالثة، بحيث انه لبّى مطلب تيار«المستقبل» بأن تكون صيدا مع جزين دائرة، في حين انّ صيدا في مشروع ميقاتي مضمومة الى قرى صيدا (الزهراني) وصور وجزين في دائرة واحدة.

وفي المعلومات انّ هذه الصيغة غير مقبولة حتى الآن، وانّ رافضيها يصرّون على الاختيار بين مشروع حكومة ميقاتي أو مشروع التأهيل على أساس الأكثري في القضاء والانتخاب النسبي في المحافظات الخمس التاريخية، علماً انّ لدى «المستقبل» تعديلات يطرحها على مشروع ميقاتي، وهي أن تكون بيروت دائرة واحدة، وأن تكون صيدا وجزين دائرة ثالثة في الجنوب، وأن تضمّ منطقة المنية ـ الضنية الى طرابلس الدائرة الثالثة في الشمال. ويرفض «المستقبل» مشروع باسيل لهذه الجهة لأنه يُلحق المنية والضنية بزغرتا وبشري والكورة والبترون.

وقالت مصادر معنية بالشأن الانتخابي لـ«الجمهورية» إنه «لن يكون هناك انتخابات ما لم يقرّ قانون انتخاب جديد، وانّ من يدفع لفَرض قانون الستين أمراً واقعاً لإجراء الانتخابات على أساسه كونه القانون النافذ، سيصطدم برفض قوى سياسية كبرى المشاركة في الانتخابات، فضلاً عن موقف رئيس الجمهورية الذي يفضّل الفراغ على اعتماد «الستين» مجدداً».

«التيار»

وكان باسيل، وعشيّة اجتماع المجلس السياسي لـ«التيار الوطني الحر»، اعتبر «أنّ لبنان لا يتحمّل الإقصاء والإلغاء، وصار الجميع يُسلّم بدخول النسبية في قانون الانتخاب، لكنّ التطبيق يحتاج الى جرأة، وإلّا لبنان الى الهاوية». ولفت الى «اننا على مسافة يومين من تاريخ دعوة الهيئات الناخبة، أي اننا وصلنا الى الخط الاحمر، والبعض يحسبونها الى آذار أو نيسان لكنّ النتيجة نفسها».

واعتبر باسيل أنّ «الانتخابات عملية حسابية بمفهوم وطني ميثاقي وسياسي»، داعياً إلى «التوقّف عن ظلم بعضنا لِبعض»، مؤكداً ان «لا فراغ، والبديل الوحيد هو إقرار قانون انتخاب جديد يصحّح التمثيل». وإذ أشار إلى أنّ «البعض يريد جعلنا نخسر وقتاً مثلما خسرنا سنتين ونصف قبل انتخاب الرئيس»، قال «إنّ «التيار» سيخسر في النسبية 10 مقاعد ولكنه يقبل بهذا القانون، فيما الفريق الآخر يرفض خسارة مقعد واحد من حصته».

لوبن

وفيما يستمر الجدل حول قانون الانتخاب، ستسرق زيارة المرشحة الرئاسية الفرنسية رئيسة «الجبهة الوطنية» مارين لوبن الى لبنان الأضواء لبعض الوقت، حيث ستلتقي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري، وباسيل، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وعدداً من رؤساء الاحزاب والشخصيات السياسية.

وتأتي زيارة لوبن التي باشرتها أمس من جبيل، في وقت «يَتصاعَد» اليمين المتطرّف في فرنسا بعد العمليات الإرهابية التي ضربت الجسم الفرنسي.

وقالت أوساط سياسيّة لـ«الجمهوريّة» إنّ «ما يميّز زيارة لوبن هي أنها تأتي ضمن سلسلة زيارات المرشحين الفرنسيين الى لبنان، ما يدلّ على انّ لبنان ما زال في الوجدان الفرنسي، وأنّ العلاقات الفرنسيّة - اللبنانيّة لا تتأثّر بهويّة سيّد الإليزيه، إن كان يسارياً مثل فرنسوا هولاند او يمينياً مثل الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، أو حتّى يمينياً متطرّفاً مثل لوبن».

وأوضحت أنّ «أحد أهداف الزيارة هو تأمين تأييد أصوات الفرنسيين من أصل لبناني، حيث انّ حجم هذه الكتلة مؤثّر خصوصاً أنّ نسبة فوز المرشحين تصِل الى نقطة، أي انّ أيّ صَوت مهمّ في تلك المعركة». وشدّدت على أنّ «ما يطمئن في زيارة لوبن هو أوّلاً جولتها على المسؤولين اللبنانيين جميعاً، ما يدلّ على عقلية الفرنسيين الذين يدعمون الدولة اللبنانية. أمّا الأمر الثاني المهم فهو شمول زيارتها مرجعيات دينيّة إسلاميّة مثل المفتي دريان، وهذا يعني أنّ أيّ مرشّح فرنسي يعلم التركيبة اللبنانية وحساسيتها».

بكركي

ولا يمكن فصل العلاقات الفرنسية ـ اللبنانية عن العلاقات التاريخية مع الموارنة، حيث ستزور لوبن بكركي قبل ظهر غد. وفي السياق، قالت مصادر بكركي لـ«الجمهوريّة» إنّ «مَجيء لوبن والمرشحين الفرنسين الى لبنان مهمّ جدّاً، وهو يندرج في إطار العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا عموماً، وبين الموارنة والفرنسيين خصوصاً».

وشدّدت على أنّ «زيارة المرشحين الفرنسيين تأتي أيضاً ضمن سياق دور لبنان في المنطقة وأهميته». وأشارت الى أنّ «الراعي سيَطّلع من لوبن على مجريات المعركة الرئاسيّة الفرنسيّة، كذلك سيتمّ البحث في قضية مسيحيّي الشرق وما عانوه من تهجير إضافة الى أزمة المنطقة وحروبها والأوضاع الداخلية والعلاقات اللبنانية - الفرنسيّة».

الراعي

وكان الراعي قد أكد أمس أنه «من طليعة الأمور الملحّة سَنّ قانون جديد للانتخابات ينادي ويُطالب به الجميع». وطالبَ بقانون «يراعي حسن التمثيل، ويضمن القيمة لصوت المواطن، ويُفسح في المجال أمام جميع مكوّنات الوطن إمكانية المشاركة في إدارة الشأن العام والحياة السياسية، بعيداً من أيّ إقصاء أو احتكار في التمثيل في المجلس النيابي، حِماية لِتداول السلطة، وتجديداً للنخب السياسية، وتعزيزاً للتنوّع والتكامل. فهذه هي ميزة لبنان الديموقراطي التعددي، المنافية للأحادية والإقصاء».

«السلسلة» الى الواجهة

وتزامناً مع جلسات مجلس الوزراء الثلاثية المقررة للموازنة العامة هذا الأسبوع، تعود الملفات الإجتماعية الى واجهة الأحداث، ومنها الحراك الذي تقوده هيئة التنسيق النقابية للتحذير من مغبّة تجاهل موضوع سلسلة الرتب والرواتب التي دعا البعض الى فصلها عن مشروع الموازنة تمهيداً للبحث عن مواردها.

وفي هذه الأجواء تعقد الهيئة اجتماعا طارئاً الخامسة والنصف بعد ظهر اليوم دعت إليه نقابة المعلمين في محلّة العدلية، للاعلان عن الخطة التصعيدية لتحركها بما فيها الاضراب وإقفال المدارس، وذلك ردّاً على بعض الاصوات في مجلس الوزراء التي تنادي بترحيل سلسلة الرتب والرواتب وفصلها عن موازنة 2017