عندما خاض المعركة الانتخابية الرئاسية لم يكن لديه أي استعداد لقبول هذا المنصب بل لم تكن لديه فكرة عن إدارة البيت الأبيض ولا الولايات التي تشكل بحد ذاتها أمما متحدة تحت سيادة الحكم الواحد، ولهذا رأيناه في جميع المشاهد الانتخابية مرتاحاً متماسك الأعصاب ومسيطراً على اللعبة حيث كان يشعر بأنه ليس لديه شيئ يخسره خلال الانتخابات، بل إن الهزيمة في الانتخابات كانت انتصاراً إعلامياً لعمله الاقتصادي والتجاري، ليتحول من رجل أعمال إلى منافس رئيس للرئيس الأمريكي أو بالأحرى الرئيسة الأمريكية المتوقعة. ولكن ترامب هزم نفسه بالفوز في الانتخابات عبر أدائه الرائع في الحملة الانتخابية.
وهكذا انتصر رجل أعمال ترامب وسط جميع التوقعات والتكهنات التي اعتبرت أنه خاسر قطعاً.
ويبدو أن الروس كانوا يعرفون هذا الرجل جيداً ولهذا راهنوا عليه وساعدوه وبل تمكنوا من مصادرته وتحويله إلى مصدر لتهديد الولايات المتحدة من الداخل. كما أن إيران اعتبرت أنه يختلف عن جميع المرشحين حيث أنه يعترف بفضائح السلطة الأميركية والفساد المستشري فيها.
اقرأ أيضا : الجديد في مسيرات ذكرى انتصار الثورة الإيرانية
وبينما يصرخ ترامب منذ بدء حملته الانتخابية بأن إيران وداعش يمثلان مصدر تهديد للولايات المتحدة وحلفائها يبدو أنه هو أكبر تهديد للسيادة الوطنية الأمريكية فعلاً، حيث أن العقلاء الأمريكيين منذ توليه السلطة، منشغلون بترشيده السياسي والديبلوماسي وترميم ثغراته وتعليمه ما لم يتعلم حتى الآن من الأدب السياسي. فالرجل الذي جاء إلى السلطة وهو سكران، واجه معارضة شرسة وطنية على قراراته قبل أن يُظهر الآخرون ومنهم الأوربيون استياءهم من تلك القرارات المستفزة، وسجل ترامب في هذه الفترة القصيرة من ولايته أرقاما قياسية بتوقيعاته المستعجلة وتصريحاته غير الدقيقة وأحيانا كاذبة وتفكك طاقمه الإداري. فالرجل الأشرس الذي كان يُتوقع منه الكثير في عهد الرئيس ترامب استقال من منصبه كمستشاره للأمن القومي والمرشح التالي تملص من أن يخلفه في هذا المنصب مما جعل جان مكين مصظرا للقول بأن هناك توتر في إدارة ترامب.
استقال الجنرال مك فلين من المنصب الأبرز السياسي فريق الرئيس الأمريكي قبل أن يُنفّذ أحلامه في تخويف الآخرين من المسلمين و القضاء على الخطر الإسلامي المزعوم وقبل تنفيذ خطته لإسقاط النظام الإيراني الذي كان يعتبره عدواً من العيار الثقيل للولايات المتحدة. كما أن الجنرال هارفارد الذي رشحه ترامب لمنصب مستشار الرئيس للأمن القومي رفض طلب ترامب مما يعني بأن الأخير في موقع لا يرغب الكثيرون في العمل معه وسوف تشهد البيت الأبيض المزيد من التوترات والاضطرابات حتى يتعب ترامب ويستقيل من هذا المنصب الذي يثقل على كاهله أو يقال. المهم هو أن ترامب حتى الآن صرف الأنظار عن الخطر الإيراني وحتى الخطر الداعشي ليتحول هو إلى مصدر تهديد للأمن القومي الأمريكي والسمعة الأمريكية والدليل على ذلك هو أن منتقديه من محازبيه الجمهوريين ليسوا أقل وأرحم من المنافسين الديمقراطيين. خلاصة القول إن الأفق المنظور للرئيس ترامب أفق غائم إن لم نقل بأن أسوأ، إن من المستبعد أن يُنهي هذا الشخص ولايته الأولى ناهيك عن الثانية.ولله الأمر من قبل ومن بعد.