تناولت صحف أمريكية وبريطانية الأنباء التي أثيرت حول مساع أمريكية لإنشاء حلف عربي- إسرائيلي ضد نفوذ إيران في المنطقة، يهدف لبناء تعاون استخباري بين العرب و"إسرائيل".
فمن جهتها، أكدت صحيفة "التايمز" البريطانية في تقرير حول السياسية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، هذه الأنباء، قائلة إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشجع دولا عربية للدخول في تحالف مع إسرائيل لمواجهة النفوذ الإيراني".
وبحسب مراسل الصحيفة في تل أبيب، فإن الإدارة الأمريكية ترى أن الأردن ومصر اللتين تقيمان علاقات مع إسرائيل، يمكنهما الانضمام إلى محور واحد مع إسرائيل، مشيرا إلى أنه من الممكن أن تكون السعودية ضمن هذا الحلف.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأمر قد يشمل الإمارات أيضا "التي أقامت في السنوات الأخيرة علاقات مع إسرائيل بشكل سري"، بحسب مراسل "التايمز".
من جانبه، لم يستبعد المحلل السياسي المتخصص في العلاقات الدولية، أحمد أبو علي، قيام هذا الحلف، مشيرا إلى أن مسألة التقارب العربي الإسرائيلي موجود بالأصل.
وتناول في حديثه لـ"عربي21" أربعة أمور تدفع باتجاه نشوء حلف كهذا برعاية أمريكية:
- التقارب المصري الأردني مع إسرائيل.
- التخوف الخليجي لا سيما السعودية من النفوذ الإيراني.
- التصعيد بين الإدارة الأمريكية الجديدة وإيران.
- عودة العلاقات التركية الإسرائيلية.
وأوضح أبو علي أن إدارة ترامب الجديدة أخذت منحى جديدا متطرفا تجاه طهران، فهي ترى أن إيران أكثر الدول الراعية للإرهاب في العالم.
وذهب إلى أن هذا التقارب بين الدول العربية وإسرائيل غير مستبعد، إذا كانت برعاية أمريكية.
ولكنه لفت إلى أن مسألة جلوس السعودية وإسرائيل على طاولة واحدة أمر مستبعد في العلن، ولكنه وارد الحدوث على مستوى أجهزة الاستخبارات، من خلال تنسيق غير واضح أمام العامة.
معوق نشوء الحلف
ورأى أبو علي أن هناك معوقا لنشوء هذا الحلف، يتلخص بأن إسرائيل والولايات المتحدة اتفقتا على أنه لا حل لدولة فلسطينية في المنطقة، فهل ستقبل الدول العربية بهذا الطرح؟
وأشار إلى أن السعودية ليس لديها مشكلة في تسوية القضية الفلسطينية بناء على المبادرة العربية للسلام في عام 2002، التي لا ترعى إنشاء دولتين والتعايش السلمي.
وأوضح أنه بالنسبة للدول العربية، فإن لديها مبدأ سياسيا يقول إنه لا مشكلة مع إسرائيل إذا ما تم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية.
وكانت "ديلي تلغراف" البريطانية نشرت تقريرا بعنوان"سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة يضع حل الدولة الواحدة في الظل"، وذلك في إشارة إلى تصريحات ترامب التي قال فيها إن سياسته تجاه الصراع في الشرق الأوسط قد تتجاوز حل الدولتين، وأن إدارته تنظر في إمكانيات أخرى من بينها حل الدولة الواحدة.
لكن الصحيفة قالت في تقريرها الذي اطلعت عليه "عربي21"، إنه قبل مرور 24 ساعة عن تصريحات ترامب، خلال قمة في واشنطن جمعته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جاءت تصريحات أخرى مناقضة لها تماما من سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هالي، التي قالت: "إن الولايات المتحدة قطعا تدعم حل الدولتين".
وتأتي هذه التناقضات في التصريحات، في وقت يحاول فيه ترامب التخفيف من حدة مواقفه، من خلال اختياره ديفيد فريدمان لمنصب السفير الأمريكي في تل أبيب.
لكن "ديلي تلغراف" أشارت إلى أن ترشيح فريدمان كان محل انتقادات حادة من قبل الديمقراطيين، بسبب موقفه الداعم للاستيطان، واتهامه للرئيس السابق باراك أوباما بمعادة السامية.
إلا أن أبو علي رأى في حديثه لـ"عربي21" أن المخاوف الخليجية من النفوذ الإيراني في المنطقة، قد يكون دافعا نحو وجود حلف كهذا على الرغم من التوافق الإسرائيلي الأمريكي على عدم قيام دولة فلسطينية، إلا أن التقارب لن يكون علنيا على الأقل.
ولفت إلى أن السعودية وإسرائيل لم يسبق أن جمعتهما طاولة واحدة بشكل مكشوف أمام الملأ، إذ يعد هذا أمرا غير مسبوق.
وحول دور تركي في نشوء حلف كهذا، قال أبو علي إنه يمكن لتركيا أن تؤدي دورا في هذا التقارب، بحكم أن هناك تقاربا تركيا أمريكيا الآن مع وصول ترامب للرئاسة، إلى جانب أن العلاقات التركية الإسرائيلية عادت إلى ما كانت عليه سابقا.
وأضاف أن تركيا ما زالت تستشعر الخطر الإيراني في العراق وسوريا، لا سيما أن القصية السورية لم تحل بعد، بالإضافة إلى مسألة تنظيم الدولة في الموصل، فتركيا تتساءل ما الذي سيحدث بعد طرد التنظيم من المدينة؟
وأشار إلى أن العامل المشترك الذي يجمع بين هذه الأطراف جميعها، هو أن هناك تخوفا تركيا سعوديا تركيا إسرائيليا من إيران.
وبخصوص توجهات إدارة ترامب في الشرق الأوسط بما يتصل وإيران، قال خبير العلاقات الدولية إنه من الملاحظ في الأيام السابقة التصعيد في التصريحات بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين، ولكنه ذهب إلى أن هذا التصعيد أمر غير جدي.
وقال بشأن التصرحات الأمريكية بأن كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع إيران، وتهديد الإدارات الأمريكية خلال 20 عاما الماضية بطرح الحل العسكري ضد إيران، أمر مستبعد الحدوث، موضحا أن هناك تنسيقا أمريكيا إيرانيا واضحا في المنطقة، فيما يخص اليمن، والملف السوري والعراقي.
وأضاف أن هناك شراكة في العراق بين أمريكا وإيران، وهذا الأمر واضح، على صعيد التنسيق بين طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والمليشيات المدعومة من إيران على الأرض.
وختم بالقول إنه لا يرى أن مستقبل العلاقة بين الطرفين ستتجه إلى تصعيد عسكري بين الجانبين.
صلاح الدين محمد