أثار بيان الخارجية الأميركية التحذيري لرعاياها في لبنان، الكثير من التساؤلات، خاصة وأن هذا البلد وبشهادة المجتمع الدولي ينعم بحالة من الاستقرار، بفضل الجو السياسي التوافقي المسجل حاليا، ويقظة الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وحذرت وزارة الخارجية الأميركية، مؤخرا، رعاياها من السفر إلى لبنان، على خلفية ما اعتبرتها تهديدات إرهابية، وتفشي العنف وعمليات الخطف. ودعتهم إلى تجنّب وادي البقاع شرقي لبنان، بسبب “الاشتباكات التي تحصل في هذه المنطقة من قبل بعض العناصر الإجرامية، حيث هناك وجود قوي لحزب الله”.
وطالبت رعاياها بالابتعاد عن المناطق الحدودية مع سوريا، بالإضافة إلى مناطق في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، وأيضا تجنب السفر إلى مخيمات اللاجئين.
ودعت العاملين والمتواجدين في لبنان إلى رصد التطورات السياسية والأمنية في كل من لبنان وسوريا، وأن يكونوا على بينة من المخاطر الموجودة وأن يبقوا بعيدين عنها.
وقالت الخارجية إن الحكومة اللبنانية غير قادرة على ضمان حمايتهم تجاه بعض أحداث العنف التي يمكن أن تحدث في أي وقت في لبنان، على خلفيات قد تكون عائلية، أو طائفية، والتي قد تتصاعد بسرعة وتؤدي إلى إطلاق نار أو عنف دون سابق إنذار.
واستشعر اللبنانيون من البيان وكأن خطرا داهما على لبنان، الأمر الذي بدا واضحا على مواقع التواصل الاجتماعي.
واستغرب البعض إطلاق مثل هذه التحذيرات، خاصة وأن دولا عديدة تواجه عمليات إرهابية شبه يومية ولكن لم يتم توجيه أي حظر للسفر تجاهها أو على الأقل لم يكن بنفس هذه النبرة القوية.
واعتبر محللون أن البيان لا يمكن قراءته بمعزل عن التطورات الإقليمية والدولية خاصة بعد صعود دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، والاشتباك المتصاعد بينه وبين إيران والذي من الممكن أن يأخذ منحى خطيرا.
ومعلوم أن لإيران نفوذا كبيرا على لبنان، من خلال حزب الله الذي نجح في احتواء هذا البلد، وجعله تقريبا يدور في فلك طهران. ولا يقتصر نفوذ حزب الله فقط على لبنان، حيث أن له وجودا قويا في سوريا، كما أنه متورط في اليمن والعراق وحتى البحرين.
ولعل الأهم من كل ذلك بالنسبة إلى الإدارة الأميركية أنه يشكل تهديدا لحليفتها الاستراتيجية إسرائيل، خاصة بعد أن بات يملك مقومات القوة من أسلحة وتدريب على حرب طويلة الأمد اكتسبها على الساحة السورية.
ومن هنا يتوقع أن يكون حزب الله على رأس أهداف إدارة ترامب، وهذا ما بدا واضحا في خطاب الأمين العام للحزب حسن نصرالله الذي توقع حربا قريبة ضده، ملوحا بأنه في حال تم استهدافه فإنه سيرد بقصف مفاعل ديمونا النووي وخزانات الأمونيا في إسرائيل.
وهدد، الجمعة، وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بأنه “إذا أقدمت منظمة حزب الله على قصف العمق الإسرائيلي، فان إسرائيل سترد بضرب كافة الأهداف المتاحة في لبنان”.
وأكد الوزير كاتس أن نصرالله يخدم بصورة مطلقة المصالح الإيرانية وأنه يستعد للتضحية بالدولة اللبنانية من أجل خدمة هذه المصالح. وأضاف “يجب فرض عقوبات على هذه المنظمة الإرهابية تؤدي إلى شل نشاطاتها، ويجب ممارسة الضغوط على إيران لتكف عن تمويل وتصليح هذه المنظمة”.