التهديدات الاخيرة للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله هي صدى للغة النارية السائدة اليوم في إيران الحرس الثوري. ومن يتابع سيل المواقف الايرانية المتشددة يجد ان نصرالله لم يأتِ بأي جديد لانه يكرر تقريبا ما يقال في طهران ضد واشنطن وتل أبيب وعدد من دول الخليج العربي وفي مقدمها السعودية. مع استثناء وحيد جاء على لسان نصرالله يدعو فيه إسرائيل الى"تفكيك مفاعل ديمونا النووي"، مخاطبا تل أبيب بالقول: "ستفاجأون بما نخفيه".
لا يمكن المرء في الوقت نفسه أن يتجاهل المواقف المتشددة التي نسمعها أيضا في واشنطن وتل أبيب على السواء. وخلال الزيارة الاخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة لم يغب هجومه على طهران لحظة، متناولا في احدى المرات "حزب الله". وهذا يعني في الخلاصة أن إسرائيل تتطلع الى لبنان مقرا للنفوذ الايراني، فيما يؤكد نصرالله في خطابه الاخير أن لبنان هو امتداد لنفوذ الحرس الثوري الايراني.
هل يفيد لبنان أن يهاجم نصرالله عددا من دول الخليج العربي وفي مقدمها السعودية التي بدأت مسارا جديدا في العلاقات الثنائية تمثّل بإعادة تسيير رحلات الطيران السعودي الى لبنان، ووعدت بتعيين سفير جديد للمملكة بما يمهد لسلسلة خطوات تعيد تحريك عجلة النشاط الاقتصادي السعودي في لبنان؟ بالطبع سيكون الجواب بالنفي. لكن ما نشره موقع "العهد" الالكتروني التابع لـ"حزب الله" وتولت نشره أيضا وكالة أنباء "فارس" الايرانية الرسمية، يقدم رؤية مختلفة لعلاقات لبنان مع المملكة. فتحت عنوان "ماذا بعد "تطبيع" السعودية علاقاتها مع لبنان؟" تقول "العهد" نقلا عن مصادر مواكبة: "ماذا يمكن أن تفعله السعودية في لبنان إذا صحّت رهاناتها على ترامب في مواجهة إيران؟". وتخلص الى القول "إن السعودية ترى عودتها الى لبنان ضرورية لضمان عدم إخلاء أي ساحة لإيران".
في الساعات الماضية، الممثلة الخاصة للامين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ تبلّغت من الخارجية اللبنانية "احترام لبنان الكامل للشرعية الدولية وفق ما ورد في البيان الوزاري، وتمسكه بالتطبيق الكامل للقرار 1701 من دون انتقائية أو تمييز". وهذا القرار مع غيره من القرارات ذات الصلة تدعو بوضوح الى "حل كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع أسلحتها".
وكالة "مهر" الايرانية الرسمية تولت أمس تغطية ردود فعل إسرائيل على مواقف نصرالله الاخيرة. فأوردت قول وزير الامن الاسرائيلي جلعاد إردن "إن لبنان سيدفع ثمنا باهظا... ولدى الجيش الاسرائيلي مجال عمل واسع على الحدود الشمالية". كما أوردت قول وزير النقل والإستخبارات يسرائيل كاتس "إن لبنان كله سيتعرّض للقصف في حال تجرأ نصرالله على إطلاق صواريخ على الجبهة الداخلية الاسرائيلية أو على بنى تحتية قومية".
لبنان في الساعات الماضية بدا وكأنه ملعب رماية بين تل أبيب وطهران. أما نصرالله فكان كمن يخاطب نفسه.