في آخر إطلالة تلفزيونية لرجل الدين المعمَّم، ختم برنامجه بالقول: “أين الدولة، أين الدولة ؟”، حتى استجابت الدولة اللبنانية لمطلبه، وتكشف أن من كان يعرّف عن نفسه بأنه متخصّص في الفلسفة والقرآنيات و”طارِد للجنّ والشياطين” تحوّل إلى شيطان فعلاً!
في الساعات الماضية عاش اللبنانيون، وتحديداً أهالي القرية الوادعة… حومين التحتا – قضاء النبطية، قلقاً لم يعرفه تاريخ قريتهم، حتى في أحرج الأوقات وأقساها عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية إبان احتلالها لجنوب لبنان وقتلت 22 شيخاً وامرأة وطفلاً.
عاشوا على جريمة صادِمة ارتكبها المعمم بحق طفله وطفلته اللذين تعرّضا لشتّى أنواع التعذيب على يده مع احتجازهما لأيام في حمّام داخل طابق مهجور من المنزل العائلي، وذلك بـ”شراكةٍ” مع زوجته (ليست أم الطفلين) وعمّتها، لتكتمل فصول الحكاية “المرعبة”، مع الكشف عن ان الطفلة تعرّضت للاعتداء الجنسي من قبل أختها غير الشقيقة ومن عمّة زوجة والدها.
وقائع هذه المأساة التي هزت لبنان وصُعق لتفاصيلها، اعترف بها أمام المحقّقين رجل الدين المعمّم الشيخ هيثم عيسى وزوجته (سكينة ح. ن) وعمتها (سامية ا. ن)، كما ابنته من زواج سابق حوراء (16 عاماً)، الذين تم توقيفهم تباعاً ابتداءً من السبت الماضي (الابنة وعمّة الزوجة قُبص عليهما بعد هيثم وسكينة)، فيما سُلِّمت الطفلة (ز.عيسى – 10 سنوات) والطفل (ح. عيسى – 9 سنوات) الى والدتهما “إخلاص” التي كانت في أساس كشْف ما يتعرّضان له اذ تقدّمت بشكوى قضائية ضدّ طليقها وزوجته “بجرم تعنيف قاصرين وشتم وتشهير”، علماً انه كان حرمها رؤيتهما منذ نحو شهر بعدما استرجعهما منها بسبب زواجها.
وفي حين نُقل عن مصادر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى انه أحيط علماً مسبقاً بنية توقيف عيسى قبل دهْم منزله، اذ طلبت منه مراجع أمنية رفْع اي حصانة أو غطاء يتمتّع بهما رجل الدين المعمّم فتمّ التجاوب مع الطلب، قال أحد فعاليات حومين ان عيسى “بنى منزله بعيداً قليلاً عن الضيعة ولا أحد من كل أهالي حومين يتعاطى معه وهو يمثّل حالة شاذة ومشعوذ، وسمعنا ان لديه تعدُّد زوجات وربما كان تزوّج 10 او 12”.
علماً ان تقارير أفادت ان عيسى كان طلّق زوجاته تباعاً بعد تعذيبهنّ وأبقى على سكينة، وأنه سبق ان أطلق النار على أحد أبنائه الذي هرب الى بيروت.
وقال أحد أبناء حومين “ان هيثم سبق له أن تزوج من خليجية وأتى بها إلى قريته، لكنها لم تحتمل العيش معه، نتيجة تصرفاته، فألقى بها وبفراشها في الشارع، وهذا ما عرفناه منها، بعدما أبصرنا امرأة لا حول لها ولا قوة متروكة في العراء، حتى أتى والدها من دولته ودفع لهيثم 40 ألف دولار حتى يطلقها”.
إقرأ أيضًا: بالصورة - من هو رجل الدين الذي قام بتعذيب أطفاله؟
وقال آخر “ان من المستغرب ان تشارك الابنة حوراء والدها وزوجته وعمة الزوجة في ارتكاب الجرم تجاه الطفلين، خصوصاً أنها كانت تروي أمام رفاقها تعرضها للضرب مراراً، وكم تمنت ألا يكون هو والدها”.
أحد وجهاء القرية التي نامت على ألم، إن كانت نامت، قال “إن حومين التي أنجبت كبار العلماء ورجال الدين المعروفين، وكبار الشعراء أمثال الراحل السيد محمد مصطفى، والحاج علي البعلبكي، والسيد أحمد عيسى، ودياب نجم، وغيرهم وغيرهم، علاوة على إنجابها من تألق في الطب والهندسة ومن حصل على رتب عليا في الجيش، إضافة إلى الذين تفوقوا في بلاد الاغتراب، غريب عليها ما أقدم عليه من تصرف تجاه فلذتي كبده، والأنكى أنه رجل دين، وعمله مستنكر من الصغير قبل الكبير”.
وحمَل دهم منزل عيسى بناء لاعترافاته بعد توقيفه مفاجآت مروعة، اذ حرّرتْ القوى الأمنية الطفل الذي كان محتجزاً منذ 8 أيام في الحمام في طابق مهجور، وكان خلالها يجلس على غطاء، وحين عُثر على الطفل كان لا يقوى على الوقوف لشدّة الضرب الذي تعرّض له على يد والده وزوجته، وبدا جسده مليئاً بالكدمات ولاسيما منطقة البطن التي تعرّضت للركل الوحشي. علماً ان هذا هو الحمّام نفسه الذي سُجنت فيه ابنة العشرة أعوام لثلاثة أيام.
وبعرض الطفلين على طبيب شرعي تبيّن انهما تعرّضا لشتى أنواع التعذيب والتعنيف والحروق بواسطة سيخ شك محمى على النار وحلْق شعر رأسيهما على الصفر، قبل ان يتّضح ان سامية أ.ن قامت بفض بكارة الطفلة بواسطة آلة صلبة مع ممارسة أبشع أنواع التعذيب بمساعدة الأخت غير الشقيقة حوراء. كما عُلم ان المنزل الذي كان الشيخ عيسى يستقبل فيه زبائنه لطرد الجنّ والشياطين شهد مرات عدة إجبار الطفلين على خلع ملابسهما ليتمّ بعدها تكبيلهما ورمي المياه الباردة عليهما مع احتجازهما في العراء على السطح.
وجاء في البيان الذي صدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة، انه “بتاريخ 2 /2 /2017، وردت شكوى من النيابة العامة الاستئنافية الى مفرزة النبطية القضائية في وحدة الشرطة القضائية، حول ادعاء المواطنة (أ. ص ) ضد طليقها (هـ. ع مواليد العام 1978، لبناني) وزوجته (س. ح. ن مواليد العام 1992، لبنانية) بجرم تعنيف قاصرين وشتم وتشهير.
إقرأ أيضًا: رجل دين يعنف طفليه في حومين التحتا... فض بكارة و تعنيف وحروق
نتيجة التحقيق في المفرزة المذكورة، اعترف طليقها بتعنيف ولديه من المدّعية، وبقيامه باحتجاز ابنته (ز. ع، مواليد عام 2007) لمدة 3 ايام، وابنه (ح. ع، مواليد العام 2008) الذي كان لا يزال محتجزاً منذ 8 ايام، وذلك داخل حمام في الطابق السفلي لمنزله غير المأهول من قبلهم، وبضربهما ضرباً مبرحاً. كما اعترفت زوجته وعمّتها (س. أ. ن، مواليد العام 1950، لبنانية) بالتعرض جسدياً لهما”.
وأضاف البيان: “بناء لإشارة القضاء المختص، تمّ الكشف على منزل المدعى عليه الكائن في إحدى قرى قضاء النبطية، حيث وُجد القاصر محتجزاً كما أفاد والده وتَظهر عليه علامات الخوف والتعنيف. وبعد عرض الولدين على الطبيب الشرعي، تبين أنهما تعرضا للضرب والتعنيف الجسدي، وتظهر عليهما آثار حروق وكدمات، ويعانيان حالة نفسية صعبة، إضافة الى حلق شعر رأسيهما بالكامل. وان الفتاة القاصر تعرضت للاعتداء الجنسي بواسطة شيء صلب من قبل (س. أ. ن) وبمساعدة اختها غير الشقيقة (ح.ع، مواليد العام 2001)”.
وختم: “باستماع القاصرين في حضور مندوب الأحداث صرّحا انهما تعرّضا للضرب المبرح والتعنيف والحجز من والدهما وزوجته وعمّتها. وتم توقيف المدعى عليه وابنته وزوجته وعمّتها وأودعوا، بواسطة مكتب مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية الآداب، القضاء المختص، وسُلم الطفلان الى والدتهما، بناء على إشارته”.