وعلى ما يبدو فإنّ اقتراح الوزير جبران باسيل الاخير الذي قدم على سبيل استنفاد كلّ الفرص للعودة الى المختلط، لم يحظََ بموافقة تيار «المستقبل» ولا النائب وليد جنبلاط، ولا حتى «القوات اللبنانية» ضمناً.
فبالنسبة إلى تيار «المستقبل» فإنّ تحديد سقف التأهيل بعشرة في المئة يشكل نذير خطر، لاحتمال خرق كثير من الشخصيات السنّية المحسوبة على «حزب الله» كالوزير عبد الرحيم مراد والنائب السابق اسامة سعد وغيرهما، وهو ما سينقل هؤلاء الى النسبية على أساس المحافظة حيث سيساعدهم «حزب الله» في الفوز، ما سيؤدّي الى تشكيل لائحة سنّية مؤيّدة للحزب تتجاوز السبعة مقاعد.
أما جنبلاط، فهو يعترض على مشروع التأهيل للأسباب نفسها، خشية فوز أكثر من شخصية درزية على اساس القضاء وانتقالها الى المنافسة على اساس النسبية، فيما تعترض «القوات اللبنانية» ايضاً على الصيغة التي تعتبر أنها تستهدف الثنائي المسيحي لأنها تُدخِل الى المنافسة مَن ليس لديهم القدرة التمثيلية التي توازي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، وتضع الجميع امام المنافسة النسبية على رغم اختلاف احجامهم.
لكلّ هذه الاسباب، لا تتوقع مصادر قريبة من ثنائي «القوات» و«التيار»، أن تمرّ صيغة التأهيل، بسبب الرفض الذي يواجهها من اكثر من طرف مؤثر، وتشير الى أنّ البحث لا يزال دائراً حول القانون المختلط الذي قدّمه باسيل معدّلاً.
والتعديل، كما تقول، يهدف الى إراحة جنبلاط، وحذفه من لائحة المعترضين على القانون، لكي تتّضح الصورة الحقيقية، وهي أنّ هذا القانون لا يلقى معارضة فعلية إلّا من الثنائي الشيعي الذي يخشى من فوز ثنائي «القوات» و«التيار» بأكثر من 45 نائباً مجتمعين على ما تقول المصادر، التي تكشف أنّ جنبلاط يطلب، اضافة الى تحديد الشوف وعاليه على أساس النسبية، أن تستثنى 6 مقاعد من النظام النسبي في هذه الدائرة، وأن توضع وفق الأكثري، وفيها نائبان درزيان واربعة مسيحيون، فيما وافق ثنائي «القوات» و«التيار» على استثناء النواب الدروز، ويبقى النقاش حول المقاعد الأُخرى مع التسليم لجنبلاط بمقعد ماروني في الشوف، والتسليم له بالمقعد الكاثوليكي انما بعد وضعه وفق النظام النسبي.
تشير المصادر الى أنّ جنبلاط يريد من تضييق حجم المقاعد النسبية، وخصوصاً الدرزية، أن يأتي بالمقعد الدرزي وفق الأكثري في عاليه، اما حول المقعدين الآخرين في القضاءين الموضوعين على النسبي، فإنه كفيل بإنجاحهما بفعل القدرة على صبّ الاصوات التفضيلية، وعدم الاضطرار الى توزيع هذه الاصوات على اكثر من مقعد درزي.
وتضيف هذه المصادر، أنّ الاتفاق المسبَق مع جنبلاط على التحالفات مع «التيار» و«القوات» وتيار «المستقبل»، كفيل بأن يعيد جنبلاط الى المجلس بكتلة متعدّدة المذاهب، بعد أن يكون قد نال مقعداً سنّياً في الشوف، ومقاعد مسيحية في القضاءَين.
تخلص المصادر الى القول إنّ «المختلط» سيسلك طريقه فور تذليل العقدة الجنبلاطية التي باتت في طريقها الى الحلّ، لكنّ العقدة الأساسية تكمن في رفض «حزب الله» صيغة القانون، وذهابه نحو صيغة التأهيل التي يرفضها «المستقبل» وجنبلاط، أو قانون الرئيس نجيب ميقاتي، فكلا القانونين يؤدّيان الى تصغير حجم ثنائي «القوات» و«التيار» من أكثر من 52 نائباً الى نحو 40 نائباً، فيما بات معروفاً أنّ صيغة ميقاتي تلقى الاعتراض نفسه من جنبلاط وتيار «المستقبل».
ماذا سيفعل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إزاء هذا الواقع؟
تجيب المصادر أنّ عون، وخلافاً لما روّجه البعض عن تمايز بينه وبين باسيل، يؤيّد المختلط ويعتبره قانونه ايضاً. وتضيف أنّ عون سيذهب الى النهاية في تأييد المختلط إذا ما وافق جنبلاط على التعديلات المقترَحة، تحت طائلة عدم إجراء الانتخابات.
وتشير الى أنّ «حزب الله» سيجد نفسه في النهاية أمام اوسع موافقة على القانون المختلط ستجبره على السير به لكي لا يظهر في مظهر المُعطِّل، أسوة بما فعل في انتخاب عون عندما انتظر تأييد «المستقبل» و«القوات» له، فتجاوز اعتراض رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والسيناريو نفسه مرشح للتكرار في قانون الانتخاب.