اعتبر مراقبون للزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى عُمان والكويت أن ظروف أي تقارب خليجي إيراني لم تنضج بعد، وأن روحاني جاء مستكشفا حقيقة المزاج الخليجي من مسألة التقارب، دون أن يحمل أجوبة على الأسئلة التي تطرحها العواصم الخليجية بشأن سياسات طهران في المنطقة والمهددة لأمن دول الخليج.
وحاول الرئيس الإيراني طمأنة الخليجيين بتصريحات قال فيها إن بلاده “أيدت دائما تسوية للمشاكل والخلافات عبر الحوار”، وإن “القوة العسكرية لإيران دفاعية محضة”.
وقال المراقبون إن زيارة روحاني إلى مسقط لم تكن تهدف إلى مقاربة الخليجيين بقدر تفقد إمكانات أن تلعب عمان دورا للتوسط مع الإدارة الأميركية الجديدة لإيجاد مداخل لتسويات ممكنة بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويعوّل الطرف الإيراني في هذا المجال على سوابق لعبت فيها مسقط دور الوسيط، لا سيما استضافتها لمفاوضات أميركية إيرانية مهدت للتوصل إلى الاتفاق النووي.
وكان روحاني قال في مسقط إنه “لا ضمان لأمن المنطقة سوى بتحمّل بلدان المنطقة المسؤولية والتعاون الإقليمي. من هنا، على دول المنطقة العمل سوية مع بعضها البعض لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وفهم المراقبون تصريحات روحاني بأنها محاولة لإقناع المجموعة الخليجية بعدم التعويل على المواقف الأميركية أو الثقة بها مقابل إقامة نظام إقليمي شامل.
وكشفت مراجع كويتية أن روحاني الذي استجاب في زيارته لمبادرة كويتية عبر رسالة حملها مؤخرا وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح إلى طهران، لم يحمل إلا تمنيات عامة لا تتضمن برنامجا ينم عن تبدل جذري في خيارات إيران الإقليمية.
لكن هذه المراجع لمست من خلال زيارة روحاني توقا إيرانيا إلى تسجيل خرق داخل المجموعة الخليجية، خصوصا في مسألة العلاقة مع السعودية، في محاولة لتحصين الموقف الإيراني من الضغوط المتزايدة من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأبدى وزير الإعلام الكويتي السابق سامي النصف حذرا حيال أي تقارب سعودي إيراني مذكرا أنه قد “حصلت مبادرات مماثلة في الماضي بهدف تطبيع العلاقات بين دول الخليج وإيران لكنها لم تنجح”، مضيفا أن “نجاح المبادرة الراهنة أو عدم نجاحها يبقى رهنا بأفعال إيران أكثر من شعاراتها”.
ورأى النصف أنه بات مطلوبا أن “تكف إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وعن دعم مجموعات مسلحة”، مشددا على أن “دول الخليج لا تتدخل في شؤون إيران”.
وترى أوساط خليجية أن إيران التي استشعرت تطور الموقف الأميركي من المسألة اليمنية لجهة دعم الموقف الخليجي وإدانة الهجمات التي قام بها الحوثيون على أهداف بحرية سعودية، تتخوف من انسحاب الموقف الأميركي على العراق بما يهدد نفوذها داخل هذا البلد، لا سيما أن ترامب سبق أن شدد على مصالح الولايات المتحدة في العراق واعدا باستعادة ما سبق لإدارة سلفه باراك أوباما أن فقدته في هذا البلد.
ورأت هذه الأوساط أن إيران تدرك الإمكانات التي تملكها الرياض للضغط على نفوذها في العراق إذا ما قيض لهذه الإمكانات أن تنضم للجهود الأميركية في هذا المضمار.
وأشار المراقبون إلى أن الانتقادات التي وجهها أمين عام حزب الله في لبنان حسن نصرالله، الخميس، إلى السعودية، قد تكون تعبيرا عن موقف إيراني تقليدي يقتات من لازمة الهجوم على الرياض، وقد يكون أيضا نتيجة إدراك طهران لاستحالة إنجاز أي تقدم في ملف التقارب الإيراني الخليجي.