من البوابة اللبنانية، وفي ذكرى «سادة النصر ــ القادة الشهداء»، فكّك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الخطاب الإسرائيلي و«التهويل المستمر على لبنان، والحديث عن حرب لبنان الثالثة وسيناريواتها»، معتبراً «هذا التهويل ليس جديداً. وبعد مجيء (دونالد) ترامب كثرت هذه التحليلات والتقديرات».

وذكّر بأن «هذا الكلام نسمعه منذ انتهاء حرب تموز 2006... التطور السياسي الذي يُبنى عليه الآن أن ترامب قد يأذن للعدو بشن حرب لتصفية حزب الله». وأكّد أن «هذا لا يخيفنا. فالظروف السياسية لشن حرب على لبنان موجودة دائماً، والغطاء الأميركي موجود دائماً، وكذلك الغطاء العربي الموجود اليوم أكثر من 2006، وهناك دول عربية جاهزة لتمويل الحرب الإسرائيلية لأنهم يعتبرون أن حزب الله جزء من محور عطّل الكثير من مشاريعهم السوداء في المنطقة». وشدد على أن «المسألة بالنسبة إلى إسرائيل هي هل ستربح الحرب؟ وهل تحقق نصراً حاسماً بأقل خسائر ممكنة؟»، في المقابل، «ما تمثله المقاومة من قوة وما تمثله بيئة المقاومة من ثبات واحتضان كبير وعميق وقوي هو عنصر القوة الأساسي إلى جانب الجيش اللبناني، إلى جانب موقف بقية اللبنانيين، واليوم أضيف إليهم إلى جانب الموقف الثابت والراسخ لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، هذه عناصر القوة».

 


وعلّق نصرالله على قرار العدو قبل أيام بإفراغ حاويات الأمونيا في حيفا، وسأل عن «السفينة التي تأتي بالأمونيا وتوزع على خزان حيفا وعلى خزانات أخرى، والتي تمثل خمس قنابل نووية، أين يمكن أن تهرب منّا؟»، قبل أن يرفع مستوى التهديد إلى مفاعل ديمونا، داعياً العدو «إلى تفكيك هذا المفاعل المهترئ، الذي لا يحتاج إلى جهد صاروخي كبير، وهم يعلمون إذا أصابت الصواريخ هذا المفاعل ماذا سيحل بهم، ماذا سيحل بهم وبكيانهم وحجم المخاطر التي يحملها إليهم؟». وأضاف: «إسرائيل تملك سلاحاً نووياً وتعترض على إيران، على برنامج نووي سلمي، ولكن نحن بفضل الله عز وجل وبعقول وشجاعة مجاهدينا وبقدراتنا الذاتية نستطيع أن نحوّل التهديد إلى فرصة. السلاح النووي الإسرائيلي الذي يشكل تهديداً لكل المنطقة نحن نحوّله إلى تهديد لإسرائيل». ودعا نصرالله وسائل الإعلام إلى أن تذهب إلى الحدود مع فلسطين المحتلة «ويروا الإسرائيليين يبنون الجدران، ويجرفون التلال ويغلقون الوديان ويضعون خططاً لحماية المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة». وأكد أن «على الناس أن يرتاحوا، لكن على المقاومة أن لا ترتاح». وأنهى بتحذير قادة العدو بالقول إنهم «بدأوا يخطئون بالفهم؛ ففي حرب تموز بنيتم على أن لديكم معلومات كافية عن المقاومة فهجمتم وفوجئتم بالمفاجآت العديدة المعروفة. نحن نعلم في حزب الله أنكم تخططون لعملية وزن نوعي جديدة إذا حصلت حرب ما في يوم ما. وأنتم مخطئون عندما تفترضون أن معلوماتكم كافية. دائماً لدينا ما نخفيه، هذا جزء من عقيدتنا القتالية واستراتيجيتنا العسكرية والأمنية، وستفاجأون بما نخفيه، وما نخفيه يمكن أن يغيّر مسار أي حرب ستكون حماقة لو أقدمتم عليها».

الملف الفلسطيني

وفي الملف الفلسطيني، لفت الأمين العام لحزب الله إلى أن هدف كل الحركة الإسرائيلية الآن «تثبيت القدس عاصمة أبدية لهذا الكيان الغاصب، بعد التخلي الأميركي عن فكرة حل الدولتين الذي لا يعنينا كمقاومة، ولكنه كان يمثل الأمل الوحيد للمسار التفاوضي ولمن يؤمن بهذا المسار». وتطرّق إلى لقاء ترامب ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، مؤكّداً أن اللقاء هو «إعلان بشكل شبه رسمي عن وفاة المسار التفاوضي. بالنسبة إلى الإسرائيليين لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطينية. المشروع الإسرائيلي لفلسطين وللفلسطينيين هو: خذوا غزة محاصرة أما بقية فلسطين فهي للصهاينة. أقصى ما يمكن أن يُعطى في الضفة الغربية هو حكم ذاتي إداري محدود مقطّع الأوصال، ستقطعه الآن آلاف الوحدات السكنية وانتهى الأمر. الفلسطينيون في الشتات، (لهم) التوطين أو الهجرة، في لبنان وفي سوريا والأردن وحيث هم، أو الهجرة في العالم. أساس مبادرة السلام العربية أو الحل في مبادرة السلام العربية التابعة لعام 2002 يقوم على فكرة الدولتين، هذا الأصل سقط».
وشنّ نصرالله هجوماً عنيفاً على «القادة العرب» على خلفية «مبادرة السلام»، وعلى «العلاقة مع إسرائيل تحت الطاولة وفوقها بدون خجل». وأشار إلى كلام عون في جامعة الدول العربية، الذي «أعتقد أنه أزعجهم عندما حدّثهم عن القدس، وعن المقدّسات الإسلامية والمسيحية، وأزعجهم عندما ذكّرهم بمسؤولياتهم كدول عربية، وكعرب، عن فلسطين وعن المقدسات، وأزعجهم عندما حدّثهم عن المقاومة». وذكّر بما قاله نتنياهو عن أنه «لم يمر يوم في حياتي قبل الآن شعرت فيه أو أشعر فيه بأن الدول العربية لم تعد تنظر إلينا كعدو بل كحليف»، سائلاً «ماذا بقي من خيارات أمام الفلسطينيين؟»، لكنّه أكّد أن «هذا ليس مدعاة يأس، إن سقوط الأقنعة أمر مهم، وسقوط المنافقين الذين كذبوا عليكم لعشرات السنين بأنهم يدعمون فلسطين وشعبها وقضيتها يضع الجبان والخائن والعميل والجاسوس والسمسار جانباً، ويقول للشعب الفلسطيني ولشعوب المنطقة إن هذه البقية الباقية هي التي ستحرر فلسطين وتصنع النصر».

البحرين واليمن

وعشية الذكرى السادسة لانتفاضة الشعب البحريني، شدد الأمين العام لحزب الله على أن «البحرين بلد محتل»، و«القوات السعودية في البحرين قامت بقمع الشعب البحريني وقتله». وتوجّه إلى حاكم البحرين بالقول: «ليذهب حمد في البحرين وليجلب بعض الخبراء ليشرحوا له إذا كان لا يفهم، ليفهم من هو هذا الشعب الذي يواجهه والذي ينكّل به ويقمعه».
وفي الموضوع اليمني، هاجم السعودية و«الإمارات التي تقدّم نفسها دائماً بأنها دولة الحضارة والمدنية وغير ذلك، وهي جزء أساسي من هذا العدوان». وأكّد أن العدوان أميركي سعودي إماراتي إنكليزي، مشيراً الى أن «المعطيات الحسية تؤكد أن إسرائيل أيضاً شريك في هذا العدوان، مادياً ومعلوماتياً وتكنولوجياً، وبعض ضباطها وطياريها وأسلحتها وإمكانياتها ومخابراتها جزء من هذا العدوان». وانتقد نصرالله من «يخرج في الرياض ليقدم نفسه على أنه جمال عبد الناصر الجديد للأمة العربية، ولكن جمال عبد الناصر (الجديد) ليس ضد إسرائيل بل ضد الشعب اليمني»، لافتاً الى أن «المنظمات الدولية تتحدث عن مجاعة في اليمن ستطال الملايين».
وختم نصرالله بالتأكيد «أننا اليوم على طريق الانتصار كما انتصرت المقاومة دائماً، والآن على المشروع الأميركي السعودي الإسرائيلي الذي اسمه داعش والجماعات التكفيرية، بعد أن انقلب السحر على الساحر، وبعد أن خرجت الأفعى عن السيطرة لتعتدي على أهلها وعلى أصحابها وعلى صنّاعها».