حملت كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى الشهداء القادة، عدة «رسائل» في اكثر من اتجاه داخلي واقليمي. هو طمأن اللبنانيين الى جهوزية المقاومة لردع اسرائيل عن القيام بأي اعتداء، ورفع مستوى التهديد للاسرائيليين بمعادلة استراتيجية جديدة عبر دعوتهم الى تفكيك مفاعل ديمونة النووي، «حيث بات بامكان المقاومة تحويل التهديد الى فرصة» متوعدا قيادة الجيش الاسرائيلي «بمفاجآت» غير محسوبة... ولم ينس السيد نصرالله توجيه الرسائل الى الداخل، ولو «بغلاف» اقليمي، حيث حضر الرئيس ميشال عون مرتين في الخطاب، الاشادة العلنية سبقها بحسب معلومات «الديار» اتصال بين الرجلين، حيث ثمن السيد نصرالله مواقف الرئيس الاخيرة من المقاومة والقضية الفلسطينية... كما كان لافتا عدم تطرق الامين العام لحزب الله الى موقف تيار المستقبل ورئيس الحكومة سعد الحريري من مسالة «السلاح» غير الشرعي، لكنه نجح في ايصال رسالته بوضوح، عندما اكد ان دعم «البيئة الحاضنة» للمقاومة وموقف الرئيس منها، يعد كافيا لتحافظ على قوتها، دون الحاجة الى دعم الاخرين... ويبقى الاهم في «رسائل» السيد انه لم يغير في مفرداته «القاسية» تجاه المملكة العربية السعودية، اتهمها «بخلق» «داعش»، والاستمرار في قتل الشعب اليمني والبحريني والسوري، وهي «رسالة» واضحة لمن يعنيهم الامر، بأن حزب الله غير معني بتقديم اي تنازلات في مواقفه تجاه المملكة العربية السعودية ما دام انها لم تغير سياستها في المنطقة، والسيد نصرالله اراد التأكيد انه لم يقدم اي ضمانات لاحد في هذا السياق، وما يراه البعض تصعيدا، لا علاقة له «بالتسوية» الداخلية التي لم يكن احد شروطها وقف انتقاد المملكة، ومن يريد ربط تطور او تدهور العلاقات اللبنانية-السعودية «بسقف» خطاب نصرالله «مشتبه» لان حزب الله لم يدخل في «صفقة» مع احد في هذا الاطار، خصوصا ان السعودية ما تزال على وتيرة العداء نفسها مع حزب الله، وكان السيد نصرالله واضحا في قوله «ان بعض الدول العربية مستعد لتمويل اي حرب اسرائيلية على لبنان»...
 

ـ المفاجآت ـ


ولعل حديث السيد نصرالله عن «المفاجآت» التي ستغير مسار الحرب هو اكثر ما يصيب الاسرائيليين بالذعر، فتأكيده ان المقاومة «قادرة على الوصول الى خزانات الامونيا في حيفا، حتى لو نقلت الى اي مكان، وكذلك القدرة على استهداف السفن الناقلة لهذه المواد»، ودعوته الاسرائيليين الى «تفكيك مفاعل ديمونة النووي، يرفع مستوى التحدي مع اسرائيل الى مرحلة غير مسبوقة، وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، فان ما يقلق الاسرائيليين ليس ما تحدث عنه السيد نصرالله، وانما ما تجنب الحديث عنه، والذعر الحقيقي هو ما يحصل تحت «الجدار» وفي «السماء»، وليس على الارض... السيد الذي يجيد «اللعب» على اعصاب القيادة والجمهور الاسرائيلي، كشف صراحة عن قدرة المقاومة على اصابة اهدافها الاستراتيجية في اسرائيل، لكنه لم يحدد الطريقة. وتناول معادلة «الصواريخ» دون غيرها... اسرائيل تقّدر ان حزب الله بات يمتلك صواريخ «فاتح» الايرانية، وهي صواريخ يتراوح مداها بين 250 كلم و350 كلم، ويمكن تزويدها بحمولة من المواد الشديدة الانفجار، وتبلغ سرعتها1.5 كلم في الثانية الواحدة، وهي صواريخ تعمل على الوقود الصلب ما يمنحها ميزة سرعة في الاطلاق... وهامش الخطأ لا يتعدى عشرة امتار... كما تعرف اسرائيل ان «مخازن» الجيش السوري باتت مفتوحة امام المقاومة لاستخدام صواريخ «سكود» او نقلها الى لبنان... كما يمتلك حزب الله صواريخ «ياخونت» ارض-بحر، وتعتقد اسرائيل انه  حصل مؤخرا على صواريخ «خليج فارس» الايرانية الفائقة الدقة في ضرب الاهداف البحرية... لكنها لا تعرف ما اذا كان سيتم استهداف المواقع الاستراتيجية بالصواريخ او بأسلحة اخرى؟... وفي هذا السياق تبقى المعلومات عن منظومة الطائرات المسيرة التي بات حزب الله يملك اسرابا مقاتلة منها، «غامضة» وغير كافية، الوحدة الجوية المتخصصة اجرت بعض المناورات، واثبتت التجربة ان هذه الطائرات قادرة على حمل المتفجرات والمناورة والاهم القدرة على التملص من منظومة «الباترويت» الاميركية.. 
ولا ينتهي الذعر هنا، ويبقى القلق الحقيقي من اسلحة روسية باتت اسرائيل متيقنة من وصولها الى الحزب... وتكمن الخشية في حصول المقاومة على منظومة ارض-جو من طراز»اس ايه11» او «كادفلاي»، كما لا تزال اسرائيل غير متيقنة من حصول المقاومة على منظومة «بانستير اس1» الموجودة لدى الجيش السوري، وهي منظومة قادرة على التحرك السريع، تتألف من مركبة تتحرك بسرعة مع منصة اطلاق لـ12  صاروخاً، وتقدر هذه المنظومة على اصابة الاهداف الجوية على بعد20 كيلومترا وارتفاع 15 كيلومتراً...
اما الغموض الكبير فيبقى ف يما يحصل تحت «الجدار» الذي تبنيه اسرائيل على الحدود مع لبنان. السيد نصرالله تطرق اليه لماما، لكن الاسرائيليين فهموا «الرسالة»، ولسان حال السيد يقول «نحن نرى ما تفعلون، لن تستطيعوا الدفاع في الحرب المقبلة عن شمال فلسطين، وقد يكون عليكم النظر جيدا الى ما يحصل «تحت الجدار»...
 

ـ «رسالة» مصرية لحزب الله ـ


وفي سياق آخر، علمت «الديار» من اوساط دبلوماسية في بيروت ان السلطات المصرية، خرقت «الحظر» الخليجي على حزب الله وبعثت بعدة «رسائل» «ود» الى الحزب كان آخرها عبر شخصية سياسية مقربة من حزب الله زارت القاهرة مؤخرا...
ووفقا للمعلومات، فان تلك الشخصية تم توقيفها في مطار القاهرة الدولي، واستدعيت للقاء «جهة امنية» رفيعة المستوى، ودون اي «مواربة» توجهت القيادة الامنية بالكلام الى تلك الشخصية باعتبارها محسوبة على حزب الله، وعند محاولة الاخير «نكران» هذه العلاقة خوفا من تداعيات ذلك، طمأنه محدثه الى ان هذه العلاقة غير مضرة، بل قد تكون مفيدة، وليس لدى السلطات المصرية نية لاتخاذ اي اجراءات سلبية ضده، بل هي مناسبة لايصال «رسالة» الى قيادة حزب الله في لبنان، بأن مصر هي في «خندق واحد» معه في قتال المجموعات التكفيرية، وتلتقي معه في النظرة الى الحرب في سوريا، والمشتركات اكثر من القضايا الخلافية، ولم تخلُ المحادثة ايضا من تأكيد مصري على جفاء كبير في العلاقة مع السعودية، واتجاه للتقارب مع الجانب الايراني.
خلاصة هذا الاجتماع الودي، ستليه خطوات عملية كما تحدث ضابط الامن المصري الرفيع، وثمة ترجيح لنقلة نوعية في العلاقات «الثنائية» نهاية الشهر الجاري، ويتوقع رفع درجة المحادثات الى مستوى اعلى، لبحث عدد من القضايا العالقة. وقد تكون مسألة اعادة قناة المنار للبث على القمر الصناعي النايل «سات»، واحدة من المؤشرات الدالة على تقدم الاتصالات او تعثرها...
ووفقا لتلك الاوساط، فان سياق هذا التواصل مع حزب الله غير بعيد عن التحول في الموقف المصري في المنطقة، فمصر العالمة «بوزن» حزب الله الاقليمي ترغب بفتح قنوات «رفيعة المستوى» مع ايران، بعد التواصل الامني مع دمشق، وفي هذا السياق زار وزير الخارجية المصري سامح شكري عمان، وعرض فكرة اعتماد «القناة المصرية» للتواصل مع ايران بخصوص الشأن السوري، وملفات المنطقة، وفي مقدمها العلاقات العربية ـ الايرانية، كما بحث شكري مع الملك عبدالله الثاني مسألة «التمثيل السوري» في القمة العربية المقبلة. وتسعى القاهرة للحصول على موافقة عربية لإقامة اتصال مع إيران باسم المجموعة العربية، فيما تصر السعودية ودول الخليج على اعتماد دولة الكويت كـ«قناة اتصال»...