وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف كان دقيقا في وصفه للمرحلة المقبلة بأن إيران قد تشهد أياما صعبة.
ويبدو واضحًا أن إيران على أبواب موسم حصاد ما زرعته في العقود الماضية وخصوصًا خلال فترة تولي الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما للرئاسة والذي اعتمد سياسة الإنكفاء نحو الداخل وترك الساحات المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط وخصوصًا في المنطقة العربية عرضة للنزاعات الإقليمية بحيث وجدت إيران فرصتها الذهبية في ملء الشغور الأميركي وإستغلال الغياب الفاعل لأي قرارات حاسمة يمكن أن تتخذها إدارة أوباما سيما وأن إيران ومنذ انتصار ثورتها إعتمدت إستراتيجية تصدير الثورة إلى خارج الحدود فوجدت في الفوضى التي تعم المنطقة وخصوصًا دول الجوار العربي مناسبة لاستغلالها والدفع بالمئات بل بالآلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني بإتجاه هذه الدول لانشاء ميليشيات وتنظيمات واحزاب مسلحة تحت مسميات شتى لإستخدامها كقوات عسكرية في وجه المناوئين لسياساتها بغية مصادرة قرارات هذه الدول والهيمنة على مقدراتها وضمها إلى المحور الممانع الذي عملت على إنشائه لدرجة أن المسؤولين الإيرانيين راحوا يتفاخرون بأن النفوذ الإيراني وصل إلى شواطىء البحر المتوسط وأن طهران باتت تتحكم في سياسة أربع عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت.
إقرأ أيضًا: اغتيال رفيق الحريري اغتيال للوطن
أما مع الإدارة الأميركية الجديدة فالأمر مختلف تماما وهناك تحول في السياسة الأميركية بإتجاه المنطقة وهدف واضح لدى الرئيس الجديد دونالد ترامب لإضعاف إيران وتقليص دورها فيها والأنباء التي تتحدث عن تحالف عسكري سعودي تركي أميركي لتحرير مدينة الرقة السورية فهو أساسًا إستهداف للنفوذ الإيراني.
فالتصعيد الأميركي ضد إيران بدا واضحًا ولا يقبل التأويل وقد بدأه ترامب مع إطلاق حملته الإنتخابية للرئاسة.
وفي رده على الإختبار الصاروخي الذي أجرته إيران الشهر الماضي قال ترامب أن إيران تلعب بالنار وكان قد فرض سلسلة من العقوبات الجديدة على أفراد وجمعيات وكيانات ترتبط بالحرس الثوري الإيراني ووصف الإتفاق النووي الإيراني بأنه إتفاق مشين.
وصرح مسؤولون أميركيون بأن إدارة ترامب تبحث إقتراحًا قد يؤدي إلى تصنيف الحرس الثوري كجماعة إرهابية وفي رده على تصريح سابق للرئيس الإيراني حسن روحاني بأن أي دولة تهدد الأمة الإيرانية سوف تندم قال ترامب بلهجة ساخرة واضحة للصحافي الذي سأله السؤال أفضل لك أن تكون حذرًا.
لا شك أن مواجهة الولايات المتحدة الأميركية لإيران فتحت بابا للتقارب بين الرئيس ترامب والعرب بحيث أن العلاقات بين واشنطن والرياض تحسنت بشكل لافت للنظر.
وقد صرح وزير الأمن القومي الأميركي جون كيلي لم ندرج السعودية على لائحة الدول السبعة الممنوعة من دخول البلاد لإمتلاكها نظام تحقق من المسافرين.
وفي السياق ذاته فقد قدمت وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية ميدالية جورج تينت لولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف خلال حفل تكريم أقيم له وذلك تقديرًا لعمله الإستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب بالإضافة إلى إسهاماته غير المحدودة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
إقرأ أيضًا: ترامب يلوح بنشر الفوضى في العالم
إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن مواجهة أميركية - ايرانية باتت على الأبواب وأن الأساطيل الأميركية ستتحرك لضرب المصالح الإيرانية.
فالولايات المتحدة الأميركية تدرك أنها تواجه دولة أقوى بكثير من السابق سيما وأن إيران استغلت حالة عدم الإستقرار التي مرت بها المنطقة وقامت خلال ست سنوات بإستثمار ذلك لصالحها في التوسع خارج حدودها فضلًا عن تطوير منظومتها العسكرية وخصوصًا الصاروخية.
وأي مواجهة أميركية ايرانية هي مدمرة للاقتصاد العالمي ويصعب على شعوب الدول العربية تحمله.
لكن بالتأكيد فإن إيران في عهد ترامب غيرها في عهد أوباما وقد تكون مضطرة لاعتماد سياسة الانكفاء والتراجع نحو الداخل سيما وأن العرب يعرضون على إيران الإنسحاب من المنطقة العربية والتصالح على حسن الجوار وعدم زج الشيعة العرب في ميليشيات ولاية الفقيه ذلك أن هناك حرص عربي كبير على السلام لأنه ركيزة الرفاه الإقتصادي والإستقرار.