صار الحديث عن الملف الانتخابي أشبه بالتكرار اليومي لواحدة من حكايات "ألف ليلة وليلة"، يبدأ البحث من نقطة وما يلبث أن ينتهي عندها، ومن ثم يعود الكلام الى نقطة البداية.

وهذا هو حال كل الصيغ الأكثرية او المختلطة او التأهيلية بين النظامين الاكثري والنسبي التي طرحت على بساط البحث، والتي آلت كلها للرمي في سلة المهملات، على حدّ توصيف أحد اعضاء"اللجنة الرباعية"، وهو الأمر الذي كان سبباً في نَعي اللجنة نهائياً، والاعلان صراحة بأنها فقدت صلاحية الاستمرار لعدم امتلاكها أولاً قدرة القرار والإلزام، وثانياً لافتقادها قدرة تدوير الزوايا وبناء المساحة الانتخابية المشتركة التي يفترض ان يقف عليها كل الاطراف.

وسمع النواب صراحة أمس، ما يُفيد بنَعي اللجنة، من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي رمى الكرة مجدداً في ملعب الحكومة، على اعتبارها المرآة العاكسة لكل المكوّنات السياسية. وبالتالي، تقع عليها حصراً وقبل الآخرين مسؤولية المُسارعة الى إعداد القانون الانتخابي بالشكل الذي يُرضي كل المكونات بعدالته وسلامة التمثيل التي يحققها، واحالته الى المجلس النيابي لإقراره، ولم يفت الوقت لتحقيق ذلك.

وأمام «نواب الاربعاء»، قال بري: «انّ واجب الحكومة مناقشة القانون في أقرب وقت، لأنه من أولى مهماتها ومسؤولياتها». وإذ أكد انّ «حماية لبنان والحفاظ على التنوّع في التركيبة اللبنانية لا يكون الّا من خلال إقرار قانون جديد للانتخاب على أساس النسبية»، ألقى المسؤولية على الجميع بقوله: «من أجل تسييج لبنان، علينا ان نتوافق على قانون الانتخاب».

وفيما يتكتّم بري على الافكار التي تلقّاها من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، مُكتفياً بإجابة مقتضبة على كثير ممّن حاولوا الاستفسار عنها: «إنها أفكار جديرة بالبحث والنقاش»، رفضت مصادر إشتراكية تحديد ماهيتها، وقالت لـ«الجمهورية»: هناك من يعطّل الوصول الى حل انتخابي ويحاول ان يرمي مسؤولية التعطيل علينا، نحن مع تسهيل الوصول الى قانون انتخابي في أقرب وقت، قانون مثالي قائم على العدالة ولا تشتمّ منه روائح الاستهداف او التعرّض لأيّ مكوّن.

وعلى هذا الاساس قدّم النائب جنبلاط أفكاراً نجدها الأكثر قابلية لأنْ تُعتمد، وهي أصبحت في عهدة الرئيس بري الذي نثق بأنه خير من ينقل الامور الى برّ الأمان للجميع».

الّا انّ مصادر مواكبة لمسار النقاشات الانتخابية، قالت: «انّ ما قدّمه جنبلاط، المعروف موقفه من قانون النسبية وتمسّكه بقانون الستين، هو كناية عن أفكار تنطوي على قبول بنسبية معيّنة، نتائجها مريحة له، ولا تشبه الصيَغ النسبية التي تطرح وتنطوي على مضامين الغائية أو تحجيمية لبعض المكونات».

في هذه الاجواء المقفلة إنتخابياً، يقترب وزير الداخلية نهاد المشنوق من لحظة إعداد مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وفق القانون الانتخابي النافذ قبل 21 الجاري، علماً انه ما زال يؤكد انه سيقوم بما يُملي عليه واجبه كوزير للداخلية ولا سيما لجهة ما يتعلق بدعوة الهيئات الناخبة، وكذلك هو ملتزم الاعداد للانتخابات وإجرائها على اعتبارها إحدى ركائز تثبيت النظام اللبناني».

وفي غياب ايّ مؤشّر حول إمكان الوصول الى توافق انتخابي يُفضي الى قانون تُجرى على أساسه الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، فإنّ بعض الاوساط السياسية بدأت منذ الآن تتحدث عن السيناريوهات المحتملة لتلك الفترة، وأكثر هذه السيناريوهات تردداً كان احتمال الذهاب الى «تمديد محدود» لبضعة اشهر للمجلس النيابي بمعزل عن الوصول الى قانون جديد.