غالباً ما يتحجّج الموقوفون في القضايا الجنائيّة بأنّ إفاداتهم الأوّليّة إنتُزعت منهم تحت الضرب والتعذيب لينفوا التهمة الموجّهة إليهم. وهذا هو حال المتهم "ج.ع" صاحب الأسبقيّات في مجال السرقة، الذي تذرّع خلال محاكمته العلنية، بحجّة الهرب من تحرشات صديقه الأسترالي، ما اضطره إلى الإنطلاق بسيّارة الأخير وليس سرقتها كما هو مسند إليه.
إلّا أنّ محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي فيصل حيدر وصلت إلى قناعة مغايرة لرواية المتهم:
الموقوف "ج.ع" كان تعرّف على شخص أسترالي وبعد أن التقى به عدّة مرّات، أعجبته سيّارته وهي من نوع مرسيدس، فقرّر سرقتها منه للتمتع بها ولو ليوم واحد (اعترافاته أمام المديريّة العامّة لأمن الدولة). وفي يوم صيّفيّ، إلتقى "ج" بصديقه الأسترالي وطلب منه إيصاله إلى منزل أحد أقربائه. في الطريق، ركن السائق سيّارته ونزل منها لقضاء حاجة، فوجدها المتهم فرصة مناسبة حيث سرق السيّارة وانطلق بها باتجاه جونية ومن ثمّ إلى برج حمّود حيث تعرّضت لعطل ميكانيكي، فتوجّه بها إلى أقرب كاراج ميكانيك طالباً إصلاحها وتركها في الكاراج وتوارى عن الأنظار.
أحيل المتهم إلى مكتب السرقات الدّوليّة، حيث كرّر ما أفاد به أمام "أمن الدولة" واعترف أيضاً بسرقة 5 سيّارات وتصريفها مقابل حصوله على مبلغ يتراوح بين 400 و500 دولار عن السيّارة الواحدة. لكنّه عاد ونفى أمام قاضي التحقيق ما أدلى به سابقاً، مشيراً أنّ اعترافاته جاءت تحت تأثير الضرب.
أمام محكمة الجنايات أدلى المتهم أنّه أخذ فعلاً السيّارة، لكن ليس بهدف السرقة بل لأّنّ الأسترالي تحرّش به جنسيّاً ولمّا نزل الأخير إلى الحرج لقضاء حاجته، أدار محرّكها وهرب. وقد أنزلت المحكمة عقوبة الأشغال الشاقة المؤقّتة مدّة 5 سنوات بالمتهم على أن تُحسب له مدّة توقيفه.