وزع مسلحون منتمون لـ"ولاية سيناء" التابعة لتنظيم للدولة، الأحد، بيانا على المواطنين بمدينة العريش بشمال سيناء، حمل الكثير من العبارات "العاطفية" التي تؤكد تضامن التنظيم مع أهالي سيناء، بحسب شهود عيان.
وأكد البيان أن التنظيم جزء من أهالي سيناء، وأن جراحهم واحدة، وأنه يقف معهم صفا واحدا في مواجهة قوات الشرطة والجيش المصري، وتعهد بالثأر لأبنائهم، داعيا أهالي سيناء إلى الابتعاد عن المقرات والكمائن الأمنية والعسكرية باعتبارها أهدافا مشروعة له، على حد تعبيره.
ويقول مراقبون إن هذا البيان محاولة من تنظيم الدولة لاستغلال التوتر المتزايد بين أهالي سيناء وقوات الأمن على خلفية مقتل 10 أشخاص من أبنائهم بتهمة تورطهم في "عمليات إرهابية"، وذلك من خلال سعي التنظيم إلى كسبهم إلى صفه في حربه المشتعلة مع قوات النظام.
تمرد متصاعد
وكانت داخلية الانقلاب قد أعلنت في 10 كانون الثاني/ يناير الماضي قتل 10 من عناصر جماعة أنصار بيت المقدس داخل أحد الشاليهات في مدينة العريش، قائلة إنهم متورطون في تنفيذ عدة هجمات ضد قوات الأمن في شمال سيناء، آخرها استهداف كمين "المطافي" الذي وقع في الشهر ذاته، والذي أسفر عن مقتل نحو 12 من رجال الجيش، وإصابة عشرات آخرين.
لكن عائلات سيناء كشفت لاحقا أن القتلى العشرة هم من أبنائهم الذين اعتقلتهم الشرطة دون اتهامات قبل مقتلهم بعدة أشهر، مؤكدين أنهم تعرضوا للتصفية بدم بارد؛ للتغطية على الفشل الأمني في سيناء.
وكانت عائلات مدينة العريش بسيناء، قد عقدت اجتماعا في 14 كانون الثاني/ يناير الماضي، لدراسة كيفية التحرك لاستعادة حق أبنائهم القتلى؛ إذا لم يتم تقديم قتلتهم للمحاكمة.
وأعلنت العائلات الدخول في عصيان مدني بدأ السبت الماضي، بالامتناع عن سداد فواتير الكهرباء والمياه، للضغط على الحكومة، على أن يعقدوا مؤتمرا لكل عائلات شمال سيناء يوم 25 من الشهر الجاري؛ للنظر في مزيد من التصعيد تجاه النظام.
الجنائيون والمهربون سيستجيبون
وقال الباحث السياسي جمال عبدالجواد، إن "تنظيم الدولة قد ينجح في استقطاب أفراد من القبائل، لكن بنسب بسيطة، وغالبا ما سيكونون من المتورطين في جرائم جنائية، مثل تهريب البشر والمخدرات، والذين يكون الانضمام لتنظيم الدولة بالنسبة لهم نوعا من أنواع التجارة، وليس عن عقيدة أو اقتناع".
وأضاف عبدالجواد لـ"عربي21" أن "أفكار التنظيم مختلفة عن أفكار غالبية أهالي سيناء، حتى إن المنتمين منهم لتيار الإسلام السياسي ليس بينهم وبين تنظيم الدولة ود كبير"، مضيفا أن "التوتر الواضح بين الأمن وأهالي سيناء بدأ عند الإعلان عن أن الشباب المقتولين على يد قوات الأمن كانوا إرهابيين".
وتوقع أن يواصل الأهالي إضرابهم حتى يوصلوا رسالة للسلطات الأمنية، مشيرا إلى أن هذا الإضراب "سيكون جزئيا؛ لأن أهالي سيناء وقبائلها ما زالت لهم علاقات قوية مع الأمن، وخصوصا شيوخ القبائل، ويمكن أن تحل هذه المشكلة عن طريق الجلسات العرفية".
وحول تعامل الأمن مع أهالي سيناء؛ أكد عبدالجواد أن هناك أخطاء متراكمة في التعامل مع المواطنين هناك، معللا ذلك بوجود "البؤر الإرهابية وسط كتل سكانية؛ لأن معظم الإرهابيين يندسون بين الأهالي، فتسارع القوات الأمنية إلى التعامل معهم، ما يوقع خسائر بشرية من الأمن والأهالي، وهذه هي مشكلة الوضع الأمني الصعب والمعقد في سيناء" على حد قوله.
القضية ليست واحدة
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية سعيد عامود، إن تنظيم الدولة يحاول بشتى الطرق أن يحرض قبائل سيناء وأهاليها ضد أجهزة الأمن هناك، لخلق مزيد من التوتر في تلك المنطقة الملتهبة، مشيرا إلى أن التنظيم يسعى إلى "توريط أهالي سيناء عبر الاندساس وسط الكتل السكنية التي تهاجمها قوات الأمن".
وأضاف عامود لـ"عربي21"، أنه يتوقع أن يفشل التنظيم في كسب تعاطف الأهالي "لأن قضيتهم هي قتل أبنائهم عن طريق الخطأ، وليست قضيتهم إقامة الدولة الإسلامية التي ينادي بها تنظيم الدولة".
وحول الإضراب الذي دعا إليه أهالي سيناء؛ حذر عامود النظام من أن "أهالي سيناء كتلة قوية لا يجب أن يستهان بها، خاصة وأنهم ينسقون منذ عقود مع الأمن، وتعاونوا معه في الإبلاغ عن أماكن تواجد الارهابيين، وكشف الكثير من البؤر الإجرامية".
وأكد عامود "وجود تعامل خاطئ من الأمن تجاه أهالي سيناء؛ لا يمكن لأحد أن ينكره"، مشيرا إلى أن "حادث مقتل عدد من أبناء الأهالي الأخير؛ كشف بوضوح ضرورة التوقف عن هذه الطريقة في التعامل مع أهالي سيناء؛ لأن الموقف هناك أصبح بالغ الصعوبة".