أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «لبنان الحر، القوي، المستقر يعد عامل قوة للامة العربية»، آملاً «أن تعزز ولاية الرئيس العماد ميشال عون وضع لبنان كبلد للتعددية السياسية، والتنوع الثقافي الذي تحكمه أسس المشاركة والتوافق بين القوى السياسية المختلفة، وتحفظه بعيداً من أي محاولات لجره والمنطقة الى ساحة للصراعات المذهبية او الدينية الغريبة عن منطقتنا، والتي تحاول أن تسلب من منطقة المشرق العربي خصوصيتها كساحة تعايش وتلاق بين الاديان والمذاهب». ولفت الى أن «مصر كانت من أولى الدول التي رحبت بقدرة اللبنانيين على التوصل الى تسوية سياسية صنعت في لبنان بعيداً من تدخل القوى الخارجية»، مشيراً الى أن «مصر ستواصل تقديم كل الدعم للبنان على الأصعدة كافة، وهي على استعداد لدعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف أجهزته الامنية للوقوف ضد مخاطر الارهاب».
من جهته، شدد رئيس الجمهورية على أن «الآمال المعقودة على الدور الذي يمكن لمصر القيام به بقيادة الرئيس السيسي، كبيرة»، داعياً «مصر الاعتدال والانفتاح، مصر السند والعضد، الى إطلاق مبادرة إنقاذ عربية تقوم على وضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الارهاب الذي يضرب في أرضنا ويستبيح أهلنا، والعمل على ايجاد الحلول السياسية للأزمات الملحّة في الوطن العربي، وبالأخص في سوريا». وأكد «ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية، بما يضمن استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وتطبيق حق العودة، ورفض التوطين»، معتبراً أن «لا خلاص لبلدينا، اللذين يفتخران بتنوعهما الديني، ولعالمنا العربي من هذا الاجرام الارهابي إلا بالتضامن الكامل في مواجهته، لأن الارهاب لا يميّز بين دول وشعوب وأديان، بل يتبع عقيدة القتل والتدمير، وهي عقيدة منافية لمنطق الحياة، ولثروة الحضارة الانسانية».
مواقف الرئيسين السيسي وعون جاءت خلال لقاء القمة المصرية - اللبنانية الذي عقد بينهما أمس في قصر الاتحادية في القاهرة، والتي وصل اليها رئيس الجمهورية تلبية لدعوة رسمية من نظيره المصري. وكان الرئيس عون وجّه دعوة الى الرئيس السيسي لزيارة لبنان، وعد بتلبيتها في أقرب وقت.
واستقبل الرئيس المصري رئيس الجمهورية على مدخل القصر، وعزفت موسيقى حرس الشرف النشيد الوطني اللبناني ثم النشيد الوطني المصري قبل أن يبدأ إستعراض القوى، ويسير الرئيسان على السجادة الحمراء، وحيّا بعدها الرئيس عون العلم المصري ثم قائد حرس الشرف، قبل أن يصافح الوفد الرسمي المصري فيما صافح الرئيس السيسي الوفد الرسمي اللبناني.
وتوجه الرئيسان الى البهو الداخلي للقصر و التقطت الصورة التذكارية قبل أن ينتقلا الى الصالون الرئاسي حيث عقدت محادثات ثنائية، انضم بعدها أعضاء الوفدين اللبناني والمصري الى محادثات موسعة حضرها عن الجانب اللبناني وزراء: الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، المال علي حسن خليل، الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، الاقتصاد والتجارة رائد خوري إضافة الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والقائم بأعمال سفارة لبنان في مصر أنطوان عزام.
وحضر عن الجانب المصري: رئيس مجلس الوزراء شريف اسماعيل، رئيس ديوان رئيس الجمهورية مصطفى شريف، وزراء: الخارجية سامح شكري، الداخلية مجدي محمد عبد الغفار والتجارة والصناعة طارق قابيل، رئيس المخابرات العامة خالد فوزي، مدير مكتب رئيس الجمهورية عباس كامل، سفير مصر في لبنان نزيه النجاري والمتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف.
وفي مستهل الاجتماع الموسع، جدد الرئيس السيسي الترحيب بالرئيس عون «ضيفاً عزيزاً على مصر»، مقدماً له التهنئة بانتخابه رئيساً للجمهورية. وقال: «إن لبنان يحتاج الى خبرتك وزعامتك وقيادتك الحكيمة». وأعرب عن «حرص مصر على استقرار لبنان وتقدمه وسلامة أراضيه، لأن لبنان الآمن ضرورة للمنطقة ولسائر الدول العربية»، مبدياً «استعداد مصر لتعزيز التعاون وتطويره في كل المجالات». وأكد حرصه على «رفع مستوى التنسيق بين البلدين، لأن التنسيق في هذه المرحلة مهم جداً لاسيما في المجالين الامني والاقتصادي».
وشدد على ضرورة إنعقاد اللجنة المشتركة العليا اللبنانية - المصرية في القاهرة قريباً (خلال شهر آذار)، وعلى أهمية التبادل التجاري بين البلدين وزيادة الاستثمارات، شاكراً للبنان «رعايته الجالية المصرية العاملة فيه».
وشكره الرئيس عون على تهنئته، وقال: «إن لبنان يتطلع دائماً الى دور ريادي للشقيقة مصر في العالم العربي والعالم الاوسع». وأشار الى «أهمية التضامن العربي في هذه المرحلة الدقيقة وسط التحديات التي تواجه الامة العربية»، معرباً عن أمله في «أن تتمكن القمة العربية المقبلة في الاردن من وضع أسس للعمل العربي المشترك». وشدد على «عمق العلاقات اللبنانية -المصرية الضاربة في الجذور بين البلدين والشعبين».
وخلال اللقاء، عرض أعضاء الوفدين اللبناني والمصري للقضايا المشتركة، كما تطرق البحث الى النزوح السوري وانعكاساته على الوضعين الاقتصادي والامني في لبنان، وضرورة تنسيق المواقف اللبنانية - المصرية في مجال مكافحة الارهاب ودعم الحل السياسي السلمي للأزمة السورية. وتحدث اللواء ابراهيم عن التعاون الامني بين لبنان ومصر.
وجرى خلال المحادثات تقويم ما وصلت اليه المساعي للوصول الى الحل السلمي في سوريا، كما عرض الرئيسان للاوضاع في الشرق الاوسط والقضية الفلسطينية في ضوء الممارسات الاسرائيلية المستمرة. وأوعزا الى الوزراء المشاركين في الاجتماع الموسع التحضير لاجتماعات اللجنة العليا لتكون قراراتها عملية، لاسيما في ما خصّ التعاون في القطاعات الانتاجية والتجارية والزراعية وتوقيع الاتفاقات الجاهزة بين البلدين. كما تطرق البحث الى التعاون في المجالين الامني الاستخباراتي وتدريب الضباط اللبنانيين في المعاهد العسكرية المصرية، وأعطى الرئيس السيسي توجيهاته لاستقبال أعداد اضافية من الضباط اللبنانيين في هذه المعاهد للمشاركة في دورات تدريبية. كما تناول البحث الاجراءات في المجال الزراعي والعمالة المصرية في لبنان وسبل التعاون وتبادل الخبرات في مجال تنمية البنى التحتية.
مؤتمر صحافي مشترك
وفي ختام لقاء القمة والمحادثات الموسعة، عقد الرئيسان مؤتمراً صحافيا مشتركاً، إستهله السيسي بكلمة ترحيبية أكد فيها أن «العلاقات المتميزة التي تجمع بلدينا ما هي إلا تتويج للتواصل القائم بين الشعبين المصري واللبناني، بما لهما من حضارة ضاربة في عمق التاريخ امتدت عبر العصور، من خلال تقارب ثقافي واجتماعي، وأسفرت عن ترابط قوي، واتفاق في الرؤى بشأن القضايا المختلفة»، مجددا «التهنئة لكم وللشعب اللبناني الشقيق على نجاح لبنان في استكمال الاستحقاق الرئاسي، وتشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة المواطن اللبناني، وتعمل على تحقيق طموحاته».
وقال: «لقد سعت مصر دوماً الى الحفاظ على كيان الدولة اللبنانية واستقرارها ومؤسساتها، بحيث تواصلت على مدار الفترة الماضية مع مختلف القوى السياسية اللبنانية لتأكيد ضرورة اعتماد الحوار أساساً لحل الخلافات، كما كانت مصر من أولى الدول التي رحبت بقدرة اللبنانيين على التوصل إلى تسوية سياسية، صُنعت في لبنان بعيداً من تدخل القوى الخارجية، وحافظت على النموذج اللبناني الفريد في التعايش بين كامل طوائفه مما يجعل لبنان نموذجاً رائداً في المنطقة لتسوية الأزمات سياسياً».
أضاف: «أؤكد لأخي، فخامة الرئيس ميشال عون، أن مصر ستواصل دعمها للبنان الشقيق على الأصعدة كافة، وكلي ثقة بأن ولايته ستُعزز وضع لبنان كبلدٍ للتعددية السياسية والتنوع الثقافي الذي تحكمه أسس المشاركة والتوافق بين القوى السياسية المختلفة، وستحفظه بعيداً من أية محاولات لجره والمنطقة إلى ساحة للصراعات المذهبية أو الدينية الغريبة عن منطقتنا، والتي تحاول أن تسلب من منطقة المشرق العربي خصوصيتها التاريخية كساحة تعايش وتلاق بين الأديان والمذاهب. ان لبنان الحر القوي المستقر يعد عامل قوة للأمة العربية. وستجدون منا، أخي فخامة الرئيس ميشال عون، كل الدعم في جهودكم من أجل الحفاظ على الاستقرار في لبنان ومواصلة جهود البناء والتنمية».
ولفت إلى «أننا تباحثنا في سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خصوصاً في المجالات الاقتصادية والتجارية، واتفقنا على أهمية تعزيز التعاون الثلاثي في أفريقيا بغرض الترويج لصناعات البلدين ومنتجاتهما في القارة الأفريقية. وأسعدني أن أستمع من الرئيس ميشال عون إلى رؤيته حول تطوير العلاقات بين بلدينا الشقيقين، والرعاية التي تحظى بها الجالية المصرية المتواجدة في لبنان»، مشيرا إلى أن المباحثات تطرقت أيضاً إلى «العديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب والأزمة السورية وأزمة اللاجئين التي يعاني منها لبنان، كما اتفقنا على ضرورة وقوف الدولتين معاً ضد مخاطر الإرهاب، بحيث أعربتُ لفخامته عن استعداد مصر لدعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف أجهزته الأمنية. وناقشنا أيضاً الاستعدادات الجارية للقمة العربية المقبلة، التي ستستضيفها المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، والتي نعمل جميعاً على إنجاحها في مواجهة التحديات العصيبة التي تواجه الأمة العربية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها».
ورد الرئيس عون بكلمة استهلها بتوجيه دعوة رسمية إلى الرئيس المصري لزيارة لبنان. وقال: «لم آت الى مصر لإرساء علاقات بين بلدينا أو لتحسينها، إنما للتأكيد على علاقات تاريخية منذ النهضة العربية حتى اليوم، لم تعتريها شائبة على الرغم من كل التغيرات والتحولات. فكان هذا اللقاء مناسبة طيبة، للبحث في كيفية تطويرها وتعزيزها وتأمين استمرارها على جميع الأصعدة وفي مختلف القطاعات والمجالات، بما يخدم مصالحنا المشتركة وتطلعات شعبينا. وأكّدنا في هذا الاطار ضرورة توطيد أنشطة اللجنة العليا اللبنانية - المصرية المشتركة، ومتابعة أعمالها، وتفعيل اجتماعاتها بشكل دوري للوصول الى النتائج المرجوة».
وأوضح «أننا تطرّقنا خلال المحادثات الى الوضع العام المضطرب، لا بل الملتهب، في منطقة الشرق الأوسط وفي عالمنا العربي»، مجدداً التأكيد أن «الآمال المعقودة على الدور الذي يمكن لمصر القيام به بقيادة سيادة الرئيس، كبيرة. فمصر الاعتدال والانفتاح، مصر السند والعضد، يمكنها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية تقوم على وضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الارهاب الذي يضرب في أرضنا ويستبيح أهلنا، والعمل على ايجاد الحلول السياسية للأزمات الملحّة في الوطن العربي، وبالأخص في سوريا التي تستعر فيها النار منذ سنوات، وقد طالتنا شظاياها، وألقت نتائجها حملاً كبيراً على كاهلنا، تجلّى بزيادة ما يقارب الخمسين بالمئة من عدد سكاننا». وشدد على أن «العنف وما يستتبعه لا يمكن أن يرسي سلاماً ولا يبني مستقبلاً، بل يباعد الحلول المطلوبة، ويفاقم الانقسامات، ويضاعف التشرذم، ويزيد من مخاطر الفوضى الشاملة».
وأشار الى «أننا توقّفنا طويلاً عند ظاهرة الارهاب التي عانى منها لبنان ومصر الكثير، ودفعا من أبناء شعبيهما الدماء الزكية، فأكدنا أن الأديان السماوية وما تحمله من تعاليم سامية، هي براء من كل أشكال التعصّب والتطرّف والجنوح الى الإرهاب»، معتبراً أن «لا خلاص لبلدينا، اللذين يفتخران بتنوعهما الديني، ولعالمنا العربي من هذا الاجرام الارهابي إلا بالتضامن الكامل في مواجهته، لأن الارهاب لا يميّز بين دول وشعوب وأديان، بل يتبع عقيدة القتل والتدمير، وهي عقيدة منافية لمنطق الحياة، ولثروة الحضارة الانسانية».
أضاف: «أكدنا أيضاً ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية، بما يضمن استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، والتأكيد على حق العودة، ورفض التوطين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس»، متمنياً «لجمهورية مصر الشقيقة المزيد من العزة والازدهار». وأعرب عن «شكر الشعب اللبناني لدور مصر الريادي، ووقوفها الدائم الى جانبه لا سيما في الظروف الصعبة التي اجتازها، ودعمها له في المحافل الدولية والاقليمية».
ثم ردّ الرئيس السيسي شاكراً للرئيس عون دعوته لزيارة لبنان، واعداً بتلبيتها في أقرب فرصة ممكنة.
وبعد المؤتمر الصحافي المشترك، أقام الرئيس المصري مأدبة غداء على شرف الرئيس عون والوفد المرافق حضرها كبار المسؤولين المصريين وتم خلالها استكمال المباحثات.
بطريركية الأقباط الأورثوذكس
وبعد الظهر، زار الرئيس عون مقر بطريركية الاقباط الاورثوذكس في الكاتدرائية المرقسية في القاهرة، حيث عقد لقاء ثنائياً مع بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للاقباط الاورثوذكس تواضروس الثاني، أعقبه لقاء موسع شارك فيه أعضاء الوفد الرسمي المرافق وأساقفة الاقباط الاورثوذكس في مصر والعالم.
في مستهل اللقاء الموسع، رحب البابا تواضرس بالرئيس عون، متمنياً أن تكون زيارته هذه «توطيداً عميق الاثر للعلاقات القائمة بين لبنان ومصر». وثمّن «المحبة الكبيرة التي يكنها المصريون للبنانيين والتي تبلغ ذروتها اليوم، بحيث نشعر كلما أتينا الى لبنان وكأننا حقيقة في مصر»، منوهاً بـ «نموذج العيش المشترك الذي يشكّله لبنان بالنسبة الى العالم العربي والعالم أجمع، وهو يعطي سمة قوية لأهمية التنوع بين الاديان والثقافات». وأشاد بـ«الآمال المعقودة على الرئيس عون كأحد أبرز المساهمين في توطيد هذه الابعاد بما يمثل بشخصه من مثل ورؤية».
وقال: «ان للبنان ورئيسه محبة مميزة وخاصة في قلوبنا. وزيارتكم تعطي رسالة واضحة للعالم عن أهمية تعاون الشعوب والرؤساء والحكومات القائمة على المحبة. ونحن في مصر، نعيش مسيحيين ومسلمين في علاقة طيبة، ومثل هذه المحبة تبني الشعوب وتعلي من شأنها. اما الصراع والعنف فهما من مواليد الشر، ونحن ايماننا يقوم على اعتبار أن المحبة، وهي أولى صفات الله، لا تسقط أبداً».
ورد الرئيس عون بكلمة شكر فيها للبابا تواضروس محبته، مؤكداً أن لبنان «بقي محافظاً على سلامة العلاقات بين مختلف مكوناته وهي من مختلف الديانات والمذاهب، وسيبقى النموذج الذي سيعتمده العالم بعد انقضاء مرحلة التعصب. فلا يمكن أن تبنى علاقات بين البشر من دون المحبة واحترام حق الرأي والاختلاف. ومن هذا المنطلق فإن لبنان الذي يشكّل مركزا هاماً وأساسياً لحوار الحضارات في العالم، لا يزال صامداً ومستمراً».
مشيخة الأزهر
ثم انتقل الرئيس عون والوفد المرافق الى مشيخة الازهر الشريف، حيث كان في استقباله الامام أحمد الطيب ووكيل الازهر عباس شومان والامين العام لمجمع البحوث الاسلامية محي الدين عقبي ورئيس قطاع المعاهد الازهرية محمد الانيف.
وعقد عون والطيب لقاء ثنائيا،تحول بعدها الى موسع حضره الوفد اللبناني وعدد من معاوني الامام، الذي رحب في مستهل بالرئيس عون في مصر، معتبراً أن «زيارته للقاهرة تاريخية وهي داعمة للازهر». ولفت الى أن «لبنان عاد الى عافيته وهو يشكل واحة للتلاقي والالفة والعيش المشترك ونموذجاً عربيا وعالمياً في هذا المجال»، مشيراً الى أنه «ينتظر الكثير من عهد الرئيس عون خصوصاً في العودة الى صبغة لبنان الاصيلة». ودعاه الى حضور مؤتمر سيعقد في القاهرة بين 28 شباط و1 آذار تحت عنوان «المواطنة والعيش المشترك» تشارك فيها 35 شخصية لبنانية، قائلاً: «نحن حريصون على أن يكون للبنان الحضور الابرز في هذا المؤتمر خصوصاً أنه هو خير من يغرّد في هذا السرب وأول من انفتح فكرياً وثقافياً على مصر».
وتمنى للرئيس عون«في هذا الخضم المضطرب من السياسات العالمية التوفيق في قيادة السفينة وسط الصخور». وشكره رئيس الجمهورية على استقباله، متمنياً أن يقوم بزيارة للبنان قريباً. وشددا على «دور الازهر في نشر الاعتدال وروح التسامح في المجتمعات بعيداً من التطرف بما يحمي المجتمعات من الفكر الارهابي».
وفي نهاية اللقاء، قدم الامام الطيب هدية تذكارية للرئيس عون عبارة عن مجموعة من الكتب تتضمن وقائع مؤتمر الازهر العالمي لمواجهة التطرف والارهاب.
وعصراً، استقبل الرئيس عون في مقر اقامته في فندق «ريتز -الكارلتون»، الامين العام الاسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وأجرى معه جولة أفق تناولت الاوضاع العامة في المنطقة.
وخلال لقاءاته في مصر، حرص رئيس الجمهورية على أن تكون الهدايا التي حملها الى المسؤولين المصريين من صناعة وطنية حرفية لبنانية، او لفنانين ورسامين لبنانين لابراز الفن اللبناني وجماليته. وفي هذا الاطار، قدم الى الرئيس المصري لوحة زيتية للفنان جورج صباغ الذي ولد في مصر من عائلة لبنانية. اما هديته للبابا تواضروس فكانت أيقونة للقديسة كاترين شفيعة الاقباط في مصر، أعدتها راهبات دير مار يعقوب المقطّع في دده – الكورة، وهديته الى شيخ الازهر عبارة عن مبخرة فضية من صناعة لبنانية.
عشاء الجالية
وقال عون خلال حفل الاستقبال الذي أقامه القائم بأعمال سفارة لبنان في مصر للجالية اللبنانية على شرفه، في مقر إقامته في فندق نايل ـــ ريتز في القاهرة: «أنا سعيد جداً بالزيارة التي قمنا بها لمصر الشقيقة، والتي أكدت العلاقات الطيبة التي تسود بين مصر ولبنان منذ دهور، وسياسة التفاهم حول ما يمكن لهما أن يتعاونا بشأنه في جميع الميادين».
أضاف: «لقد توصلنا في لبنان الى تفاهم حول وطننا، الذي سنعمل على المحافظة على أمنه واستقراره في الدرجة الأولى، وسنحافظ على كامل فئات شعبه، وسنبنيه معاً، لن نكون حياديين سلبيين، نهرب من العمل، فكلمة النأي بالنفس كلمة لا أحبذ استعمالها، ولكننا سنستخدم موقعنا في محاولة لصنع الخير والوئام بين الدول الشقيقة المتخاصمة، فليقل لنا أحد لماذا العرب هم متخاصمون؟ ولماذا لا نحترم بنود ميثاق الجامعة العربية؟».
ولفت الى أن «حياد لبنان هو حياد إيجابي كي يساعد، لأنه عندما يختلف الأشقاء في ما بينهم، ونقف مع طرف ضد آخر، سنصبح نحن طرفاً في الخصومة»، مذكراً بـ«أننا في لبنان نشكل فسيفساء اسمها الطوائف، التي تضم بدورها مذاهب تمثل مختلف طوائف العالم مع مذاهبها، ونتعايش لأننا لم نكن يوماً ضد حرية المعتقد وحق الاختلاف في الرأي، وعندما نختلف في ما بيننا في لبنان، فنحن نختلف سياسياً، فلا تصدقوا أننا اختلفنا يوماً طائفياً، ولا أحد في لبنان حارب الآخر أو اختلف معه بسبب الديانة».
وفي ختام الحفل، صافح الرئيس عون المدعوين فرداً فرداً، وقد حضروا من مختلف المحافظات المصرية، بينهم نحو 30 ضابطاً من الجيش اللبناني يتابعون دورات تدريبية في مصر.
الوصول
وكانت الطائرة الرئاسية حطت في مطار القاهرة الدولي، عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً، واستقبل رئيس الجمهورية رئيس بعثة الشرف المصرية وزير التجارة والصناعة طارق قابيل وأمين رئاسة الجمهورية كريم الديواني ومدير التشريفات في القاعة الرئاسية، اضافة الى القائم بأعمال السفارة اللبنانية في القاهرة أنطوان عزام، قنصل لبنان العام في الاسكندرية أسامة خشاب، قنصل لبنان في القاهرة كمال أبي راشد، مطران الموارنة في مصر والسودان جورج شيحان ومدير مكتب «طيران الشرق الاوسط» في القاهرة محمد الشرقاوي.
بعد مراسم الاستقبال، توجه الرئيس عون والوزير قابيل بين ثلة من حرس الشرف الى صالون الشرف في المطار، وانتقل بعدها والوفد المرافق الى قصر الاتحادية، وازدانت الطرق الرئيسية للعاصمة المصرية بالاعلام اللبنانية والمصرية تحية للرئيس الضيف.
كما أبرزت مختلف وسائل الاعلام المصرية، ولا سيما الصحف الصادرة اليوم «الاهمية التي تكتسبها زيارة الرئيس عون والوفد المرافق لمصر نظراً الى طبيعة العلاقات اللبنانية - المصرية المميزة على مختلف المستويات». ورأت أنها «تأتي في اطار تعزيز العلاقات العربية وفتح صفحات جديدة في العلاقات التاريخية مع الدول الصديقة».
وأثناء عبور الطائرة الرئاسية الاجواء القبرصية، وجه الرئيس عون برقية الى نظيره القبرصي نيكوس اناستاسيادس تمنى له فيها الهناء للشعب القبرصي الصديق والصحة لشخصه. فرد الرئيس القبرصي ببرقية مماثلة شكره فيها على تمنياته ووجه له التحية، ومن خلاله، الى الشعب اللبناني.
ومن المقرر أن يزور الرئيس عون والوفد الرسمي اليوم المملكة الاردنية الهاشمية تلبية لدعوة من الملك عبد الله الثاني بن الحسين.