عون يوضّح والحريري مُنتظر وجنبلاط يتهم حزب الله وبري يحرّك مناصريه والبلد يتجه نحو الخسران
النهار :
وسط أجواء سياسية ملبدة يثيرها تصاعد المبارزات الحاصلة حول أزمة قانون الانتخاب وقد زادها اضطراباً اللغط الواسع حول الموقف الاخير لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون من سلاح المقاومة، يحيي "تيار المستقبل " اليوم الذكرى الثانية عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري التي لن تقف مفاعيلها وتردداتها عند معاني الذكرى وصاحبها فحسب بل ستتمدد الى القضايا الراهنة التي تشغل البلاد. وستتسم المواقف التي سيعلنها رئيس الوزراء سعد الحريري في هذه المناسبة بأهمية مزدوجة ان لجهة اعادته التشديد على الثوابت التي تحكم مواقف "المستقبل " من القضايا المحورية الاساسية وخصوصا في ظل شركته مع العهد، وان لجهة تحديده مواقفه ومواقف التيار من ملفات ساخنة مطروحة في مقدمها قانون الانتخاب انطلاقا من الاتجاهات التي عبر عنها الحريري اخيرا وشدد عبرها على توافقه مع الرئيس عون على ضرورة وضع قانون انتخاب جديد. وستكون للحريري محطتان متعاقبتان للكلام عن هذه المناسبة، الاولى في مهرجان يقام في الرابعة بعد الظهر في مجمع "البيال" والثانية مساء في مقابلة تلفزيونية عبر محطة "أو تي في " الناطقة باسم "التيار الوطني الحر".
في غضون ذلك، واكبت ردود الفعل على موقف الرئيس عون من سلاح المقاومة زيارته للقاهرة التي شكلت المحطة الثالثة في جولاته العربية بعد الرياض والدوحة والتي سينتقل منها اليوم الى محطته الرابعة في عمان. وبرز في هذا السياق تعليق ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ على موضوع السلاح من خلال تذكيرها بان "قرار مجلس الامن 1701 واضح ويدعو الى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة وانه لا سلاح خارج الدولة". كما اعربت في تصريح لـ"النهار" عن "قلقها "من كلام الرئيس عون" خصوصا اننا على موعد بعد اسابيع مع التقرير الدوري للامين العام حول تنفيذ بنود القرار 1701 والتزام لبنان مفاعيله".
أما الرئيس عون، فاعلن مساء في لقاء مع الجالية اللبنانية في مصر "ان حياد لبنان هو حياد ايجابي كي يساعد لانه حين يختلف الاشقاء في ما بينهم ونقف مع طرف ضد آخر سنصبح نحن طرفاً في الخصومة ولكن اذا فضلنا التفاهم على الانحياز عندئذ نكون نقوم بالامر السليم ". وأبرز اهمية "التفاهم الذي توصلنا اليه حول وطننا الذي سنعمل على الحفاظ على امنه واستقراره في الدرجة الاولى وسنستخدم موقعنا في محاولة لصنع الخير والوئام بين الدول الشقيقة المتخاصمة ".
وكانت المحادثات التي اجراها الرئيس عون مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة تميزت بحفاوة مصرية لافتة بالرئيس اللبناني عبر عنها السيسي بترحيب حار به قائلاً "إن لبنان يحتاج الى خبرتك وزعامتك وقيادتك الحكيمة"، وشدد على ان "لبنان الآمن ضرورة للمنطقة ولسائر الدول العربية". وأبدى استعداد مصر لتعزيز التعاون وتطويره في كل المجالات مشيدا بالتسوية السياسية التي "صنعت في لبنان"، كما أكد استعداد بلاده لدعم قدرات الجيش اللبناني. ودعا الرئيس عون مصر الى "اطلاق مبادرة انقاذ عربية تقوم على وضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الارهاب والعمل على ايجاد الحلول السياسية للازمات الملحة في الوطن العربي وبالأخص في سوريا".
في "الدوامة"
في أي حال، لم تحرف هذه الاجواء الانظار عن أزمة قانون الانتخاب التي تدور في دوامة المراوحة والانسداد. ولعل الجديد البارز فيها أمس تمثل في ايداع رئيس "اللقاء الديموقراطي " النائب وليد جنبلاط رئيس مجلس النواب نبيه بري "بعض الأفكار القابلة للنقاش والتداول كي نخرج من هذه الدوامة التي عنوانها قانون الانتخاب". واذ لم يفصح عن هذه الافكار، حرص على تبديد الانطباعات لدى من وصفهم بـ"كبار المعقبين " بقوله ان "ليس هناك هواجس لدى وليد جنبلاط ولا لدى أهل الجبل على تنوعهم ".
في المقابل برز موقف لرئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع تمسك عبره بالمشروع المختلط بين النظامين الاكثري والنسبي في رد مباشر على الموقف الاخير للامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله الذي طالب بالنسبية الكاملة. وقال جعجع في حديث الى "وكالة الانباء المركزية " ان "المشروع (المختلط) الذي قدمه الوزير جبران باسيل يؤمن نحو 50 نائبا للكتلة النيابية للثنائي المسيحي "القوات " و"التيار الوطني الحر " اي اكثر من ثلث المجلس في حين ينخفض الرقم في مشروع النسبية الكاملة مع تقسيماته المختلفة ومن هنا يجري "حزب الله " الحسابات وهذا هو العامل الحاسم في الموضوع". واكد رفضه لما طرحه السيد نصرالله والتمسك بما طرح في اللجنة الرباعية في مشروع باسيل "أو ما يوازيه ".
الحسيني
في المقابل، دافع الرئيس حسين الحسيني بقوة عن طرح النسبية لقانون الانتخاب كما عن امكان اعتماد الاستفتاء الشعبي المباشر حول قانون الانتخاب وهما الامران اللذان نادى بهما الرئيس عون في الاسابيع الاخيرة. ورد الحسيني في حديث الى برنامج "وجها لوجه" من "تلفزيون لبنان" مساء أمس على القائلين بان الطائف لا يلحظ في نصوصه اعتماد نظام النسبية بقوله إن لا بلد في العالم يتجاوز فيه عدد النواب الاثنين على القاعدة الاكثرية الا ويعتمد النسبية. وشدد على ان "كل العوامل التي يعددها الطائف لصحة التمثيل لا يمكن ان تتوافر الا بالنسبية وان النسبية هي نص صريح جدا في اتفاق الطائف". واضاف انه لا يخشى الفراغ "لاننا في الفراغ واذا لم تقم قوى الامر الواقع في السلطة بوظيفتها بوضع القانون المتطابق مع الدستور نعود الى الشعب ونقوم باستفتاء حول أي قانون انتخاب يريد".
المستقبل :
ليس بعدد أيام الغياب التي تربو على أربعة آلاف ونيف، ولا بتعابير الوجد والفقدان والاشتياق، ولا بتعداد الحشود الوافدة الى الضريح، ولا بعدد المقاعد المتراصفة في البيال، ولا باستفقادة حيث الشعلة تضاء وتلتهب على الطريق البحري، ولا في بساتين صيدا ودوّار طرابلس والطرق التي تأخذ إلى البقاع والجبل والإقليم وغيرها.. يتظهّر الحجم الحقيقي للشوق إلى «الرفيق» الذي منذ حزم الوطن في قلبه واستكان في قلب البلد، بقي عالقاً مثل غصّة في القلوب التي لا تزال على الوعد تترحم وتتصبّر وتأمل خيراً، وكلما عصف شباط برياحين الذكرى تعرى الحلم من وجعه منتفضاً على سنوات الغياب بمزيد من أحلام أرادها الرئيس الشهيد أن تبقى متّقدة في مستقبل ليس فيه دمار وتفرقة وكانتونات وتقاسيم هوجاء. مستقبل يكون بلون السماء، غزيراً كما خير المطر المنهمر في الذكرى، زكياً كما رائحة الرفاق والشهداء الذين حملوا القضية إلى المجد، أولئك الذين ذهبوا إلى الموت في خطى ثابتة، وإليهم تحضر الحشود اليوم من الجهات الأربع، في مناسبة عصية على التجاوز من دون ورود بلون الحب، وأكاليل بلون السلام وشموع بعبق الإيمان.
هناك عند الضريح، يتلاقى أحباب الرئيس هذا الصباح، من كل المذاهب والأديان والأطياف. وكما في كل عام، يحضر العلم وشال الثورة ووردة وشمعة وبادرة خير في أن يزهر حلم الرئيس المزيد من الوفاق والتوافق. الحلم المنحاز دوماً إلى هواء المدينة المفتوح على بحرها، والمنحاز إلى دستور يُحاسب القتلة ويتتبعهم ولو بعد مئة عام، والمنحاز أيضاً إلى الإصرار على الانتقال من حالة الشغور إلى الدولة، والمنحاز إلى جولة على الخط البحري الذي يأخذ إلى السان جورج، وإلى التمثال وإلى الشعلة وإلى البيال عصراً حيث اللقاء المنتظر مع العائلة الصغرى والكبرى.. ومع الرئيس سعد الحريري في كلمة تؤكد على ثوابت الرئيس الشهيد، وخياراته في تغليب مصلحة الوطن على الاعتبارات الشخصية والفئوية، ليلامس في حضور سياسي وشعبي عناوين المرحلة وما آلت إليه الملفات الداخلية وموقف «المستقبل» منها. على أن تكون للحريري كلمة ثانية
متلفزة مساءً، حيث اللقاء يستذكر الأب، الأحلام والإنجازات والمشاريع والوصية المختومة بالبلد الوديعة، وبجلجلة الدرب الذي اختاره الإبن ليبقى البلد كما حلم به الرئيس الشهيد متعالياً على العصبيات، منزّهاً عن الانقسامات، ومنحازاً على الدوام إلى الحوار ولغة العقل والعيش الواحد والمستقبل الذي لا تشوبه غمامات سوداء أو بشائر فتن متنقلة.
وفي الذكرى تكابر الدمعة فوق هتاف شباب ينده ويردد: «عالوعد نكمل دربك». الوعد الذي قطعه الرئيس الشهيد للبلد بأن يبقى الأحلى والأغلى، والوعد الذي قطعه الابن للشهيد والشهداء بأن يبقى البلد محفوظاً في القلب، والوعد الذي قطعه البلد للشهيد والشهداء بألا ينزلق إلى مدارك العتمة والجهل.. ذلك هو «المستقبل» حلمك يا دولة الشهيد، وبعد 12 مرة 14 شباط لا يزال الحلم حاضراً، قوياً، صلباً.. وما زلت تجول في البال والبلد متفقداً، مطمئناً: شو الأحوال؟ شو الأخبار؟
الديار :
تدل المواقف ذات الصلة بقانون الانتخاب على أن هواجس الناىب وليد جنبلاط لا تنسحب على الطائفة الدرزية ككل على خلفية تأييد أخصامه لصيغة النسبية التي يرفضها، رغم أنه يمثل الفريق السياسي الأقوى على الصعد السياسية، الشعبية والإدارية، على حساب هؤلاء داخل الطائفة.
وبعيدا عن المواقف السياسية المضادة لجنبلاط من قبل كل من النائبين طلال أرسلان والسابق فيصل الداود والوزير الاسبق وئام وهاب وقوى متضامنة معهم، فإن واقعا درزيا يتمدد إلى صفوف كل هؤلاء، يعكس صراعاً بين حالتين «درزية وجنبلاطية»، بحيث ان الحالة الدرزية لا تجد ذاتها متماهية الى حد كبير مع مواقف جنبلاط الانتخابية، وهي تجد أن زعيم المختارة يقدم حساباته السياسية بالحفاظ على كتلة نيابية واسعة تضم في صفوفها مسيحيين وسنة إلى جانب أبناء الطائفة بهدف الحفاظ على قوته في المعادلة السياسية كـ«بيضة قبان». في حين أن الحالة الدرزية تتفهم بأن يكون «البيك» مرتاحا، لكن ليس في موازاة حالات من التشنج ترخي بظلالها على منطقة الجبل وأبنائها.
وفي منطق فاعليات هذه الحالة التي تتوزع بين سياسيين ورجال دين، فإن «بني معروف» ليسوا بحاجة حاليا إلى أي مواجهة جديدة سواء كانت سياسية أو عسكرية أو ردات فعل ميدانية، اذا ما أوعز جنبلاط لمؤيديه بتطيير الانتخابات النيابية في الجبل وتعطيل هذا الاستحقاق و«تكسير صناديق الاقتراع».
ويشير هؤلاء الى ان ما يقدم عليه جنبلاط من ردة فعل سياسية تهدف الى تجييش الطائفة الدرزية لاتخاذها متراسا امام المصالح الجنبلاطية، التي لطالما تميز بها، بحيث يقدمها كـ«قميص عثمان» لتحقيق مكاسب خاصة دلت عليها الايام، ولم يجن منها الدروز إلا القليل القليل، بما من شأنه أن يبقي على «حالة تطويعية» لديهم تحد من سعة آفاقهم التي أرساها الراحل كمال جنبلاط، الذي تميز بزهده وتعاليه عن المكاسب الضيقة.
وفي منطق هذه الأوساط، فإن الخطر ليس داهما على الدروز، ولو كان الأمر كذلك لكانوا إلى جانبه في دارة المختارة لدرء أي تهديد، لكن الأمر بات يتطلب سياسة تحييد الدروز الذين يواجهون أكثر من تحد وجبهة.
فمن جهة، لا يزال الحاجز النفسي يفصل بينهم وبين أبناء الطائفة الشيعية على خلفية أحداث أيار 2008، في حين يعيشون المخاطر يوميا في سوريا نتيجة التهديدات المحدقة بهم من جانب كل من النظام السوري والتنظيمات المتطرفة كداعش والنصرة، وما شهدته بلدات إدلب وحوران، مشهد واضح على ما يحيط بهم من استحقاقات.
لذلك تجد هذه البيئة الدرزية الممتدة في كل من قواعد جنبلاط وأرسلان ووهاب، وحتى خارج إطار هؤلاء، ان زعيم المختارة يضع الدروز في عين العاصفة للحفاظ على كتلة نيابية واسعة، رابطا ذلك بأمن الجبل، في حين بينت المواقف السياسية لأقطاب المذاهب الأخرى بأنهم يراعون الزعيم الدرزي ومصالحه إلى أقصى الحدود، وان تصوير الأمر على أن أي قانون انتخاب غير «الستين» يشكل تحديا، في غير مكانه فهو في الأساس يحوز ثلثي المقاعد الدرزية، ويوصل أرسلان إلى الندوة البرلمانية، بما يدل على أن حجمه النيابي «درزيا» لن يتراجع، إنما هو يريد زيادة عديده النيابي من طوائف أخرى.
ويستذكر أركان الحالة الدرزية كيف أن طائفة الموحدين كلها ذابت في شخص جنبلاط من مشايخ و«يزبكيين» وحتى ان بعضهم من أحزاب علمانية قدموا الحالة المذهبية على غرار ما حدث أيام «أحداث الجبل» وفيما بعد «7 أيار » في حين أن الأمر يختلف اليوم عن تلك الفـترات لان التهديدات ليست ذاتها.
ولكن الكلام لدى المحيطين بجنبلاط هو ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد تطويع الزعيم الدرزي من خلال «عصا» حزب الله وفرض قانون انتخاب لا يتحمله الدروز لكونه يؤدي الى ذوبانهم في وقت سريع، وقد بات الواقع الدرزي في حالة غليان الى حد يبدو معه من الصعب تمكن جنبلاط من ضبط ردة الفعل، لكون ابناء الطائفة باتوا على قناعة بأن مخططا يحضر لهم وباتت هذه الدولة غير قادرة على حمايتهم.
ويخشى هؤلاء ان تعيد حالة الضغط على الطائفة الدرزية مشهد ثورة 58 وما بعدها من احداث بحيث تبدأ الشرارة مع جنبلاط وتتوسع في اتجاهات عدة لتصيب تداعياتها كل من يعتبر انه في منأى عن نيرانها، لان المطلوب ان يشعر الدروز بالاطمئنان وسعي جنبلاط لتطعيم كتلته بنواب مسيحيين يندرج في خانة تعزيز المصالحة وعدم تحوله الى فصيل مذهبي، كما يعد ايضا الرئيس سعد الحريري، لتكون البلاد امام كتل نيابية دينية ويتم تفسيخ كافة الطوائف لمصلحة مرشحين يدورون في فلك حزب الله، الذي سيشارك كافة الطوائف في نوابها دون إمكانية اي قوى سياسية مشاركته في نواب من بيئته
ويلفت المحيطون الى الحراك الجنبلاطي في اتجاه الجانب المسيحي الذي يأتي كتظهير لموقفه وتأكيده على ضرورة عدم الانزلاق في مزايدات انتخابية قد يستفيد منها فريق يملك حسابات سياسية ابعد من حرصه على تصحيح التمثيل النيابي في البرلمان المقبل.
الجمهورية :
تحلّ اليوم الذكرى الثانية عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واللبنانيون منذ ذلك الاثنين المشؤوم في 14 شباط من العام 2005، ما يزالون ينتظرون ان ينبلج فجر الحقيقة وتتحقق العدالة بكشف الجناة المجرمين لينالوا القصاص العادل. وستحضر هذه الذكرى بعد ظهر اليوم في الاحتفال المركزي الذي يقام في «البيال» حيث سيلقي الرئيس سعد الحريري خطاباً وُصِف بالمهم، يحدد فيه موقفه من الملفات الداخلية وما يحيط بلبنان من تطورات وأزمات. وقد مهّد له أمس بالتأكيد على انّ «خلافاتنا أحيانا تؤثر فينا، ولكنني اليوم من موقعي لن أسمح للانقسام بأن يعود الى البلد».
اليوم تحلّ ذكرى الشهيد الكبير، ولبنان الذي أراده الشهيد الكبير، كبيراً، عالق في الدوامة؛ أزمات متتالية في شتى المفاصل والمناحي ولا يكاد يخرج من أزمة معقدة إلّا ليدخل في ثانية اكثر تعقيداً، وها هو اليوم غارق يتخبّط في اكثر أزماته حساسية وتعقيداً، والمتمثلة بالقانون الانتخابي الذي بات أشبه بحائط سميك عصيّ على الاختراق، وكل طرف يغنّي على ليلاه وما يناسبه من صيغ وأفكار وتقسيمات.
وبالتالي، فإنّ المحاولات الجارية لتحقيق خرق ولَو طفيف في هذا الحائط، تبدو وكأنها مطروحة على حلبة مصارعة وتجاذب وانقسام لا منفذ لها، أو منها، لا الى ولادة طبيعية لحلول وسطى بصيَغ وتقسيمات انتخابية عادلة، ولا حتى الى ولادة قيصرية تفرض قانوناً بالاكراه.
عون ـ السيسي
في هذه الاجواء، برزت زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى القاهرة ولقاؤه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولقد بحثا في ملفات المنطقة وأبرزها الازمة السورية وازمة النازحين ومكافحة الارهاب إضافة الى العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفيما اكد عون «اننا سنحافظ على أمن لبنان واستقراره وعلى كامل فئات شعبه، وسنبنيه معاً»، اعتبر السيسي «انّ لبنان الحر، القوي، المستقر يُعدّ عامل قوة للأمة العربية». مؤكداً انّ مصر ستواصل تقديم كل الدعم للبنان، ومُبدياً استعدادها «لدعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف اجهزته الامنية للوقوف ضد مخاطر الارهاب».
مكانك راوح
امّا في السياسة الداخلية، فلا جديد نوعياً يمكن ان يسحب لبنان عن طريق الجلجلة التي يسلكها، بل هناك مراوحة ضاربة حتى أعماق الحياة السياسية، وكل شيء مؤجّل الى ما بعد إعادة بناء الهيكل التشريعي عبر الانتخابات النيابية المفترض ان تجري قانوناً أواخر الربيع المقبل، والتي يأمل اللبنانيون ان تحمل معها ربيعاً لبنانياً تنتظم فيه الحياة السياسية وكل المؤسسات.
على انّ الرهان يبقى دائماً على ان تكون ارادة البناء جدية ومجدية وعادلة ومشتركة ومنصفة لكل المكونات. لكنّ نظرة على ارض النقاشات حول القانون الانتخابي، تبيّن انّ الصورة ما زالت معتمة.
وبالتالي، فإنّ أصدق ترسيم لحدود ما بلغته هذه النقاشات، هو أنها ما زالت عند نقطة الصفر، وهو ما حَدا برئيس مجلس النواب نبيه بري الى التأكيد مجدداً على انّ المخرج الوحيد للانسداد الانتخابي الحالي هو الذهاب الى تطبيق الدستور، الذي ينصّ على مجلس شيوخ ومجلس نيابي خارج القيد الطائفي.
ولاحظَ بري امام زّواره ان لا خيارات كثيرة، والاقتراحات والصيغ الانتخابية التي تطرح تتهاوى تباعاً، وبعضها ينازع، لذلك لم يعد أمامنا سوى الوصول الى حلول.
وكرّر بري ان «لا مهرب من الانتخابات النيابية، والتمديد مستحيل، ولذلك صار علينا ان نجرّب الوصول الى صيغ جديدة كالنسبية، لأنّ الافضل للبنان هو ان نتمكن من الوصول الى خيارات تؤمّن الاستقرار الدائم له ولكل الاجيال، وإن لم نَصل الى مثل هذه الخيارات فكأننا نكون شركاء في الحكم على لبنان بأن يبقى في حال التخبّط والإرباك حتى لا أقول الهريان».
جنبلاط
وكان لافتاً أمس، اللقاء بين بري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في عين التينة، وهو اللقاء الاول لرئيس المجلس بعدما استأنف نشاطه السياسي بعد العملية الجراحية التي أجراها قبل ايام.
وأوضح جنبلاط انه سلّم بري «بعض الأفكار القابلة للنقاش في شأن قانون الانتخاب»، نافياً أن يكون لديه أو لدى أهل الجبل «هواجس» كما يقول من سَمّاهم «المعقبّين»، ومُستشهداً ببيت الشعر القائل: «أنام ملء جفوني عن شواردها... ويسهر الخلق جرّاها ويختصم». واطمأنّ جنبلاط إلى موقف السيّد نصرالله بشأن قانون الانتخاب، قائلاً: «نحن في الخط نفسه».
وأوضحت مصادر قريبة من جنبلاط انّ زيارته لبري تأتي من باب التأكيد على الثقة الدائمة به، وما أعلنه بعد اللقاء شديد الوضوح، والغاية الاساسية منه هو إعلام من يجب بأننا لسنا في المكان الذي يعطّل الوصول الى حلّ انتخابي بل نحن في طليعة السّاعين الى قانون عادل، وأكثر من ذلك للتأكيد بأنّ احداً لا يستطيع ان يقرّر عنّا، ولا ان يرمي مسؤولية تعطيل الحل الانتخابي علينا، دُلّونا من هو المتّفق مع من، حتى من يقولون إنهم في صف الحلفاء».
وقال النائب اكرم شهيّب لـ«الجمهورية» انّ كلام جنبلاط «واضح لا لبس فيه، حَدّد الموقف كما هو. وبالتالي، الفرصة مؤاتية للوصول الى تسوية انتخابية لا تلغي احداً، بل تسوية تُنصف الجميع وتحميهم، وليس تسويات تفَصّل على مقاسات».
أضاف: «نثق بالرئيس بري الى أبعد الحدود، فهو صمّام امان وطني وصمّام امان التشريع، وهو الباحث الدائم عن حلول وعن قوانين انتخابية، والساعي دائماً للتواصل بين الجميع. ووليد جنبلاط كان المسهّل الدائم لكل الامور سواء في رئاسة الجمهورية او في الحكومة، فكيف بالحري حول قانون انتخابي عادل ومنصف».
وعكست مصادر سياسية معلومات تفيد بأنّ جنبلاط اكّد في عين التينة موقفه، رافضاً ايّ شكل من أشكال النسبية سواء اكانت جزئية او كلية، مُبدياً في الوقت ذاته استعداده للنقاش في مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي - على رغم انّ هذا المشروع قد تهاوى - ولكن شرط اعتماد تقسيماته على أساس اكثري وليس على اساس نسبي».
واشارت الى انّ مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي الجديد سيلتئم غداً في اوّل اجتماع له بعد انتخابه، للبحث في الملف الانتخابي، وذلك بالتوازي مع تحضير التقدمي لندوة خاصة في وقت قريب حول اتفاق الطائف وكيفيه تناول الطائف لقانون الانتخابات النيابية.
صيغة جديدة
وفي وقت ما زالت تدور فيه النقاشات الانتخابية في دائرة الفشل، تحدثت معلومات عن وجود صيغة جديدة باتت جاهزة للطرح على مائدة البحث.
وعلمت «الجمهورية» انّ الاتصالات واللقاءات ستتكثّف اعتباراً من منتصف الاسبوع الجاري وتشمل مختلف الاطراف من دون استثناء، وذلك لبدء البحث في «صيغة ثلاثية» جديدة بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وهي صيغة مطوّرة عن مشروع المختلط الذي قدّمه الوزير جبران باسيل، تعتمد معياراً وحيداً في كل الدوائر. وسيتولى النائب جورج عدوان تسويق هذه الصيغة مع القوى السياسية.
وكان معنيّون بالملف الانتخابي قالوا لـ«الجمهورية» انّ النقاشات الانتخابية «حتى الأمس القريب، حَكَمها خُبث متبادل، وصيغ وأفكار تطرح لتُرفض، وفي الخلاصة لا اتفاق على شيء بعد، فكل طرف برأي، وكلٌّ يغنّي لمصلحته، فلا توجّه واحداً، ولا اجتماع واحداً. طرف يفصّل لنفسه وعلى مقاسه، وطرفان يفصّلان ما يناسبهما ويحاولان فرضه على الآخرين، هناك دوران مستمر في الفراغ».
وبحسب هؤلاء «فإنّ الأوان آن للخروج من هذه الحالة، والنقاش ربما يكون أجدى في مكان آخر، فها هي الحكومة موجودة وها هو المجلس النيابي موجود فتفضّلوا وناقشوا».
ولفتوا الى أنهم «تارة يقبلون بالنظام الاكثري وتارة يرفضونه. وهكذا لا موقف ثابتاً، وكل طرف يتحدث عن النسبية «على قَدّه وحده» شأنها شأن القوانين المختلطة.
وأساساً هم لا يدركون الى اين هم ذاهبون «صارت النسبيّة متل الغِنيّة». حتى اذا تابعنا ما يقوله الخبراء نجد انّ كل خبير برأي، وكل واحد منهم يفسّر الامر كما يحلو له».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «رهانها على التوافق على قانون جديد للانتخابات لم يسقط، خصوصاً أنّ المساعي ما زالت مستمرة من أجل الوصول إلى هذا القانون، حيث يتم العمل على صيغة مختلط جديدة تأخذ في الاعتبار الملاحظات التي سجّلت على الصيَغ التي كانت قد قدّمت.
وأكدت انّ «القوات» لن توفّر وسيلة من أجل تحقيق التوافق حول القانون العتيد، ولكن في حال تعذّر التوافق لاعتبارات مختلفة مقصودة أم غير مقصودة، فإنّ الجميع سيكون أمام خيار من خيارين: الأول، التصويت في مجلس النواب على القوانين والمشاريع والاقتراحات الانتخابية، والسير بالقانون الذي يحظى بالأكثرية النيابية، وهذا الخيار يشكل تطبيقاً للدستور والمسار الطبيعي والمؤسساتي الذي يجب أن تسلكه الأمور، أي اللجوء إلى التصويت في حال تعذّر التوافق، وبالتالي للمزايدين بالعودة إلى الدستور، فالعودة تكون بالخضوع لشروط اللعبة الديموقراطية فقط.
ـ الخيار الثاني، الدخول في الفراغ في انتظار التوافق على القانون العتيد، والتلويح بالفراغ ليس من باب التهديد فقط، إنما خطوة في غاية الجدية، لأنه ما النفع من انتخابات دورية لا تعكس صحة التمثيل، ولا تجسّد البعد الميثاقي للبنان.
وأضافت: «مخطئ من يراهن على خيار ثالث أكان الستين أو التمديد». وحمّلت المصادر «حزب الله» مسؤولية «إطاحة الصيغة المختلطة التي قدمها الوزير جبران باسيل، خصوصاً بعدما لَمس الحزب احتمال التوافق حولها»، وعَزَت السبب إلى «رفض الحزب أيّ صيغة تُعيد الاعتبار للتمثيل الوطني المسيحي، وتحديداً القواتي، لأنّ الحزب الذي حُشِر رئاسياً وحكومياً يريد تجنّب الحشرة النيابية التي تعيد الاعتبار للوزن الوطني المسيحي، الكفيل بتعزيز مشروع الدولة وتحصينه». ورأت «أنّ سياسة الحزب تدفع البلاد نحو أزمة وطنية يتحمّل منفرداً تداعياتها».
«14 آذار»
وقال قيادي بارز من مستقلّي ١٤ آذار لـ«الجمهورية»: «صحيح انّ الاولوية الزمنية هي للانتخابات النيابية والقانون الذي ستجري على أساسه، ولكن هذا لا يعني جواز تناسي او تغييب الاولوية السياسية والوطنية المتمثلة بالملف السيادي، لا سيما لناحية سلاح «حزب الله».
واشار الى انّ الانتخابات النيابية المقبلة «من شأنها ان تشكّل إعادة إحياء للتوازنات الوطنية في حال حالت نتائجها دون تمكّن الحزب من وَضع يده بنحو كامل على المؤسسات الدستورية، كما من شأنها توجيه ضربة قاسية الى مفهوم الديموقراطية والسيادة الوطنية في حال استكمل الحزب في الانتخابات النيابية ما سبق أن بَدأه في الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة».
واستغرب القيادي «كيف انّ كل التركيز ظلّ على المحاصصات في قانون الانتخاب في حين غابت المواقف الرافضة لوَضع لبنان في مواجهة مع الشرعية الدولية من خلال المواقف التي تغطّي سلاح الحزب خلافاً لقرارات مجلس الأمن الدولي».
اللواء :
تتجه الأنظار اليوم إلى احياء الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، والتي تقام عند الرابعة من بعد ظهر اليوم، تحت شعار: «12 مرّة.. 14 شباط – «المستقبل» حلمك»، وإلى الكلمة التي سيضمنها الرئيس سعد الحريري جملة من المواقف والثوابت تتصل بشؤون وطنية وانتخابية، وأخرى تتعلق بالمسيرة التنظيمية لتيار «المستقبل»، فضلاً عن مواقف ذات صلة بعمل الحكومة وقانون الانتخاب.
وعشية الذكرى، جدد الرئيس الحريري، من موقعه في رئاسة الحكومة التأكيد انه «لن يسمح للانقسام بأن يعود إلى البلد».
وكان النائب طلال أرسلان نقل عن الرئيس الحريري انه على موقفه «بوجوب الخروج بقانون جديد للانتخاب يلخص العدالة والمساواة وصحة التمثيل»، مشيراً آلى ان لا مشكلة لديه إذا كانت قوانين المختلط تؤمن العدالة وصحة التمثيل، مع انه يؤيد النسبية.
ويأتي تأكيد الرئيس الحريري على عدم العودة إلى الانقسامات، ليبعث برسالة تجاوز للمواقف الأخيرة الصادرة عن الرئيس ميشال عون بخصوص سلاح «حزب الله» والتي هي مواقف معروفة، ولا داعي لإثارة جدل انقسامي حولها، باعتبار ان الحكومة ملتزمة بالبيان الوزاري الذي على أساسه نالت ثقة المجلس، وأن الذي يعبر عن الحكومة ويتحدث باسمها هو رئيس مجلس الوزراء.
وأشارت مصادر مطلعة إلى ان الأولوية الآن هي لتحصين البلد، والحفاظ على الاستقرار وإقرار الموازنة وقانون الانتخاب وإعادة تنشيط الدورة الاقتصادية، انطلاقاً من وحدة اللبنانيين ونبذ التطرف وتعزيز تيّار الاعتدال.
وعلى وقع حراك انتخابي وتمايزات بالمواقف من تصريحات الرئيس عون عشية سفره إلى القاهرة، والذي كان أبرز هذا الحراك ما أدلى به النائب وليد جنبلاط بعد عيادته الرئيس نبيه برّي في عين التين، ناقلاً إليه بعض الأفكار في خصوص قانون الانتخاب وتأكيده من ان لا هواجس لديه، وهو ينام مرتاحاً بعدما لمس حرص الرئيس برّي على تنوع لبنان ووحدته، وبعد إشارة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله والتي «تعطينا المزيد من الاطمئنان ونحن في الخط نفسه». ينهي الرئيس عون الجولة الثانية من تحركاته العربية، مساء اليوم بزيارة عمان بعد أن عقد، أمس، قمّة ناجحة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وجه خلالها دعوة إلى الرئيس المصري لزيارة بيروت فوعد الأخير بتلبيتها في أقرب فرصة.
وكان الرئيس عون وصل إلى القاهرة قبل الظهر، على رأس وفد وزاري ضم الوزراء: جبران باسيل، علي حسن خليل، نهاد المشنوق، رائد خوري وبيار رفول، بالإضافة إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وتميزت القمة المصرية – اللبنانية بأنها شكلت مناسبة للتباحث بالمسائل المتعلقة بالعلاقات الثنائية والتبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين، فضلاً عن المسائل الإقليمية والعربية ذات الصلة بالأمن والاستقرار العربيين، انطلاقاً من وحدة الموقف من مناهضة الإرهاب الذي يضرب في مصر وسوريا والعراق وليبيا، وحتى لبنان، فضلاً عن تنقية العلاقات العربية وتوحيد الموقف مما يجري في سوريا والعراق وضرورة الحفاظ على وحدة الدول العربية وكياناتها القائمة وتعزيز مناخات الاعتدال.
وكان الأهم ما كشفه الرئيس عون من ان «مصر الاعتدال والانفتاح بإمكانها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية قوامها استراتيجية مشتركة لمحاربة الإرهاب وإيجاد حلول سياسية لازمات الوطن العربي، والاخص في سوريا».
وكشف الرئيس السيسي ان المباحثات تطرقت إلى مكافحة الإرهاب والازمة السورية وأزمة اللاجئين التي يُعاني منها لبنان، مؤكداً ان مصر على استعداد لدعم قدرات الجيش اللبناني، مشيراً إلى ان بلاده رحّبت بقدرة اللبنانيين على تسوية سياسية صنع في لبنان، مشدداً على ضرورة انعقاد اللجنة المشتركة العليا اللبنانية – المصرية في القاهرة قريباً، لتكون قراراتها عملية، كما أعطى السيسي التوجيهات لاستقبال اعداد إضافية من الضباط اللبنانيين في المعاهد العسكرية المصرية.
والبارز في زيارة الرئيس عون، زيارتيه لكل من البابا تواضروس الثاني، وشيخ الأزهر الامام أحمد الطيب ولقائه الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.
وفيما نوّه بابا الاقباط بالعيش المشترك الذي يشكله لبنان،واشارته إلى ان المسيحيين والمسلمين يعيشون في مصر بعلاقة طيبة، دعا الامام الطيب عون إلى حضور مؤتمر يعقد في القاهرة بين 28 شباط و1 آذار بعنوان «المواطنة والعيش المشترك» تشارك فيه 35 شخصية لبنانية.
وقبل ان يتوجه إلى عمان للقاء العاهل الأردني عبد الله الثاني يحل الرئيس عون، وفقاً لمراسل «اللواء» في القاهرة ربيع شاهين، ضيفاً اليوم على الجامعة العربية وهي «بيت العرب» ضمن برنامج زيارته للقاهرة.
وسيلقي الرئيس عون خطاباً شاملاً في تمام التاسعة صباحاً امام مجلس الجامعة العربية في اجتماعه على مستوى المندوبين الدائمين بحضور أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة، والذي سيلقي كلمة ترحيب هو وكذا نائبه السفير أحمد بن حلي والامناء العامين المساعدين.
وشهدت الجامعة إجراءات أمنية مشددة وترتيبات خاصة لاستقبال الرئيس عون حيث نبهت على وسائل الإعلام الحضور قبل ساعتين من موعد وصول الرئيس عون والوفدالمرافق، فيما تزينت مداخل بيت العرب بباقات الورود والتاندات والمظلات ذات الألوان لاستقبال الضيف الكبير الذي يحل لأول مرّة على مقر الجامعة.
ومن المقرّر ان يستعرض الرئيس عون في خطابه «الشامل» شرح التطورات الداخلية في لبنان وسعيه إلى تحقيق أعلى درجات التوافق الوطني بين مختلف القوى والأحزاب السياسية إلى جانب عرض رؤيته لاستعادة فعالية الجامعة العربية في حل الأزمات العربية وحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي بالدول العربية وتنشيط العلاقات بمختلف المجالات بما يحقق مصالح مواطنيها ودولها، بجانب عرض تصوراته لعلاقات لبنان العربية والدولية ورفضها التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادتها بالإضافة إلى مكافحة الارهاب.
كما يستعرض المعاناة التي يتكبدها الاقتصاد والمجتمع اللبناني باعتباره من دول الجوار الحاضنة لاعداد ضخمة من اللاجئين سواء السوريين أو الفلسطينيين، مما يرى معه أهمية التحرّك بجدية للتسوية السياسية لهذه الصراعات، حتى يتسنى عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم.
الموازنة
ويرأس الرئيس عون غداً الجلسة الثانية لمجلس الوزراء والمخصصة لدرس مشروع الموازنة.
وكشف مصدر وزاري مطلع لـ«اللواء» ان استئناف المناقشة، سيبدأ من ملاحظات الوزراء، حول المشروع الذي اعده الوزير علي حسن خليل.
وأكد وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني لـ«اللواء» أن ما من توجه لزيادة الضرائب على الطبقات المتوسطة والفقيرة، لافتا إلى ان هناك ضرائب على الكماليات وما يعرف بالربح العقاري.
وأوضح أن هناك مسؤولية وطنية وأن هناك فواتير لا بد من أن تدفع .
وتوقع أن تقر سلسلة الرتب والرواتب، لكنه أشار إلى أنه سيصار إلى دفعها بطريقة جزئية أي على دفعتين لأن لا قدرة على تسديدها دفعة واحدة.
ولم يستبعد عقد جلسة بعد غد الخميس في القصر الجمهوري، لكن الوزراء لم يتبلغوا بعد، مؤكدا الجهوزية الكاملة لبحث مشروع الموازنة.
ولعل المشكلة الأساسية التي تواجه مشروع الموازنة هي سلسلة الرتب والرواتب، في ضوء تقديرات مختلفة بين المعنيين حول كيفية تمويل السلسلة، لا سيما للموظفين المدنيين والعسكريين انطلاقاً من صعوبة الأوضاع المالية للخزينة، ورفض فريق رئيس الجمهورية و«حزب الله» زيادة 1 في المائة على T.V.A.
وعلم من مصدر نقابي ان روابط الأساتذة في التعليم ما قبل الجامعي في القطاعين العام والخاص تستعد لخطوات تصعيدية، بدءاً من الخميس المقبل، حيث ستجمع هيئة التنسيق مساء الأربعاء لتقييم مداولات مجلس الوزراء.
سلاح «حزب الله»
في هذا الوقت، استمرت ردود الفعل على تصريحات الرئيس عون لكل من CBC المصرية و«الاهرام» القاهرة، فرأت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ان قرار مجلس الأمن رقم 1701 واضح ويدعو إلى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة، ويؤكد ان لا سلاح خارج الدولة.
وكشف مصدر في «حزب الله» ان مواقف الرئيس عون لم تخرج عن المواثيق الدستورية وبيان حكومة العهد الأولى.
ودعا مصدر مقرّب من 8 آذار كل الأفرقاء إلى مراجعة حساباتهم، لا سيما بالنسبة لقانون الانتخاب، مشيراً إلى انه «نعم للفراغ إذا لم يتم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات»، واصفاً الرئيس عون «بالرجل الوطني»، وبعد كل هذا هل من يسأل لماذا تحدى حزب الله حتى أقرب حلفائه لايصاله إلى قصر بعبدا؟
في المقابل، استغرب قيادي بارز من مستقلي ١٤ آذار الصمت المطبق من جانب اركان من وصفهم بـ»التسوية السياسية» والغياب الكامل لأي ردة فعل من جانبهم على الكلام الصادر عن رئيس الجمهورية لناحية اعتباره ان سلاح حزب الله لا يتناقض مع منطق الدولة اللبنانية.
واشار المصدر الى ان التذرع بوجوب الحفاظ على التسوية السياسية التي بدأت بانتخابات الرئاسة ومرت بتشكيل الحكومة لضمان الاستقرار الداخلي من شأنه ان يؤدي الى نتائج معكوسة لأن عدم تصويب البوصلة السيادية من شأنه أن يضع لبنان في مواجهة الشرعية الدولية والمجتمع الدولي.
وحذر المصدر من ان طلائع ردة الفعل الدولية بدأت مع التذكير بمندرجات القرار ١٧٠١ الصادر عن مجلس الامن الدولي والذي ذكرت بمضمونه ممثلة الامين العام للامم المتحدة في بيروت كاغ لا سيما لناحية ضرورة حل الميليشيات وجمع السلاح وضبط الحدود وغيرها.
وختم المصدر بدعوة رئيس الجمهورية الى وجوب تصويب الموقف والتأكيد على ان ملف سلاح حزب الله لا يزال مسألة خلافية بين اللبنانيين والعمل على وضع استراتيجية دفاعية تحت سقف الدستور وقانون الدفاع تضع حدا لكل سلاح غير شرعي وتبسط سلطة الدولة كاملة على اراضيها بقواها الشرعية حصرا.
الاخبار :
من قصر بعبدا، يؤكد رئيس الجمهورية ميشال عون يومياً موقفه الرافض للإبقاء على قانون الـ2008 (المعروف بالستين) ويؤيد بشكل لا لُبس فيه اعتماد النسبية الكاملة في الانتخابات النيابية. وإذا كان لا بُدّ من تنازلٍ ما يُسهل التوافق، فأقصى ما قد يقبل به عون هو تقسيم لبنان إلى دوائر على أساس النسبية.
ومن حارة حريك، يُطلّ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله ليدعم رئاسة الجمهورية. أمام موقف الحليفين، يُصبح من الصعب أن تُعارض القوى السياسية الأخرى إدخال الإصلاح على قانون الانتخاب، ما سيسمح بتمثيل عادل لغالبية القوى. تضيق الخيارات أمام الأحزاب السياسية، وهي ستكون مُحرجة أمام جمهورها إن رفضت تصحيح الخلل التمثيلي الذي سبّبته القوانين السابقة. ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، لن يكون استثناءً في هذا المجال. فبحسب مصادر مطلعة على المباحثات في ما خص القانون الانتخابي «أصبح جنبلاط أكثر انفتاحاً على النسبية كمبدأ». نصف استدارة يقوم بها زعيم المختارة «وما يريده أن يضمن حصته من خلال التحالفات الانتخابية إن لم يكن القانون هو الضامن». إلا أنّ اكثر ما يستفز جنبلاط حالياً هو رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، «إذ يرى رئيس الاشتراكي أنّ خطاب باسيل وأداءه يستهدفانه، مثلاً حين طالب وزير الخارجية بالعلمانية الشاملة، قرر استهداف جنبلاط دون غيره من خلال القول إنّ رئيس مجلس الشيوخ يكون مسيحياً».
قد لا يكون «انفتاح» جنبلاط على مناقشة النسبية أمراً يُعول عليه، ما دام لم يرقَ بعد إلى مستوى البحث الجدي، ولكنه على الأقل ثغرة في الجدار. انعكس هذا الأمر في الهدوء الذي ظهر به جنبلاط بعد زيارته أمس للرئيس نبيه برّي، فأعلن أنه «وضعت بتصرفه (بري) بعض الأفكار القابلة للنقاش والتداول كي نخرج من هذه الدوامة التي عنوانها القانون الانتخابي». وطمأن «كبار المعقبين، ليست هناك هواجس لدى وليد جنبلاط ولا لدى أهل الجبل على تنوعهم. ونعلم كم الرئيس بري حريص على تنوع لبنان ووحدته وحريص على أهل الجبل وتنوعهم، لذلك ليس هناك هواجس». نائب الشوف أجاب عن سؤال عن إشارة نصر الله في خطابه يوم الأحد إلى أنّ النسبية لا تلغي الدروز، بل تُحافظ عليهم بأنّ «إشارته في محلها، وهي أيضاً تعطينا المزيد من الاطمئنان، ونحن في الخط نفسه».
النائب وائل أبو فاعور رفض في اتصال مع «الأخبار» الإفصاح عن الاقتراحات التي سلّمها جنبلاط لرئيس المجلس النيابي. ولكنه قال إنّ «الاقتراحات في عهدة بري، وهو خير من يؤتمن، وخير من نثق به لحفظ الوحدة الوطنية، وهو خير حافظ لها».
بعيداً عن زيارة جنبلاط لعين التينة، لم تبرز تطورات جديدة في البحث عن قانون جديد للانتخابات. الأزمة حالياً تظهر بالدرجة الأولى لدى تيار المستقبل الذي لا يبدو موحّد الرأي بالنظر إلى مشاريع القوانين. الرئيس سعد الحريري لا يزال مصراً على الرفض المطلق للنسبية. يرى أن النسبية يمكن أن تطيح نحو نصف مقاعد كتلة المستقبل (بالحسابات الحريرية، يدخل في دائرة الخطر من نواب المستقبل مقعدان سنيان، ومقعدان شيعيان ومقعدان علويان، و11 مقعداً مسيحياً). ويزداد الحريري توتراً، لأسباب شتى، أبرزها:
ــ خطاب الرئيس عون المدافع عن حزب الله (راجع عون «حركش» وكر الدبابير: امتعاض «مستقبلي» وإحراج حريري)،
ــ وموقف حزب الله الرافض لأي زيادة ضريبية تطاول الفقراء،
ــ الأزمة الشعبية التي تزداد حدة يوماً بعد آخر، على خلفية ضعف البنية التنظيمية لتيار المستقبل من جهة، والاعتراض على التنازلات التي يقدّمها التيار ولا يجيد تسويقها من جهة أخرى، فتنعكس مزيداً من النزف الشعبي، كما في عكار على سبيل المثال (راجع «الحراك المدني» يفضح هشاشة «المستقبل» في عكار). وأمام هذا الواقع، لا يجد الحريري أمامه سوى التصلب في مفاوضات قانون الانتخاب، وتصعيد الهجوم الإعلامي على حزب الله.
لكن مصادر في تيار المستقبل لا تزال تعبّر بتفاؤل عن قرب التوصل إلى قانون جديد للانتخابات، قبل نهاية الشهر الجاري. ولا تجزم المصادر بالصيغة التي ستُعتمد، «لكن على الطاولة حالياً لا يوجد سوى مشروع (حكومة الرئيس نجيب) ميقاتي». وترى المصادر أن المشكلة في النسبية «ليست في عدد المقاعد السنية التي سنخسرها، والتي من المرجح أن لا تتعدى في نتيجتها النهائية مقعدين إضافيين (يحتسب المستقبليون النواب السنّة الخمسة غير المتحالفين مع التيار الأزرق، ويضيفون إليها ما يمكن أن يخسروه، ويطرحون منها ما يمكن أن يكسبوه كمقاعد البقاع الشمالي وحاصبيا)، بل في خسارة المقاعد المسيحية». إضافة إلى أنّ النسبية «ستسحب من يدنا ورقة التحالفات الانتخابية التي كنا نُعوّل &