تتجه الأنظار اليوم إلى احياء الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، والتي تقام عند الرابعة من بعد ظهر اليوم، تحت شعار: «12 مرّة.. 14 شباط – «المستقبل» حلمك»، وإلى الكلمة التي سيضمنها الرئيس سعد الحريري جملة من المواقف والثوابت تتصل بشؤون وطنية وانتخابية، وأخرى تتعلق بالمسيرة التنظيمية لتيار «المستقبل»، فضلاً عن مواقف ذات صلة بعمل الحكومة وقانون الانتخاب.
وعشية الذكرى، جدد الرئيس الحريري، من موقعه في رئاسة الحكومة التأكيد انه «لن يسمح للانقسام بأن يعود إلى البلد».
وكان النائب طلال أرسلان نقل عن الرئيس الحريري انه على موقفه «بوجوب الخروج بقانون جديد للانتخاب يلخص العدالة والمساواة وصحة التمثيل»، مشيراً آلى ان لا مشكلة لديه إذا كانت قوانين المختلط تؤمن العدالة وصحة التمثيل، مع انه يؤيد النسبية.
ويأتي تأكيد الرئيس الحريري على عدم العودة إلى الانقسامات، ليبعث برسالة تجاوز للمواقف الأخيرة الصادرة عن الرئيس ميشال عون بخصوص سلاح «حزب الله» والتي هي مواقف معروفة، ولا داعي لإثارة جدل انقسامي حولها، باعتبار ان الحكومة ملتزمة بالبيان الوزاري الذي على أساسه نالت ثقة المجلس، وأن الذي يعبر عن الحكومة ويتحدث باسمها هو رئيس مجلس الوزراء.
وأشارت مصادر مطلعة إلى ان الأولوية الآن هي لتحصين البلد، والحفاظ على الاستقرار وإقرار الموازنة وقانون الانتخاب وإعادة تنشيط الدورة الاقتصادية، انطلاقاً من وحدة اللبنانيين ونبذ التطرف وتعزيز تيّار الاعتدال.
وعلى وقع حراك انتخابي وتمايزات بالمواقف من تصريحات الرئيس عون عشية سفره إلى القاهرة، والذي كان أبرز هذا الحراك ما أدلى به النائب وليد جنبلاط بعد عيادته الرئيس نبيه برّي في عين التين، ناقلاً إليه بعض الأفكار في خصوص قانون الانتخاب وتأكيده من ان لا هواجس لديه، وهو ينام مرتاحاً بعدما لمس حرص الرئيس برّي على تنوع لبنان ووحدته، وبعد إشارة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله والتي «تعطينا المزيد من الاطمئنان ونحن في الخط نفسه». ينهي الرئيس عون الجولة الثانية من تحركاته العربية، مساء اليوم بزيارة عمان بعد أن عقد، أمس، قمّة ناجحة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وجه خلالها دعوة إلى الرئيس المصري لزيارة بيروت فوعد الأخير بتلبيتها في أقرب فرصة.
وكان الرئيس عون وصل إلى القاهرة قبل الظهر، على رأس وفد وزاري ضم الوزراء: جبران باسيل، علي حسن خليل، نهاد المشنوق، رائد خوري وبيار رفول، بالإضافة إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
وتميزت القمة المصرية – اللبنانية بأنها شكلت مناسبة للتباحث بالمسائل المتعلقة بالعلاقات الثنائية والتبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين، فضلاً عن المسائل الإقليمية والعربية ذات الصلة بالأمن والاستقرار العربيين، انطلاقاً من وحدة الموقف من مناهضة الإرهاب الذي يضرب في مصر وسوريا والعراق وليبيا، وحتى لبنان، فضلاً عن تنقية العلاقات العربية وتوحيد الموقف مما يجري في سوريا والعراق وضرورة الحفاظ على وحدة الدول العربية وكياناتها القائمة وتعزيز مناخات الاعتدال.
وكان الأهم ما كشفه الرئيس عون من ان «مصر الاعتدال والانفتاح بإمكانها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية قوامها استراتيجية مشتركة لمحاربة الإرهاب وإيجاد حلول سياسية لازمات الوطن العربي، والاخص في سوريا».
وكشف الرئيس السيسي ان المباحثات تطرقت إلى مكافحة الإرهاب والازمة السورية وأزمة اللاجئين التي يُعاني منها لبنان، مؤكداً ان مصر على استعداد لدعم قدرات الجيش اللبناني، مشيراً إلى ان بلاده رحّبت بقدرة اللبنانيين على تسوية سياسية صنع في لبنان، مشدداً على ضرورة انعقاد اللجنة المشتركة العليا اللبنانية – المصرية في القاهرة قريباً، لتكون قراراتها عملية، كما أعطى السيسي التوجيهات لاستقبال اعداد إضافية من الضباط اللبنانيين في المعاهد العسكرية المصرية.
والبارز في زيارة الرئيس عون، زيارتيه لكل من البابا تواضروس الثاني، وشيخ الأزهر الامام أحمد الطيب ولقائه الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى.
وفيما نوّه بابا الاقباط بالعيش المشترك الذي يشكله لبنان،واشارته إلى ان المسيحيين والمسلمين يعيشون في مصر بعلاقة طيبة، دعا الامام الطيب عون إلى حضور مؤتمر يعقد في القاهرة بين 28 شباط و1 آذار بعنوان «المواطنة والعيش المشترك» تشارك فيه 35 شخصية لبنانية.
وقبل ان يتوجه إلى عمان للقاء العاهل الأردني عبد الله الثاني يحل الرئيس عون، وفقاً لمراسل «اللواء» في القاهرة ربيع شاهين، ضيفاً اليوم على الجامعة العربية وهي «بيت العرب» ضمن برنامج زيارته للقاهرة.
وسيلقي الرئيس عون خطاباً شاملاً في تمام التاسعة صباحاً امام مجلس الجامعة العربية في اجتماعه على مستوى المندوبين الدائمين بحضور أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة، والذي سيلقي كلمة ترحيب هو وكذا نائبه السفير أحمد بن حلي والامناء العامين المساعدين.
وشهدت الجامعة إجراءات أمنية مشددة وترتيبات خاصة لاستقبال الرئيس عون حيث نبهت على وسائل الإعلام الحضور قبل ساعتين من موعد وصول الرئيس عون والوفدالمرافق، فيما تزينت مداخل بيت العرب بباقات الورود والتاندات والمظلات ذات الألوان لاستقبال الضيف الكبير الذي يحل لأول مرّة على مقر الجامعة.
ومن المقرّر ان يستعرض الرئيس عون في خطابه «الشامل» شرح التطورات الداخلية في لبنان وسعيه إلى تحقيق أعلى درجات التوافق الوطني بين مختلف القوى والأحزاب السياسية إلى جانب عرض رؤيته لاستعادة فعالية الجامعة العربية في حل الأزمات العربية وحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي بالدول العربية وتنشيط العلاقات بمختلف المجالات بما يحقق مصالح مواطنيها ودولها، بجانب عرض تصوراته لعلاقات لبنان العربية والدولية ورفضها التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادتها بالإضافة إلى مكافحة الارهاب.
كما يستعرض المعاناة التي يتكبدها الاقتصاد والمجتمع اللبناني باعتباره من دول الجوار الحاضنة لاعداد ضخمة من اللاجئين سواء السوريين أو الفلسطينيين، مما يرى معه أهمية التحرّك بجدية للتسوية السياسية لهذه الصراعات، حتى يتسنى عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم.
الموازنة
ويرأس الرئيس عون غداً الجلسة الثانية لمجلس الوزراء والمخصصة لدرس مشروع الموازنة.
وكشف مصدر وزاري مطلع لـ«اللواء» ان استئناف المناقشة، سيبدأ من ملاحظات الوزراء، حول المشروع الذي اعده الوزير علي حسن خليل.
وأكد وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني لـ«اللواء» أن ما من توجه لزيادة الضرائب على الطبقات المتوسطة والفقيرة، لافتا إلى ان هناك ضرائب على الكماليات وما يعرف بالربح العقاري.
وأوضح أن هناك مسؤولية وطنية وأن هناك فواتير لا بد من أن تدفع .
وتوقع أن تقر سلسلة الرتب والرواتب، لكنه أشار إلى أنه سيصار إلى دفعها بطريقة جزئية أي على دفعتين لأن لا قدرة على تسديدها دفعة واحدة.
ولم يستبعد عقد جلسة بعد غد الخميس في القصر الجمهوري، لكن الوزراء لم يتبلغوا بعد، مؤكدا الجهوزية الكاملة لبحث مشروع الموازنة.
ولعل المشكلة الأساسية التي تواجه مشروع الموازنة هي سلسلة الرتب والرواتب، في ضوء تقديرات مختلفة بين المعنيين حول كيفية تمويل السلسلة، لا سيما للموظفين المدنيين والعسكريين انطلاقاً من صعوبة الأوضاع المالية للخزينة، ورفض فريق رئيس الجمهورية و«حزب الله» زيادة 1 في المائة على T.V.A.
وعلم من مصدر نقابي ان روابط الأساتذة في التعليم ما قبل الجامعي في القطاعين العام والخاص تستعد لخطوات تصعيدية، بدءاً من الخميس المقبل، حيث ستجمع هيئة التنسيق مساء الأربعاء لتقييم مداولات مجلس الوزراء.
سلاح «حزب الله»
في هذا الوقت، استمرت ردود الفعل على تصريحات الرئيس عون لكل من CBC المصرية و«الاهرام» القاهرة، فرأت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ان قرار مجلس الأمن رقم 1701 واضح ويدعو إلى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة، ويؤكد ان لا سلاح خارج الدولة.
وكشف مصدر في «حزب الله» ان مواقف الرئيس عون لم تخرج عن المواثيق الدستورية وبيان حكومة العهد الأولى.
ودعا مصدر مقرّب من 8 آذار كل الأفرقاء إلى مراجعة حساباتهم، لا سيما بالنسبة لقانون الانتخاب، مشيراً إلى انه «نعم للفراغ إذا لم يتم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات»، واصفاً الرئيس عون «بالرجل الوطني»، وبعد كل هذا هل من يسأل لماذا تحدى حزب الله حتى أقرب حلفائه لايصاله إلى قصر بعبدا؟
في المقابل، استغرب قيادي بارز من مستقلي ١٤ آذار الصمت المطبق من جانب اركان من وصفهم بـ»التسوية السياسية» والغياب الكامل لأي ردة فعل من جانبهم على الكلام الصادر عن رئيس الجمهورية لناحية اعتباره ان سلاح حزب الله لا يتناقض مع منطق الدولة اللبنانية.
واشار المصدر الى ان التذرع بوجوب الحفاظ على التسوية السياسية التي بدأت بانتخابات الرئاسة ومرت بتشكيل الحكومة لضمان الاستقرار الداخلي من شأنه ان يؤدي الى نتائج معكوسة لأن عدم تصويب البوصلة السيادية من شأنه أن يضع لبنان في مواجهة الشرعية الدولية والمجتمع الدولي.
وحذر المصدر من ان طلائع ردة الفعل الدولية بدأت مع التذكير بمندرجات القرار ١٧٠١ الصادر عن مجلس الامن الدولي والذي ذكرت بمضمونه ممثلة الامين العام للامم المتحدة في بيروت كاغ لا سيما لناحية ضرورة حل الميليشيات وجمع السلاح وضبط الحدود وغيرها.
وختم المصدر بدعوة رئيس الجمهورية الى وجوب تصويب الموقف والتأكيد على ان ملف سلاح حزب الله لا يزال مسألة خلافية بين اللبنانيين والعمل على وضع استراتيجية دفاعية تحت سقف الدستور وقانون الدفاع تضع حدا لكل سلاح غير شرعي وتبسط سلطة الدولة كاملة على اراضيها بقواها الشرعية حصرا.