وسط أجواء سياسية ملبدة يثيرها تصاعد المبارزات الحاصلة حول أزمة قانون الانتخاب وقد زادها اضطراباً اللغط الواسع حول الموقف الاخير لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون من سلاح المقاومة، يحيي "تيار المستقبل " اليوم الذكرى الثانية عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري التي لن تقف مفاعيلها وتردداتها عند معاني الذكرى وصاحبها فحسب بل ستتمدد الى القضايا الراهنة التي تشغل البلاد. وستتسم المواقف التي سيعلنها رئيس الوزراء سعد الحريري في هذه المناسبة بأهمية مزدوجة ان لجهة اعادته التشديد على الثوابت التي تحكم مواقف "المستقبل " من القضايا المحورية الاساسية وخصوصا في ظل شركته مع العهد، وان لجهة تحديده مواقفه ومواقف التيار من ملفات ساخنة مطروحة في مقدمها قانون الانتخاب انطلاقا من الاتجاهات التي عبر عنها الحريري اخيرا وشدد عبرها على توافقه مع الرئيس عون على ضرورة وضع قانون انتخاب جديد. وستكون للحريري محطتان متعاقبتان للكلام عن هذه المناسبة، الاولى في مهرجان يقام في الرابعة بعد الظهر في مجمع "البيال" والثانية مساء في مقابلة تلفزيونية عبر محطة "أو تي في " الناطقة باسم "التيار الوطني الحر".
في غضون ذلك، واكبت ردود الفعل على موقف الرئيس عون من سلاح المقاومة زيارته للقاهرة التي شكلت المحطة الثالثة في جولاته العربية بعد الرياض والدوحة والتي سينتقل منها اليوم الى محطته الرابعة في عمان. وبرز في هذا السياق تعليق ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ على موضوع السلاح من خلال تذكيرها بان "قرار مجلس الامن 1701 واضح ويدعو الى نزع سلاح كل الجماعات المسلحة وانه لا سلاح خارج الدولة". كما اعربت في تصريح لـ"النهار" عن "قلقها "من كلام الرئيس عون" خصوصا اننا على موعد بعد اسابيع مع التقرير الدوري للامين العام حول تنفيذ بنود القرار 1701 والتزام لبنان مفاعيله".
أما الرئيس عون، فاعلن مساء في لقاء مع الجالية اللبنانية في مصر "ان حياد لبنان هو حياد ايجابي كي يساعد لانه حين يختلف الاشقاء في ما بينهم ونقف مع طرف ضد آخر سنصبح نحن طرفاً في الخصومة ولكن اذا فضلنا التفاهم على الانحياز عندئذ نكون نقوم بالامر السليم ". وأبرز اهمية "التفاهم الذي توصلنا اليه حول وطننا الذي سنعمل على الحفاظ على امنه واستقراره في الدرجة الاولى وسنستخدم موقعنا في محاولة لصنع الخير والوئام بين الدول الشقيقة المتخاصمة ".
وكانت المحادثات التي اجراها الرئيس عون مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة تميزت بحفاوة مصرية لافتة بالرئيس اللبناني عبر عنها السيسي بترحيب حار به قائلاً "إن لبنان يحتاج الى خبرتك وزعامتك وقيادتك الحكيمة"، وشدد على ان "لبنان الآمن ضرورة للمنطقة ولسائر الدول العربية". وأبدى استعداد مصر لتعزيز التعاون وتطويره في كل المجالات مشيدا بالتسوية السياسية التي "صنعت في لبنان"، كما أكد استعداد بلاده لدعم قدرات الجيش اللبناني. ودعا الرئيس عون مصر الى "اطلاق مبادرة انقاذ عربية تقوم على وضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الارهاب والعمل على ايجاد الحلول السياسية للازمات الملحة في الوطن العربي وبالأخص في سوريا".
في "الدوامة"
في أي حال، لم تحرف هذه الاجواء الانظار عن أزمة قانون الانتخاب التي تدور في دوامة المراوحة والانسداد. ولعل الجديد البارز فيها أمس تمثل في ايداع رئيس "اللقاء الديموقراطي " النائب وليد جنبلاط رئيس مجلس النواب نبيه بري "بعض الأفكار القابلة للنقاش والتداول كي نخرج من هذه الدوامة التي عنوانها قانون الانتخاب". واذ لم يفصح عن هذه الافكار، حرص على تبديد الانطباعات لدى من وصفهم بـ"كبار المعقبين " بقوله ان "ليس هناك هواجس لدى وليد جنبلاط ولا لدى أهل الجبل على تنوعهم ".
في المقابل برز موقف لرئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع تمسك عبره بالمشروع المختلط بين النظامين الاكثري والنسبي في رد مباشر على الموقف الاخير للامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله الذي طالب بالنسبية الكاملة. وقال جعجع في حديث الى "وكالة الانباء المركزية " ان "المشروع (المختلط) الذي قدمه الوزير جبران باسيل يؤمن نحو 50 نائبا للكتلة النيابية للثنائي المسيحي "القوات " و"التيار الوطني الحر " اي اكثر من ثلث المجلس في حين ينخفض الرقم في مشروع النسبية الكاملة مع تقسيماته المختلفة ومن هنا يجري "حزب الله " الحسابات وهذا هو العامل الحاسم في الموضوع". واكد رفضه لما طرحه السيد نصرالله والتمسك بما طرح في اللجنة الرباعية في مشروع باسيل "أو ما يوازيه ".
الحسيني
في المقابل، دافع الرئيس حسين الحسيني بقوة عن طرح النسبية لقانون الانتخاب كما عن امكان اعتماد الاستفتاء الشعبي المباشر حول قانون الانتخاب وهما الامران اللذان نادى بهما الرئيس عون في الاسابيع الاخيرة. ورد الحسيني في حديث الى برنامج "وجها لوجه" من "تلفزيون لبنان" مساء أمس على القائلين بان الطائف لا يلحظ في نصوصه اعتماد نظام النسبية بقوله إن لا بلد في العالم يتجاوز فيه عدد النواب الاثنين على القاعدة الاكثرية الا ويعتمد النسبية. وشدد على ان "كل العوامل التي يعددها الطائف لصحة التمثيل لا يمكن ان تتوافر الا بالنسبية وان النسبية هي نص صريح جدا في اتفاق الطائف". واضاف انه لا يخشى الفراغ "لاننا في الفراغ واذا لم تقم قوى الامر الواقع في السلطة بوظيفتها بوضع القانون المتطابق مع الدستور نعود الى الشعب ونقوم باستفتاء حول أي قانون انتخاب يريد".