منذ ما بعد دخول حزب الله إلى سوريا والقتال جنبا الى جنب مع جنود الاسد، وما فرضه هذا التطور من اختلاط يومي مع ضباط وجنود ومسؤولي النظام البعثي، تلمسنا تحولات سلبية ضخمة على مصطلحات ومفردات جمهور حزب الله، انعكس بوضوح على صفحاتهم الفيسبوكية وسلوكياتهم في المدن والقرى والجامعات .
بقى خطر هذه "الثقافة الاسدية" دون المعتد به طالما أنه لم يتجاوز القواعد التحتية، ولم تصل إرهاصاته الى مواقع القيادة في حزب الله، وبقيت محصنة بحسب الظاهر بأدبيات وثقافة خطابية تفرضها الخلفية الدينية والتربية المحافظة، فضلا عن البروتوكولات المعمول بها عرفا، بغض النظر عن صحة الخيار السياسي أو عدمه .
الملفت بالموضوع هو ما نشهده في الفترات الأخيرة من تحول خطابي إنحداري، وصل حتى رأس الهرم داخل الحزب، وبتنا نسمع بكلمات وعبارات لم نتعود عليها حتى في أقسى مراحل الصراع مع العدو الصهيوني! فلطالما خاطب سماحة الامين العام لحزب الله، قادة العدو بـ "السيد نتنياهو"، و "جنرالات العدو" حتى أنه أشار في إحدى خطبه على لا مانعية ذكر فضيلة من الفضائل التي يمكن أن تتمتع بها إسرائيل حتى وإن كانت عدو، وفي خضم الحرب 2006 كان يتوجه بكلامه إلى "السيدة رايس "
إقرأ أيضًا: بشار الأسد يفضح الثورة الإيرانية
أما مؤخرا، وبعد أصحاب الكروش، والتنابل، وغيرها من مستحدثات العبارات الدخيلة، أكثر ما لفتني بالأمس ليس هو المطالبة بقانون النسبية العادل حتى ولو كانت هذه المطالبة هي لمآرب أخرى، ولا هو الاهتمام المفاجيء بمعاناة النازحين السوريين الذي لعب الحزب دورا كبيرا في نزوحهم، أو رفضه الضرائب على الفقراء وإشارته من بعيد عن الفساد والهدر للمال العام،
يبقى أن ما صدمني من جديد هو نعته لرئيس أميركا بـ "الاحمق" !!! وبغض النظر عن أصل فكرة التصعيد مع أميركا وأنه يأتي على خلفية التوتر الحاصل مع النظام الايراني، ولا ناقة للبنان به ولا جمل، يبقى أن السقوط بهذه المفردات لا تعكس قوة المنطق ولا ثبات الدليل، وتنبيء فقط عن حجم التأثر "بالثقافة الاسدية", وهذا ليس من شيم سماحة السيد ولا نرضاه له حتى وان كنا نختلف معه .