دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، الأحد، الحكومة اللبنانية إلى التنسيق مع الحكومة السورية لإعادة النازحين إلى مناطقهم بعدما باتت “مساحات كبيرة” في سوريا “آمنة وهادئة”.
ويشكل اللاجئون السوريون ضغطا ديمغرافيا سنيا، يخشى حزب الله من إطالة أمده، باعتباره سيؤثر بالتأكيد على التركيبة الطائفية في لبنان، وهذا ما لا يخدم أجندة الحزب.
واعتبر نصرالله في خطاب متلفز ألقاه في ذكرى أسبوع وفاة أحد قادة الحزب، أن ملف النازحين السوريين في لبنان بات “ملفا ضاغطا”، مشيرا إلى أنه “من واجب اللبنانيين أن يتعاطوا إنسانيا مع هذا الملف بمعزل عن الاعتبارات السياسية وبمعزل عن المخاوف”.
ودعا الحكومة اللبنانية إلى أن “تضع المكابرة جانبا وتقرر وتدرس جديا كيف تجري اتصالا رسميا.. مع الحكومة السورية” من أجل “وضع خطة واحدة لأن هذا أمر لا يمكن أن يعالجه لبنان لوحده والتسول لن يحل مشكلتنا”.
والعلاقة بين الحكومة اللبنانية سواء الحالية برئاسة سعد الحريري أو السابقة بقيادة تمام سلام مقطوعة مع دمشق منذ انطلاق الأزمة السورية رغم وجود السفير السوري في لبنان.
وجاءت تصريحات نصرالله بعد أيام من تشديد الرئيس اللبناني ميشال عون على ضرورة إيجاد حل جذري للاجئين السوريين، معتبرا أن إقامة مناطق آمنة داخل سوريا وبالتنسيق مع دمشق قد تكون الآن الحل الأمثل لذلك.
ويتشارك حزب الله والتيار الوطني الحر هاجس اللاجئين السوريين، وسبق وأن أعلنا رفضهما لخطط لتوطينهم في لبنان، باعتبار أن ذلك سيعزز الثقل الديمغرافي للطائفة السنية في لبنان.
الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وعلى خلاف حليفه الرئيس ميشال عون يعارض إقامة مناطق آمنة في سوريا
ويعتبر الحزب الشيعي هذا الأمر خطا أحمر لأنه بذلك سيفقد بالتأكيد إمكانية السيطرة كليا على البلد، حتى وإن كان يملك السلاح.
ويعيش في لبنان أكثر من مليون نازح سوري على أراضيه، وفق ما أعلنته المفوضية العليا للاجئين، ويتركز معظمهم في المناطق الحدودية وأيضا في شمال لبنان.
وهناك أيضا الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين موجودون في لبنان منذ عقود، ويمثلون كتلة ديمغرافية سنية وازنة، لطالما تسببت في الكثير من الأزمات السياسية، وهي بدورها تقلق حزب الله الذي يتحدث عن الدفاع عن قضيتهم لكنه يرفض توطينهم، بما في ذلك الأجيال المولودة في لبنان.
وبالتالي فالحزب المثقل بالخسائر المادية والبشرية التي تكبدها ولا يزال في سوريا، يخشى حين عودته إلى لبنان من أن يواجه “طوفانا” سنيا يرفض الانبطاح لسياساته الطائفية العدوانية.
وقال الأمين العام لحزب الله إن الخيارات المتاحة حاليا هي أن “نتعاون ليعود أغلب هؤلاء النازحين إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم وألا يكونوا نازحين أو لاجئين في الخيم أو في الطرقات”، مشددا على أن ذلك يجب أن يحصل “من موقع الإقناع وليس من موقع الإجبار”.
ويرى نصرالله الذي يقاتل حزبه في سوريا منذ العام 2013، ويعد أبرز داعمي النظام، أن “الانتصارات العسكرية في سوريا وآخرها انتصار حلب فتحت الباب أمام مصالحات وطنية داخلية (..) في سوريا وحولت مساحات كبيرة إلى مساحات آمنة وهادئة”.
وتمكن الجيش السوري وحلفاؤه وبينهم حزب الله من السيطرة على كامل مدينة حلب (شمال) في 22 ديسمبر، بعدما كانت تعد معقلا للمعارضة منذ 2012، كما نجح النظام في السيطرة على العديد من القرى المحيطة بدمشق وفي حمص، عبر مصالحات كانت أقرب إلى الابتزاز، من خلال تضييق الخناق عليها الأمر الذي اضطر أهلها ومسلحي المعارضة إلى التنازل والخروج منها.
ويبدو أن نصرالله وعلى خلاف الرئيس ميشال عون يعارض إقامة مناطق آمنة في سوريا، سواء بتنسيق مع الحكومة السورية أو من دونها، وهو ما ظهر في إشارته إلى وجود مساحات آمنة واسعة في سوريا استعادها النظام، ويمكن أن يعود إليها النازحون.
ويخشى حزب الله من أن تكون المناطق الآمنة التي طرحها في وقت سابق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستهدف وجوده وراعيته إيران.
وأعرب نصرالله عن استعداده بحكم علاقات حزبه “المتينة” بالقيادة السورية، لأن “نكون في خدمة الحكومة اللبنانية إذا قررت أن تتصرف إنسانيا ووطنيا في ملف النازحين”.
وتوترت العلاقة الرسمية بين سوريا ولبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، وتوجيه نجله رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري وحلفائه أصابع الاتهام إلى دمشق.
وبعد اندلاع النزاع السوري في مارس 2011، انقسمت الساحة اللبنانية بشدة بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له.