سباق على أشدّه بين المشاورات السياسية حول قانون الانتخاب والمهل الدستورية، عشره أيام فقط تفصلنا عن الموعد الدستوري لدعوة الهيئات الناخبة، في حين لم تظهر بعد أي بوادر لاتفاق ما على قانون الانتخاب الجديد كما ان رئيس الجمهورية لم يوقع المراسيم الخاصة بدعوة الهيئات الناخبة .
وقالت صحيفة النهار الصادرة اليوم أن المواقف السياسية المتضاربة والمعلنة من أزمة قانون الانتخاب تعكس حقيقة لا تجد من يتجرأ على الجهر بها خشية تعميق المأزق وهي تتمثل في بداية انزلاق جدي نحو تجاوز المهل القانونية والاتجاه نحو أزمة أكبر تتهدد الاستحقاق الانتخابي برمته. ذلك ان الاصوات المبشرة أو المتفائلة بامكان التوصل الى قانون انتخاب جديد في الاسبوعين المقبلين أو الأيام العشرة الاخيرة الفاصلة عن 21 شباط الجاري لا تزال تبدو محصورة بطرفي "تفاهم معراب" أي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" وحدهما دون سائر القوى والافرقاء السياسيين الأمر الذي يشكل لغزاً محيراً يصعب معه تقليل هذا الاصرار على توقع اختراق اللحظة الحاسمة ولكن أيضاً من دون اسقاط احتمال اخفاق محاولات تعويم الحل التوافقي وتعويم الصيغ التجريبية المطروحة التي تتساقط تباعاً الواحدة منها تلو الأخرى.
وأضافت النهار أن المأزق متجها نحو مزيد من الغموض والتعقيد على رغم ان اللقاءات والمشاورات الكثيفة الجانبية التي حصلت خلال عطلة عيد القديس مارون ومن ثم في مناسبة تقاطر الشخصيات الرسمية والسياسية الى بشري لتقديم التعازي الى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بوفاة والدته لم يغب عنها هاجس الانسداد الذي تصطدم به المحاولات لتحقيق اختراق في جدار الأزمة.
إقرأ أيضًا: شرعنة الإستيطان ومصادرة أراضٍ فلسطينية جديدة بغياب عربي كامل
وقالت مصادر في اللجنة الرباعية التي نيط بها البحث في مشاريع القوانين الانتخابية والتي يبدو عملها معلقاً امس لـ"النهار" ان لا جديد في المساعي الجارية بعد توقف عمل اللجنة وان السمة البارزة للمناخ السياسي الذي يغلف المأزق تتمثل في استمرار التمترس وراء المواقف المتضاربة من الطروحات الانتخابية المتداولة. ولعل اللافت في كلام المصادر انها بدأت تقلل شأن مأزق المهل القانونية بدءاً من موعد 21 شباط لدعوة الهيئات الناخبة وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات عملاً بمقتضيات قانون الستين النافذ بحجة ان مسألة المهل يمكن درسها والعمل على معالجتها قبل 20 حزيران موعد انتهاء ولاية مجلس النواب. وفي رأيها ان معالجة المهل ممكنة بقانون جديد يلحظ مهلاً جديدة، أو بتعديل مهل القانون النافذ علماً ان الخيار الثاني يستتبع حكماً التمديد للمجلس من أجل انضاج قانون جديد، ولكن ليس ثمة أي اتفاق بعد على أي اتجاه. ذلك أنه في ظل تصلب الاتجاهات المؤيدة للنسبية الكاملة كما يعبر عنها "حزب الله " وبعض حلفائه والرفض المقابل للنسبية المطلقة كما يعبر عنه "تيار المستقبل" و"اللقاء الديموقراطي" من شأنهما ان يجعلا الحد الفاصل في الحسابات السياسية مصير الانتخابات النيابية كلا وليس قانون الستين فقط، وخصوصاً مع تنامي المخاوف من تساقط المهل القانونية تباعاً.
ويبرز التفاوت الواسع بين التقديرات السياسية في اصرار قوى كتيار "المستقبل" و"القوات " على التمسك بصيغة مختلطة جديدة، فيما ارتفعت في الآونة الاخيرة اسهم تعويم مشروع القانون الذي اقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي دعا أمس في مؤتمر صحافي الى تبني هذا المشروع باعتباره " الأنسب وأفضل الممكن ويعطي الاقليات حق التمثيل ويؤمن الشركة". واذا كان الموقف الواضح لـ"حزب الله " من ملف قانون الانتخاب سيتحدد في الكلمة التي سيلقيها غدا الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله فان المعطيات المتوافرة تشير الى ان الحزب بات يردد في المشاورات الجارية ان مشروع حكومة الرئيس ميقاتي القائم على النسبية الكاملة في 13 دائرة انتخابية هو في رأيه الأنسب ويترك مجالاً لامكان تعديل عدد الدوائر بما يتناسب وتأمين التوافق السياسي.
لكن رئيس الوزراء سعد الحريري رفض التسليم بمنطق المهل الداهمة وأكد أمس من بشري التي زارها لتقديم التعازي لرئيس حزب "القوات " متابعة العمل الحكومي "بجهد كبير" في الملف الانتخابي قائلاً: "لا شيء داهما ونحن نعمل لاقرار قانون جديد".